اشتباكات متقطعة في بورسعيد والجيش ينفي اشتباك قواته مع الشرطة

مقتل 6 وإصابة 590 شخصا والبرادعي يطرح مبادرة لحل الأزمة

متظاهرون يطالبون بالحرية وسط بورسعيد التي شهدت إضرام النيران في مبنى مديرية الأمن أمس (أ.ب)
TT

شهدت مدينة بورسعيد المصرية (200 كيلومتر شمال شرقي القاهرة) اشتباكات متقطعة أمس لليوم الثاني على التوالي بين متظاهرين غاضبين أثناء تشييع جنازة عدة أشخاص لقوا مصرعهم أول من أمس أمام مديرية أمن بورسعيد. وبينما قال شهود عيان إن الاشتباكات دارت بين قوات الجيش والأمن المركزي التابع لوزارة الداخلية، نفى العقيد أحمد محمد علي المتحدث العسكري الرسمي صحة تلك المعلومات، مؤكدا أن عناصر القوات المسلحة تقوم بأعمال تأمين مبنى محافظة بورسعيد ومحاولة الفصل بين المتظاهرين وعناصر وزارة الداخلية. يأتي ذلك فيما طرح الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور، المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني، الكيان الرئيسي للمعارضة في مصر، مبادرة لحل الأزمة السياسية الحالية تتكون من خمس نقاط.

وتجددت الاشتباكات أمس بالتزامن مع تشييع جثمان ضحايا اشتباكات يوم أول من أمس الأحد، حيث ألقى عدد من المتظاهرين الحجارة على قوات الأمن الموجودة في محيط المبنى، مما دفعها للرد بإلقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة.

واشتعلت النيران مساء أمس في أجزاء من الطابق الأرضي بمديرية أمن بورسعيد ومبنى محافظة بورسعيد بشارع 23 يوليو، وهو طريق رئيسي في المحافظة، جراء رشق المتظاهرين المبنيين بقنابل المولوتوف.

وبدأت الاشتباكات أول من أمس بسبب قيام قوات الشرطة بنقل 39 متهما في القضية المعروفة إعلاميا باسم «مذبحة بورسعيد» من سجن بورسعيد إلى سجن وادي النطرون (100 كيلومتر شمال القاهرة) استعدادا لجلسة النطق بالحكم في القضية يوم السبت المقبل.

وقررت محكمة جنايات بورسعيد في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إحالة أوراق 21 متهما في القضية إلى مفتي الديار المصرية تمهيدا لإعدامهم بعد إدانتهم بقتل 72 من مشجعي النادي الأهلي القاهري في مباراة لكرة القدم باستاد بورسعيد العام الماضي، وهو القرار الذي أعقبه أحداث شغب استمرت يومين قتل خلالها أكثر من 40 شخصا وأصيب المئات، فيما فرض الرئيس محمد مرسي حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن قناة السويس الثلاث (بورسعيد، الإسماعيلية، والسويس) لمدة شهر.

وشارك اللواء عادل الغضبان قائد قوات تأمين الجيش الثاني الميداني وعدد من ضباط وجنود الشرطة العسكرية في تشييع جنازة قتلى الأحداث الأخيرة، وشوهدت حافلات تابعة للقوات المسلحة تجوب شوارع بورسعيد وهي تحمل لافتة بيضاء كُتب عليها بخط أسود «القوات المسلحة تشاطركم الأحزان»، فيما ردد المشاركون هتافات تندد بجماعة الإخوان المسلمين التي يحملها الأهالي المسؤولية عن الأحداث الأخيرة، مطالبين بالقصاص من القتلة.

وأثناء تشييع جنازات القتلى ألقى متظاهرون في محيط مبنى مديرية أمن بورسعيد قنابل المولوتوف والحجارة على قوات الشرطة المتمركزة حول المديرية مما تسبب في اشتعال النيران في سيارتين للشرطة، وردت قوات الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.

وأعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي أمس أنها ستعيد المتهمين من أبناء بورسعيد إلى سجن المدينة عقب جلسة الحكم المقرر لها السبت المقبل في القاهرة.

وناشدت الوزارة أهالي مدينة بورسعيد الحفاظ على أمن وأمان المدنية والمواطنين وسلامة كل المنشآت العامة والخاصة «باعتبارها ملكا لهم وتعمل لخدمتهم، والوقوف جنبا إلى جنب مع قوات الأمن التي تحميها من العناصر الانتهازية التي تسعى إلى تصعيد أعمال العنف واستغلالها لمصالحها».

وقدم العميد إبراهيم سليمان مأمور سجن بورسعيد مذكرة إلى اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، احتجاجا على مأمورية من وزارة الداخلية بترحيل المتهمين في غيابه ودون إخطاره مسبقا، كما تقضي اللوائح، مطالبا بالتحقيق في وقائع «الترحيل المفاجئ»، الذي تسبب في اندلاع الاشتباكات في المدينة.

وتعتبر بورسعيد المدخل الشمالي لقناة السويس التي تدر دخلا سنويا لمصر يبلغ أكثر من خمسة مليارات دولار (الدولار يساوي 6.73 جنيه).

وأعلنت وزارة الصحة المصرية مقتل 6 أشخاص في اشتباكات بورسعيد بينهم جنود أمن مركزي، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 590 شخصا إصابات متنوعة.

من جهته، نفى العقيد أحمد محمد علي المتحدث العسكري الرسمي صحة ما تردد بشأن وقوع اشتباكات بين قوات الجيش والشرطة في بورسعيد، مؤكدا أن عناصر القوات المسلحة تقوم بأعمال تأمين مبنى المحافظة ومحاولة الفصل بين المتظاهرين وعناصر وزارة الداخلية.

وقال «أسفرت المناوشات بين المتظاهرين وعناصر وزارة الداخلية عن إصابة قائد قوة التأمين التابعة للقوات المسلحة بطلق ناري في الساق، واستشهاد جندي من قوات الأمن جراء إصابته بطلق ناري في الرقبة، نتيجة إطلاق النيران بواسطة عناصر مجهولة».

وناشدت القوات المسلحة شعب بورسعيد العظيم بعدم الاقتراب من أو مهاجمة مبنى المحافظة أو المنشآت التي تؤمنها عناصر الجيش الثاني الميداني حفاظا على أرواح المواطنين والممتلكات العامة للدولة.

وزار الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي والفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة أمس العقيد شريف جودة العرايشي قائد قوة تأمين بورسعيد المصاب في مستشفى الحلمية العسكري بالقاهرة، حيث يتلقى العلاج.

من جانبه، حدد الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور، المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني، الكيان الرئيسي للمعارضة في مصر، خريطة طريق من 6 نقاط للخروج من الأزمة الراهنة.

وقال البرادعي، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، «إن بداية الإصلاح: حكومة ذات مصداقية.. استعادة الأمن.. إنقاذ الاقتصاد.. عدالة انتقالية ومصالحة وطنية.. تعديل الدستور.. قانون انتخابات يحقق المساواة».

واعتبر البرادعي أن مصر تعيش وضعا مأساويا، وقال «أوصال الدولة تتفكك والعنف في ازدياد، والنظام بشكله الحالي عاجز عن إدارة البلاد، ولا بد من المراجعة الجذرية قبل فوات الأوان».