فياض يقبل استقالة قسيس بعد أن رفضها عباس

الخلاف على موازنة 2013 وراء قرار وزير المالية الفلسطيني

TT

فاجأ رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، وزراءه، بقبول استقالة وزير المالية نبيل قسيس، التي قدمها له السبت، وكان رفضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) فورا.

وقال فياض لوزرائه في اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس، إنه قبل استقالة قسيس وإنه مشكور على جهده.

جاء ذلك بعد ساعات فقط من إعلان الرئاسة الفلسطينية رفضها الاستقالة، في مؤشر على خلاف بين المؤسستين، الرئاسة ورئاسة الوزراء، وسوء تنسيق في المواقف.

وكان قسيس عين وزيرا للمالية في منتصف مايو (أيار) الماضي، بتدخل من الرئيس الفلسطيني الذي طلب من فياض ذلك مباشرة، بعدما ظل فياض محتفظا بالمنصب لـ6 أعوام تسلم فيها رئاسة الحكومة كذلك، منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007.

وعرض فياض كتاب استقالة قسيس على الوزراء وأسبابها، وقال إنه يشكره «على كل ما أنجزه في مواقع المسؤولية المختلفة التي تولاها، وعلى ما قدمه بتفان وإخلاص من خدمة جليلة لشعبنا».

ولم تؤثر استقالة قسيس على مناقشة مسودة قانون الموازنة لعام 2013، بل واصل فياض مناقشتها مع الوزراء في محاولة لإنجازها قبل منتصف الشهر الحالي.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الموازنة كانت السبب الرئيسي وراء استقالة قسيس.

وأراد قسيس موازنة يخفض فيها الإنفاق إلى أكبر حد ممكن، وكان يفكر بإحالة آلاف للتقاعد المبكر ووقف العمل بجدول غلاء المعيشة والترقيات، وصرف بدل مواصلات للموظفين، من بين خطوات تقشف أخرى، وهي الاقتراحات التي قوبلت بانتقادات شديدة من قبل النقابات، طالته شخصيا، وسرعان ما توجت باتفاقات معاكسة لما يريده قسيس، بين النقابات والحكومة الفلسطينية.

وتوقع قسيس نفسه عجزا في العام الجديد قد يصل إلى 1.375 مليار دولار.

وأقر قسيس في لقاء مع صحف ووكالات محلية، أن من بين الاقتراحات التي تضعها الحكومة، «وقف زيادة الراتب السنوي، وتجميد علاوة غلاء المعيشة السنوية، وتجميد التوظيف وضبطه إلى الحد الأدنى الممكن، وتطبيق التقاعد المبكر، واتخاذ إجراءات جدية لفحص وجود موظفين يتلقون رواتب ويتغيبون عن وظائفهم واتخاذ إجراءات بشأنهم، وتخفيض صرف الإقراض، الذي تقوم الخزينة بدفعه عن استهلاك فواتير مختلفة».

وعندما سئل عن الأموال التي يمكن أن يوفرها ذلك إلى خزينة الحكومة، قال «المبلغ المتوقع قد يصل إلى 350 مليون دولار».

وخرجت السلطة من العام الماضي بديون كبيرة رغم إعلانها مرارا خطط تقشف ووقف التوظيف والترقيات وفرض قوانين ضريبية سابقة.

وأكد قسيس أن موازنة 2012 أغلقت بمديونية عالية وصلت لنحو 400 مليون دولار، منها 200 مليون فوائد للبنوك و200 مليون دولار للموردين من القطاع الخاص.

ووصلت مديونية السلطة بشكل عام إلى أكثر من 3 مليارات دولار، مليار للخارج، ومليار ونصف المليار للداخل (البنوك والموردين)، ومليار لصندوق التقاعد.

وكان يفكر قسيس بسنة مالية أفضل، لكن يبدو أنه أمام استمرار إفلاس خزينته، وبعد أن وجد نفسه وزيرا بلا صلاحيات حقيقية ومباشرة فضل أن يقدم استقالته، خصوصا بعد الاتفاق بين الحكومة والنقابات الذي جاء صادما لخططه.

وكان من شأن القوانين التي يفكر فيها قسيس أن تزيد من الأزمة بين الموظفين والحكومة بعد قليل من تنفس الحكومة الصعداء إثر إضرابات حاصرتها لأشهر طويلة لم ينتظم فيها الدوام في الوزارات والمدارس والمستشفيات.

ووصف محللون ومراقبون استقالة قسيس بأنها انعكاس واضح لحجم الأزمة الداخلية التي تعيشها السلطة وانعدام البدائل المالية أمامها.

وتمر السلطة بأزمة مالية خانقة منذ عامين. واستفحلت الأزمة مؤخرا، بعدما حجبت إسرائيل أموال الضرائب المخصصة للسلطة قبل أن تفرج عنها هذا الشهر إثر القلق من انتفاضة فلسطينية ثالثة.

وقال بيان لمجلس الوزراء الفلسطيني أمس، إنه سيكثف اجتماعاته والحوارات التي يجريها مع ممثلي كافة مكونات المجتمع من أجل ضمان إنجاز الموازنة قبل نهاية الشهر الجاري.

ورحب المجلس بالاتفاق الذي تم مع النقابات، بما في ذلك صرف العلاوات، وتعيين موظفين بدلاء، ومشاركة النقابات في لجنة تعديل قانون الخدمة المدنية.