شي يتسلم رئاسة الصين غدا تحت شعار الابتعاد عن «الأنانية» ومحاربة «الفساد»

محللون يرون أن الحزب الحاكم على المحك.. وحتمية تلبيته للتوقعات الشعبية

الرئيس الصيني هو جينتاو (يسار) وخليفته المقبل شي جين بينغ خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

قال شي جين بينغ رئيس الحزب الشيوعي الحاكم في الصين في تصريحات نشرت، أمس، إن الحزب سيتمكن من الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيسه خلال 8 سنوات، إذا تعلم مسؤولوه من حكماء الماضي الذين ابتعدوا عن الأنانية، موجها ضربة أخرى للفساد.. في وقت يلتقي فيه آلاف النواب من جميع أنحاء الصين هذا الأسبوع للمصادقة على نقل السلطة إلى القادة الجدد.

ومن المقرر أن يخلف شي جين بينغ الرئيس الصيني هو جينتاو في مؤتمر الشعب الوطني السنوي الذي ينعقد في بكين، غدا (الثلاثاء)، وجعل شي من محاربة الكسب غير المشروع المنتشر هدفا رئيسيا منذ توليه رئاسة الحزب والجيش في نوفمبر (تشرين الثاني).

كما من المقرر أن يتولى لي كيكيانغ رئاسة الوزراء خلفا لوين جياباو، في حين يحتفل الحزب الشيوعي بمرور مائة عام على تأسيسه عام 2021، قبل عام من انتهاء فترة الولاية الثانية لشي، ومدتها 5 أعوام، وتنحيه من منصب رئيس الحزب.

وقال شي في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى 80 لتأسيس مدرسة الحزب المركزية، التي تدرب المسؤولين الصاعدين، إنه «من الممكن الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس الحزب الشيوعي، وأيضا على تأسيس جمهورية الصين الشعبية، فقط إذا استمر كل أعضاء الحزب في تعزيز قدراتهم»، بحسب وكالة «رويترز».

وتعد مصادقة النواب على نقل السلطة إلى القادة الجدد الخطوة الأخيرة في عملية تسليم للسلطة من هو جينتاو إلى شي جين بينغ، ومن لوين جياباو إلى لي كيكيانغ، بعد 4 أشهر من تولي الأخيرين السلطة في الحزب الحاكم وتعهدهما بالقضاء على الفساد في الحكومة، والحفاظ على مصادر رزق الشعب بشكل أكبر، وهما الفكرتان اللتان روج لهما الإعلام الحكومي.

وسينهي تعيين شين رئيسا للبلاد رسميا، أشهرا من حالة الغموض بعد تعيينه زعيما للحزب الشيوعي في نوفمبر (تشرين الثاني)، بحسب ما أفاد به جان بيير كابيستان الأستاذ في جامعة هونغ كونغ المعمدانية.

وقال كابيستان: «هناك فترة 4 إلى 5 أشهر تشل البلاد جزئيا، لأن القادة لا يستطيعون مواصلة العمل بالطريقة السابقة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويعتبر منصب شي في الحزب الشيوعي مصدر قوته الحقيقي، إلا أن تعيينه رئيسا سيمنحه دورا أوضح، وسيمكنه من القيام بزيارات دولة إلى الخارج. وسيتبنى اجتماع نواب البرلمان أيضا مشاريع قوانين ويصادق على التوجهات المقبلة للحكومة، بما في ذلك إعادة تنظيم البيروقراطية الحكومية التي سيتم خلالها دمج عدد من الوزارات.

ويتوقع أن يلغي البرلمان كثيرا من الوزارات، من بينها وزارة السكك الحديدية المتعثرة، في محاولة لتنظيم البيروقراطية الحكومية، إلا أنه من غير المرجح أن تكبح هذه التغيرات الشركات الحكومية التي تعارض بقوة إصلاحات السوق، بحسب كابيستان، الذي أضاف: «لا يزال من غير الواضح إذا كان ذلك سيعني أننا سنشهد انفتاحا أكبر على السوق وانخفاض الاحتكارات.. لا أعتقد أنه سيتم تطبيق إصلاحات أساسية».

وقد يحاول الحزب الشيوعي الحاكم معالجة النظام الذي يقضي بإرسال مرتكبي المخالفات البسيطة إلى معسكرات العمل دون محاكمة، بعد أن تعرض هذا النظام لانتقادات بسبب إساءة استغلاله من قبل الحكومات المحلية واستخدامه لقمع أي انشقاق.. لكن درجة الإصلاحات لا تزال غير واضحة.

وزار شي وعدد من كبار المسؤولين القرى الفقيرة، في إطار مساعيهم لرفع مستويات المعيشة والتخفيف من عدم المساواة بين المدن والأرياف الذي يشكو منه الصينيون. وللتأكيد على الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية التي تعتبر مهمة للنمو الاقتصادي على المدى الطويل، اختار شي مدينة شينزهين الجنوبية التي أطلقت فيها الصين مساعيها لتحديث البلاد قبل أكثر من 30 عاما، للقيام بأول جولة رسمية له بعد توليه زعامة الحزب.

إلا أنه من المرجح أن تواجه أي رغبة في تطبيق إصلاحات جذرية، ضرورة التوصل إلى قرارات توافقية، والتغلب على المخاوف من إحداث تغيير كبير يمكن أن يقوض الحزب من خلال زعزعة شبكات المحسوبية.

وتردد أن شي حذر مسؤولين خلال زيارته للمناطق الجنوبية من خطر السماح بتفكك الحزب، كما حدث في الاتحاد السوفياتي، وقال إن تطبيق إصلاحات على غرار تلك التي طبقها الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف يمكن أن يقوض سيطرة الشيوعيين على البلاد.

وتحدث شي عن شن حملة على عمليات النصب التي تغضب الشعب، وقال إنها يمكن أن «تقتل الحزب»، وهدد باستهداف كبار المسؤولين الضالعين فيها.

ورأى سكوت كينيدي مدير مركز الأبحاث للسياسة والأعمال في الصين في جامعة إنديانا ومقرها في بكين أنهم «يحاولون تحسين نظام الحكم لكي يبقى الحزب في السلطة»، وسيتحدث رئيس الوزراء الجديد علنا عن هذه المخاوف بعد اختتام جلسة البرلمان، عندما يعقد أول مؤتمر صحافي له لهذا العام.

ويرى محللون أن على القادة الصينيين البدء بتلبية التوقعات، وإلا فإنهم سيواجهون تزايدا في الاستياء بسبب الفساد وانعدام المساواة والتلوث وغيرها من المشكلات. وتسبب عدد من الأحداث في مشاعر الإحباط عند الصينيين منذ تولي لي السلطة، ومن بينها الرقابة على الإعلام ودعم الصين لكوريا الشمالية بعد تجربتها النووية الأخيرة. وقال كيندي إن «وجود آمال عالية يمنحهم فسحة وشهر عسل يمكنهم فيها عمل الكثير»، وأضاف: «إذا جاء الخريف المقبل ولم يترجم الكلام إلى تغييرات حقيقية، فإنني أعتقد أن رد الفعل السلبي سيكون قويا جدا».

ويوجد في الصين الآن 317 مليارديرا، أي خُمس إجمالي أعدادهم على مستوى العالم، وتسعى البلاد إلى أن تحل محل الولايات المتحدة باعتبارها أكبر سوق للسيارات الفاخرة في العالم بحلول عام 2016.. لكن الأمم المتحدة تقول إن 13 في المائة من السكان، البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة، ما زال دخلهم يقل عن 1.25 دولار يوميا.