حرس المؤتمر الوطني يفشل في أول محاولة لإخلاء مقره من الجرحى

رئيس لجنة الدفاع في البرلمان: ليبيا مرتع لمخابرات العالم

جمعة السائح
TT

أصيب المقر الرئيسي للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) في العاصمة الليبية طرابلس، بقذيفتين صاروخيتين وسقط أربعة أشخاص جرحى في محاولة فاشلة قامت بها قوات الجيش الليبي لإخراج عشرات الجرحى والثوار الذين احتلوا مقر المؤتمر منذ الخامس من الشهر الماضي للمطالبة بتحسن أوضاعهم المعيشية والصحية.

وأجل المؤتمر عقد جلسته أمس بعد إخفاق أول محاولة من نوعها لإخلاء المقر من المعتصمين بداخله، فيما قالت مصادر مطلعة إن هناك إجماعا من قبل أعضاء المؤتمر على عدم عقد أية جلسات خارج مقر المؤتمر وقاعته الرسمية بأحد فنادق العاصمة طرابلس.

وكان مقررا أن يعرض الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني مؤتمرا صحافيا مساء أمس لعرض هذه التطورات المفاجئة على الشارع الليبي في محاولة لحشد الشارع إلى جانب المؤتمر الذي يضم 200 عضو.

وتكررت على مدى الشهور الماضية عملية اقتحام مقر المؤتمر من قبل متظاهرين في عدة مناسبات، لكن احتلال الجرحى للمقر يمثل على ما يبدو أزمة هي الأعنف من نوعها منذ تأسيس المؤتمر عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر يوليو (تموز) الماضي.

واضطر المؤتمر على مدى الأسابيع الأربعة الماضية إلى تأجيل جلساته أو عقدها في خيمة أو بقاعة جانبية وسط تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور علي زيدان على استعادة الهيبة المفقودة لمختلف مؤسسات الدولة.

وروى جمعة السائح رئيس لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني تفاصيل عملية الاقتحام، مشيرا إلى أن المؤتمر اتخذ قرارا بالإجماع قبل أربعة أيام في اجتماع عقده بضرورة إخلاء المقر من العناصر التي دخلت من الجرحى مبتوري الأطراف وتم توكيل المهمة إلى الحرس الرئاسي الذي يتولى تأمين المقر وحماية أعضائه.

وقال السائح في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس: «حاول الحرس مساء أول من أمس دخول مقر المؤتمر لإخلاء المعتصمين لكن يبدو أن هناك جهة أخرى تدخلت لحماية المعتصمين والوقوف معهم فحدث تبادل لإطلاق النار وهناك أكثر من 3 أشخاص مجروحين».

وأضاف: «حدث تبادل لإطلاق نار بين الجهة التي تسللت إلى داخل المقر وصعدت إلى أعلى المقر وحاولت إطلاق النار على الحرس الرئاسي وتم ضرب القاعة الرئيسية للمؤتمر بقذيفتين من صواريخ الآر بي جي».

وتابع السائح: «في اعتقادي هؤلاء الضحايا الجرحى مدفوع بهم من جهة لا تريد لليبيا أن تقوم لها قائمة أو تكون هناك دولة، كلما تقدمنا خطوة في اتجاه الاستقرار، تدخلت هذه الجهة لإثارة الفوضى، ومن دفعوا بهؤلاء الضحايا هم من تدخلوا لسكب الزيت على النار».

وبعدما نفى تورط أعضاء من المؤتمر في دخول المعتصمين إلى مقر المؤتمر الشهر الماضي، لفت إلى أن هناك فئات أخرى وصفها بأنها غير شرعية هي التي تقف ضد إخلاء المقر.

وتابع: «هناك ثلاث أو أربع فئات لا تريد لهذه الدولة أن تقوم، يمكن اختصارها في بقايا النظام السابق، ومن تم إخراجهم من السجون بواسطة نفس النظام، بالإضافة إلى أشخاص لا علاقة لهم بالوطن وانتماؤهم للنهب والسلب، (وهؤلاء) في حالة وجود دولة مكانهم السجن أو النواصي في الشوارع».

ومضى السائح إلى القول: «هناك أصابع أجنبية خارجية لا تريد لليبيا أن تقوم لها قائمة، سعوا لتحريك عملائهم في الداخل، ليبيا الآن وبكل أسف أصبحت مرتعا لكل مخابرات العالم وهناك كثيرون تحركهم المادة وأهواؤهم الشخصية».

وأوضح أن بعض أعضاء المؤتمر التقوا مع رئيسه المقريف أمس، وقرروا ضرورة العمل على إخراج المتسللين وحماية المقر لأنه يمثل شرعية الستة ملايين مواطن ليبي، مشيرا إلى أن المشاكل المتعلقة بوضع الجرحى تعمل على حلها جهات الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية بينما المؤتمر جهة تشريعية.

وقلل السائح من المخاوف المتعلقة بإمكانية حدوث مجزرة إذا ما كررت قوات الحرس الرئاسي للمؤتمر محاولة إخلاء مقره بقوة السلاح من الجرحى المعتصمين. وقال: «لو كانت النوايا حسنة، فالأمر بسيط وسهل، لكنهم مدفوع بهم لإحداث الفوضى».

وأضاف: «في اعتقادي لو خلصت النوايا من وزارتي الداخلية والدفاع الأمر سيكون هينا ونحن تجنبنا منذ البداية إخراجهم حتى لا تكون فتنة ويقال هاهم الجرحى الذين أسقطوا نظام العقيد الراحل معمر القذافي يتعرضون للعدوان من قبل أعلى سلطة تشريعية في البلاد».

وزاد قائلا: «لكي نكون واضحين هناك أطراف داخلية وخارجية وقفت منذ البداية ضد قيام الجيش والشرطة ولا زالت إلى هذه اللحظة تضع كل جهدها لعرقلة حدوث هذا الأمر المهم، مما دفعنا أكثر من مرة إلى أن نطلب من الشارع ومؤسسات المجتمع المدني مساعدتنا على حسم وحل هذه المعضلة».

وقال المؤتمر الوطني في بيان أصدره أمس إن القوة المنفذة لعملية الاقتحام تلقت أوامر بالانسحاب حتى لا تتأزم الأمور، مشيرا إلى أن محاولة إخلاء مقره بطرابلس جاءت تنفيذا للقرار الصادر عن المؤتمر بإخلاء القاعة من المبتورين والجرحى لأنه لا داعي لاستمرار بقائهم بقاعة المؤتمر بعد إصدار قرار يضمن لهم حياة كريمة ومرتب 3500 دينار ليبي، والعلاج على حساب المجتمع وبيتا تتكفل الدولة ببنائه وتذاكر سفر لمدى الحياة بنصف الثمن.

وأضاف: «ومع ذلك لم يغادروا القاعة مما اضطر أعضاء المؤتمر لإصدار قرار بإخلاء القاعة مساء أول من أمس دون استعمال القوة».

وأوضح البيان أن ما حدث كان إجراء من قبل المجموعة المكلفة بإخلاء القاعة لمحاورة المعتصمين وطلب مغادرتهم القاعة إلا أن هؤلاء الشباب قاموا بتحطيم محتويات القاعة وإلقائها على الأفراد المكلفين بإخلائها كما تم رميهم بالرصاص وبشكل عشوائي وبأسلحة مختلفة وتم على أثرها إصابة 3 أفراد من الحرس الوطني وآخر في حالة صحية حرجة. ودعا المؤتمر إلى تنفيذ اللائحة الداخلية التي تنظم عمله، والتي تنص على العمل وبشكل فوري على إخراج المعتصمين في القاعة، معتبرا أنه ليس هناك أي مبرر لاستمرار اعتصامهم وعرقلة عمل المؤتمر والاستمرار في عقد جلسات المؤتمر في قاعته الرئيسية لمناقشة الاستحقاقات التي لا تتحمل التأخير ولا التأجيل، على حد قول البيان.