نواب أميركيون يسعون لمنع المعونة عن مصر

مشروع قانون لتعليق المساعدات العسكرية

TT

نظرا للقلق بشأن عدم الاستقرار السياسي في مصر والأزمة التي تواجهها الموازنة الأميركية، يتزايد عدد المشرعين الأميركيين الذين يتساءلون عن الحكمة من تقديم مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار إلى مصر، مشيرين إلى أن إعادة النظر في هذه السياسة قد تأخرت كثيرا. ويقول المشرعون إن مساعدات واشنطن، التي تشمل أساطيل كبيرة من دبابات «إم 1 إيه 1» وطائرات «إف 16»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية بسبب عدم القدرة على توقع أفعال ومواقف الحكومة المصرية التي يقودها الإخوان المسلمون وعلاقتها المثيرة للقلق مع إسرائيل.

من المقرر مناقشة المساعدات التي تقدمها واشنطن إلى مصر، إحدى الدول الكبيرة في الشرق الأوسط، والذي تتزايد حدة الجدل بشأنها، نهاية الأسبوع الحالي خلال لقاءات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، مع المسؤولين المصريين في القاهرة. وأوضح كيري أن التخلي عن مصر سيكون خطأ، لكن سيكون عليه التعامل مع الدعوات الواضحة إلى مراجعة السياسة التي تم وضعها منذ عقود في سياق سياسي مختلف تماما. وقدم منتقدو مصر في مجلس النواب ومجلس الشيوخ خلال العام الحالي مشروعات لقوانين تسعى إلى تعليق أو إلغاء المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر. وفي الوقت الذي لم تحظ فيه هذه القوانين بدعم واسع النطاق، جذبت الحجج التي عززها الكثيرون، كما أوضح أعضاء في الكونغرس خلال مقابلات. وتساءل عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، فيرن بوكانان، قائلا: «لماذا ندفع المليارات إلى مصر في الوقت الذي أرى أنها ليست صديقة لأميركا؟». وقدم مؤخرا مشروع قانون يدعو إلى تعليق المساعدات العسكرية والمدنية المقدمة إلى مصر. وأضاف: «نحن نغرق في بحر من الديون. لماذا ننفق الكثير من المال في بقعة من العالم لا يحبنا أهلها؟».

أما في مجلس الشيوخ، دعا جيمس إنهوف، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أوكلاهوما، والعضو الجديد في لجنة القوات المسلحة، في 31 يناير (كانون الثاني) إلى تعليق المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر والتي تتضمن أسطولا من 20 طائرة «إف 16» ستشحن خلال العام الحالي. وقال إنهوف إن تعليق المساعدات سيكون بمثابة رسالة قوية إلى الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. لقد سعى مرسي إلى تقييد سلطة الجيش الذي يعد فخر البلاد، وتاريخيا مؤسسة علمانية حافظت على علاقات جيدة حكيمة مع إسرائيل. وقال إنهوف في بيان يشرح فيه مشروع القانون: «الجيش المصري صديقنا، أما مرسي فعدونا». وانضم بضعة أعضاء ديمقراطيين، من بينهم عضو مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا وعضو لجنة العلاقات الخارجية، جوان فارغاس، إلى المحاولات التي يقودها الجمهوريون.

وقال فارغاس في مقابلة: «سأكره أن أرى الأسلحة الأميركية المتقدمة مثل طائرات (إف 16) تستخدم ضد إسرائيل. لقد رأينا ذلك في الماضي، ويمكن أن يتكرر هذا خاصة في ظل النظام المتشدد بمصر». وتعد مصر وإسرائيل أكبر دولتين تتلقيان مساعدات أميركية منذ عام 1979 عندما توسطت واشنطن في اتفاق السلام الشهير بين الدولتين. ولا تزال اتفاقية كامب ديفيد الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.

إن ضمان استمرار القاهرة في التمسك بشروط الاتفاقية، التي لا تحظى بشعبية في الشارع المصري، هو الدافع الأساسي لاستمرار تقديم إدارة أوباما للمساعدات.

ومع ذلك للولايات المتحدة مصالح أخرى من بينها استمرار حركتها في قناة السويس، التي تربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط. إنها كذلك تريد مساعدة مصر في استعادة النظام في شبه جزيرة سيناء الشاسعة، التي تمتد على الحدود مع إسرائيل، والتي أصبحت مرتعا للإسلاميين المسلحين. وكتب ديفيد أدامز، مساعد وزير الخارجية للشؤون التشريعية في خطاب إلى إنهوف بتاريخ 8 يناير (كانون الثاني): «الحفاظ على هذه العلاقة والمساعدة في تطوير قدرات القوات المسلحة المصرية من اهتماماتنا الأساسية في المنطقة، لا تزال مصر تلعب دورا مهما في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. منذ أداء مرسي للقسم خلال الصيف الماضي، شهدت فترته الرئاسية موجات من الاحتجاجات، وسلسلة من الهجمات على القوات المسلحة في سيناء، واتهامات باحتكاره للسلطة، مثله مثل سلفه الحاكم السابق حسني مبارك، الذي تم خلعه في فبراير (شباط) عام 2011 عقب اندلاع ثورة شعبية، بحسب (واشنطن بوست) أمس».

ويتبنى منتقدون آخرون للمساعدات، ومن بينهم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أريزونا، جون ماكين، وجهة نظر أكثر اعتدالا مفادها أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تعلق المساعدات، بل تعدل مساعداتها العسكرية إلى مصر، فعوضا عن تقديم طائرات مقاتلة ودبابات، من الأفضل للقاهرة الحصول على وسائل متطورة لمكافحة التمرد والإرهاب، كما يرى ماكين وآخرون.

على الجانب الآخر قالت ميشيل دون، مديرة مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط: «تسير الإدارة الأميركية في علاقتها العسكرية بشكل تلقائي، وتدير الدبلوماسية مع نظام مرسي بالطريقة نفسها التي كانت تديرها مع نظام مبارك». وعملت مديرة المركز في السابق بوزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي. وتضيف: «السياسة مرتبكة». ولم ترد وزارة الخارجية على طلبنا بالتعليق على الأمر.