بن حلي: عناصر وطنية ومعتدلة داخل نظام الأسد يمكن أن يكونوا محاورين جادين

نائب أمين الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط»: قمة الدوحة ستبحث الملف الفلسطيني والليبي

TT

حذر نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي بعض قادة المعارضة السورية من خطورة ما وصفه بـ«الجري خلف مواقف دولية لن يخدمهم»، مشددا على أن تجاهل «بعض المسؤولين السوريين للجامعة العربية لا يخدم سوريا». وقال بن حلي في حوارمع «الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد في القضية السورية أجندة واحدة، وهذا يدفعني للعودة مرة أخرى للحل الصحيح الذي طرحته الجامعة العربية». وأعرب بن حلي عن اعتقاده بوجود من سماهم «مجموعات وطنية ومعتدلة» داخل النظام السوري الحالي للرئيس بشار الأسد، يمكن أن يكونوا محاورين جادين إذا خلصت النوايا وأصبحت المصلحة العليا لسوريا هي الهدف، لافتا إلى أنه إن لم يتم التوصل لحل في هذه المرحلة فقد تسير سوريا في اتجاه مجهول.

وكشف بن حلي عن أهم الموضوعات المدرجة على القمة العربية المقرر انعقادها في الدوحة الشهر الجاري، مشيرا إلى أن الاجتماع الوزاري العربي المقرر انعقاده يومي 6 و7 من الشهر الجاري سوف يبحث تطورات الملف الفلسطيني في ضوء موافقة الأمم المتحدة على منح فلسطين وضع الدولة المراقب. وقال بن حلي إن الاجتماع الوزاري يبحث أيضا «عودة الوجود العربي إلى ليبيا خاصة في ظل وجود الدول الغربية هناك وغياب الوجود العربي، إضافة لهذا مسألة ضبط الحدود في ظل حديث غربي عن المشاركة في هذا الأمر».

وأشار إلى أن قضية تطوير الجامعة ستكون من بين الملفات المهمة المطروحة على الاجتماع الوزاري وقمة الدوحة، خاصة أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي سيقدم تقريرا متكاملا للقمة بشأن رؤية أعدتها اللجنة العربية للتطوير برئاسة الأخضر الإبراهيمي، وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* ما هي القضايا التي تحظى باهتمام اجتماعات وزراء الخارجية العرب المقرر انعقادها يومي 6 و7 من الشهر الجاري؟

- الاجتماع الوزاري العربي متعلق بالدورة 139 لمجلس جامعة الدول العربية في دورة مارس (آذار)، وهو مكلف بمهمتين؛ الأولى جدول أعمال هذه الدورة وبحث كل ما يتعلق بالقضايا السياسية والاقتصادية والمالية والتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية، والثانية إعداد جدول أعمال القمة العربية المقرر انعقادها في الدوحة يومي 27 و28 الجاري.

ومن بين القضايا المطروحة أيضا على هذه الدورة موضوع فلسطين بكل تطوراته في ظل تطور موافقة الأمم المتحدة على العضوية المراقبة، وهذا له جانب قانوني حتى في ميثاق الجامعة العربية، والملحق الخاص بفلسطين الذي وضع منذ عام 1945.

وكذلك المواقف السياسية العربية للتعامل بفاعلية البناء على هذه المكاسب، سواء من ناحية انضمام فلسطين للاتفاقية الدولية ثم عملية السلام على خلفية قرار إعادة تقييم مستقبل السلام وتحديد التحرك، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الدكتور نبيل العربي لعدد من الدول الأوروبية، مثل بريطانيا، ولقائه مع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كلها تصب في هذا الاتجاه. وهناك أيضا بحث زيارة لواشنطن برئاسة رئيس لجنة مبادرة السلام العربية والأمين العام الدكتور نبيل العربي للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، واللجنة في انتظار تحديد الموعد، وكذلك لقاء العربي بجون كيري (وزير الخارجية الأميركي)، ولدينا طلب من ليبيا مدرج على جدول أعمال الاجتماع الوزاري العربي.

* وماذا طلبت ليبيا؟

- هناك مطالب للإخوة في ليبيا، منها إعادة بناء مقومات الدولة، سواء من الناحية الأمنية وتشكيل لجنة لصياغة الدستور، وسوف تساعد الجامعة العربية في هذا الأمر، وكذلك استرداد الأموال الليبية في الخارج، حيث طلب الجانب الليبي من الجامعة المساعدة في هذا الشأن، وأيضا عودة الوجود العربي إلى ليبيا، خاصة في ظل وجود الدول الغربية هناك وغياب الوجود العربي، إضافة لهذا مسألة ضبط الحدود في ظل حديث غربي عن المشاركة في هذا الأمر، وأعتقد أن هناك جهودا عربية تبذل تقوم بها كل من الجزائر ومصر، كما نهتم أيضا بموضوع إعادة الإعمار في ليبيا، وسوف تساعد المنظمات العربية المتخصصة في هذا المجال.

* هل سيكون للجامعة العربية دور في ملف المصالحة في ليبيا؟

- نسعى لمساعدة الإخوة في ليبيا للتوافق وإزالة التوترات، ولا بد من التنسيق في هذا الشأن.

* وماذا عن الملف سوري؟

- سوف يهيمن الموضوع السوري على كل شيء، وسوف يحظى بمناقشات مستفيضة، ومن دون شك سوف يرفع وزراء الخارجية توصياتهم إلى القمة العربية بالدوحة، وربما ترفع أفكار تتعلق بسوريا وفلسطين، وكذلك الاهتمام بالصومال الذي به الآن وضعية جديدة.

* هل سيتم التطرق إلى نتائج مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عقد في روما؟

- كل المبادرات والمؤتمرات، والحراك يدور حول خمس نقاط سبق للجامعة أن طرحتها منذ بداية الأزمة، هذه النقاط هي وقف إطلاق النار والاقتتال، وإيجاد آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، والدفع بالمعارضة والسلطة للحوار، والاتفاق على حكومة انتقالية بمهام تنفيذية واسعة وكاملة تدير المرحلة الانتقالية، ونقل السلطة بما يحقق تطلعات الشعب السوري، والنقطة التي تليها موضوع النازحين داخل وخارج سوريا والتعامل معه، وهو أمر يشكل خطورة غير مسبوق ومأساة إنسانية حقيقية قد تؤثر على النسيج الاجتماعي، واحتمالية لعب بعض الأطراف على وتر المشكلة الطائفية، كما تحدثت مبادرة الجامعة عن الوصول مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لبلورة هذه الأفكار في شكل خطة عملية تكون ملزمة للمعارضة والحكومة؛ لأنه إن لم يتم التوصل لحل في هذه المرحلة قد تسير سوريا في اتجاه مجهول، ومن ثم لا بد من وقف هذا الانجراف نحو المجهول.

* لكن البعض يقول إن سوريا قد بدأت بالفعل السير نحو المجهول، خاصة في ظل الخلاف الروسي - الأميركي وتسليح الأطراف الدولية لطرفي الصراع.

- لا يوجد في القضية السورية أجندة واحدة، وهذا يدفعني للعودة مرة أخرى للحل الصحيح الذي طرحته الجامعة العربية، ولا بد أن يكون الإخوة في سوريا مدركين لخطورة التمادي في عملية العنف؛ لأنه إذا انهارت سوريا واستنفدت قواتها العسكرية والبنية التحتية وتحولت إلى دولة غير مستقرة.. من سيتحمل المسؤولية؟ وبالتالي على الإخوة السوريين إدراك أن الجري خلف مواقف دولية لن يخدمهم، وأعتقد أن تجاهل بعض المسؤولين السوريين للجامعة العربية لا يخدم سوريا، ونحن تحدثنا مع الجانب الروسي وتوصلنا إلى فقرة مهمة وواضحة تمثل نقطة تحول في الموقف، وقد تفاوضت مع الجانب الروسي على مستوى كبار المسؤولين، وأصدرنا البيان النهائي بعد مباحثات صعبة وحادة وصريحة، منها بدء عملية الحوار، وذلك وفق البيان الختامي الصادر في جنيف في يونيو (حزيران) قبل الماضي، من خلال عملية سياسية تؤدي إلى تشكيل جهاز حكومي انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة لإدارة المرحلة الانتقالية ونقل السلطة وفق نظام زمني متفق عليه بغية استعادة الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار، وتحقيق الحرية والديمقراطية والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وهذا هو موقف الجامعة العربية، ولذا فإن رسالتي للإخوة السوريين أن الموقف العربي لا بد من إعادة الاهتمام به، وإدراك أنه الموقف الوحيد الآن الذي يحرص على مصلحة سوريا ووحدتها واستقرارها، أما التدخلات الأخرى فلها أجندتها الخاصة، وسبق أن ذكرت في السابق أن سوريا التي كانت لاعبا أساسيا في المشرق العربي والشرق الأوسط، أصبحت ساحة لعب لقوى خارجية تدار من خلال هذه الأجندات الخارجية.

* لكن بعض قادة المعارضة يرفعون شعار «لا حوار مع قاتل شعبه» والبعض يرى أن لهذه المقولة وجهتها.. كيف ترى ذلك؟

- هناك مجموعات وطنية ومعتدلة داخل النظام الحالي يمكن أن يكونوا محاورين جادين إذا خلصت النوايا وأصبحت المصلحة العليا لسوريا هي الهدف من دون نظرة إلى فئة أو منطقة وإنما وحدة سوريا واستقرارها.

* وإلى جانب القضية السورية.. ما الملفات الأخرى المطروحة خلال الاجتماع الوزاري؟

- قضية تطوير الجامعة ستكون من بين الملفات المهمة المطروحة، خاصة أن الأمين العام سيقدم تقريرا متكاملا لقمة الدوحة، وهي رؤية أعدتها اللجنة العربية للتطوير برئاسة الأخضر الإبراهيمي وتم توزيعها على الدول العربية، كما سيشرح الأمين العام مراحل تطوير الجامعة.

* وما هي الخطوط العريضة لهذه المراحل؟

- هناك ثلاث مراحل، مرحلة تتعلق بقضايا أساسية وعاجلة تخص الأمانة العامة وإعادة تطويرها، وقضايا أخرى تتعلق بمجلس السلم والأمن العربي والبرلمان والمنظمات المتخصصة، ثم القضايا الخاصة بميثاق الجامعة العربية وإعادة النظر في الكثير من مواده.

* تفعيل مجلس السلم والأمن للتعامل مع الأزمات العربية يبدو غير متسق مع تراجع دور الجامعة في عدد من الملفات على رأسها الملف السوري.. كيف ترى الأمر؟

- مجلس السلم والأمن أحد الآليات القادرة على مواكبة الأحداث التي تتعرض لها المنطقة. وهناك رؤيتان، إما إعطاء المجلس على المستوى الوزاري بعض الاختصاصات القوية، ومنها اتخاذ ترتيبات معينة حيال الأزمات، ويصبح مجلس الجامعة على المستوى الوزاري كمجلس سلم وأمن، وهناك رؤية أخرى ترى تشكيل مجلس أمن كجهاز محدد وعمل ترتيبات قوية مع التداول على عضويته من خلال 13 دولة عربية، وتراعي تشكيلته المناطق الجغرافية العربية؛ المشرق والمغرب، مع الاستفادة من المنظمات الأخرى في مجلس التعاون والاتحاد الأفريقي وحتى الأمم المتحدة، وغير ذلك. وقد شكل الأمين العام لجنة لمناقشة هذا الموضوع، ورفعت له اللجنة تقريرها النهائي في هذا الخصوص، وكذلك كيفية التعامل مع التحديات المستجدة، وأيضا دور البرلمان العربي وآليات انتخابه.

* البعض يعتقد أنه من الأفضل أن يكون لمجلس السلم والأمن جهاز خاص وميزانية منفصلة حتى يتمكن من أداء مهمته لاحتواء الأزمات.

- لدينا في الجامعة غرفة إدارة الأزمات، وهي الآن تقوم بتجميع المعلومات حول التطورات، وتتابع بوادر لأزمة أو توترات قد تحدث في منطقة ما، ووضع ملفات خاصة لهذه الأزمات حتى يمكن التعامل معها قبل اندلاعها، وبالتالي يمكن لمجلس السلم والأمن العربي الاستعانة بهذه الغرفة التي تعمل حاليا بالفعل وبخبرة فنية كبيرة بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

* هناك مخاوف من أن تؤدي الصعوبات المادية التي تواجه دول الربيع العربي إلى عدم وفائها بحصتها في موازنة الجامعة ما قد يؤثر على دور وأداء الجامعة بشكل عام.

- نحن ندرك أن الإفرازات الجانبية لهذه التطورات التي تحدث في المنطقة تؤثر على كل شيء، ولكن الجامعة قادرة على إدارة بعض الأزمات بالإمكانيات المتوفرة لديها.

* هل تعانون في الوقت الراهن عجزا في ميزانية الجامعة؟

- لا يوجد عجز، لكن التحديات والملفات الجديدة تتطلب زيادة الموازنة، ومن دون شك سيطرح الأمين العام مسألة الزيادة في ظل الرؤية الجديدة لتطوير الجامعة.

* كم تبلغ ميزانية الجامعة العربية حاليا؟

- نحو 61 مليون دولار، وهو رقم متواضع جدا إذا ما قورن بميزانية الاتحاد الأوروبي.

* ماذا عن زيارة الأمين العام لدولة قطر؟

- سوف يتشاور الأمين العام مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حول ما يتعلق أولا بالقضايا العربية وبالأفكار التي يتم التشاور بشأنها حول جدول أعمال القمة العربية وما يمكن الخروج به من هذه القمة.