رئيس الوزراء المصري يطوي في بغداد ملف الديون وأزمة «الحوالات الصفراء»

مباحثاته مع المالكي تركزت على تنمية «محور الاعتدال»

مراسم الاستقبال الرسمي من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لنظيره المصري هشام قنديل، في بغداد، أمس (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أنه اتفق مع نظيره المصري هشام قنديل على حسم الكثير من القضايا، ومن أبرزها ملف الديون المصرية المستحقة على العراق وفي المقدمة منها ما يعرف بـ«الحوالات الصفراء» التي تتعلق بالعمالة المصرية في العراق.

وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري الذي بدأ أمس زيارة إلى العراق على رأس وفد اقتصادي وسياسي كبير: «إننا سنباشر من اليوم، ومن خلال الوزراء المعنيين بين الجانبين، هذا الموضوع والنقاش في حل هذه المسألة من خلال إيجاد الضمانات القانونية، لأننا نحتاج إلى غلق جميع الملفات العالقة بين البلدين للانطلاق في عملية التعاون في عملية البناء والإعمار». وأضاف المالكي أن «هناك خطة كبيرة لتنفيذ جميع مذكرات التفاهم التي وقعت بين البلدين في مجالات الطاقة والإعمار والبناء ودور شركات القطاع الخاص بشأن إعمار العراق، ونحن عازمون على تعويض العراق السنوات الماضية التي مرت من دون تقدم في الإعمار والخدمات من خلال الاستثمار والاستعانة بالشركات الصديقة».

وأشار إلى أن «هناك 60 من رجال الأعمال المصريين ضمن الوفد سيلتقون هيئة الاستثمار وإقامة ورشة عمل متكاملة حول المشاريع التي يحتاجها العراق»، مؤكدا أن «المجال مفتوح أمام جميع الشركات والأيدي العاملة المصرية والخبرات والكفاءات، كون العراق بحاجة إليها»، منوها إلى أن «الاتفاقات شملت الشركات من القطاعين العام والخاص المصريين». واعتبر المالكي أن «مصر تشكل ثقلا عربيا بعد التغيير، والعراق أيضا أصبح من الدول الفاعلة في الوطن العربي، لذلك نطمح إلى عقد تعاون في شؤون المنطقة، والتحديات التي تواجهها وأبرزها الإرهاب والتطرف وقمع الشعوب، وتم الاتفاق بين البلدين على التعامل باعتدال ووسطية وحل جميع الأمور من خلال الحوار الإيجابي البناء».

وأعلن رئيس الوزراء العراقي أن الجانبين «اتفقا على عقد اللجنة العليا المشتركة للبلدين أو توقيع اتفاقية التعاون المشترك في القاهرة بين رئيس وزراء العراق ورئيس جمهورية مصر، ويكون أعضاء هذه اللجنة الوزراء من البلدين، وأن هذه الاتفاقية تشمل جميع الجوانب التجارية والاقتصادية وتكرير النفط الخام»، مشيرا إلى أن «العراق أعطى ضمانات قانونية للحفاظ على أموال الشركات العاملة في العراق». كما أكد أنه تمت «مناقشة مد أنبوب نفط لإيصال النفط الخام عن طريق الأردن وميناء العقبة وصولا إلى المصافي المصرية، وتم الاتفاق على هذا المشروع الذي يخدم العراق ومصر والأردن، وتم الاتفاق حول تزويد مصر النفط الخام لتكريره».

من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري، هاشم قنديل، رغبة بلاده في التعاون مع العراق في المجالات كافةح السياسية والاقتصادية، مشيرا إلى أن «الجانب العراقي قدم تسهيلات في منح تأشيرة الدخول بين البلدين من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية والسياحية والاستثمارية والتجارية». وأوضح قنديل أن مصر حرصت «على إقامة علاقات اقتصادية مشتركة وذات ديمومة لهذه العلاقات، وهناك رغبة سياسية قوية في تحقيق التعاون الاقتصادي بين البلدين وحل جميع الملفات العالقة». وأشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي «أكد على أن السوق مفتوحة أمام شركات القطاعين الخاص والعام المصريين للاستثمار في العراق».

وتعود قصة ديون العمالة المصرية على العراق أو ما يعرف بـ«الحوالات الصفراء» إلى ما قبل دخول العراق للكويت عام 1990، حين فوجئ العاملون الأجانب بقرار النظام السابق بمنعهم من تحويل أموالهم إلى بلادهم، وبدلا من ذلك، قدمت الحكومة العراقية إليهم حوالات ورقية (صفراء) بقيمة أموالهم التي تم التحفظ عليها، في ذلك الوقت، لصرفها في بلادهم. وقدر نصيب مصر من تلك الأموال بـ408 ملايين دولار، وهي قيمه تحويلات المصريين العاملين في العراق في تلك المدة.

من جانبها، أعلنت المستشارة السياسية في مكتب رئيس الوزراء العراقي مريم الريس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة رئيس الوزراء المصري، وإن كان طابعها العام اقتصاديا إلا أنها تحمل بعدا سياسيا مهما، انطلاقا من حجم مصر العربي، وكذلك لجهة الأحداث والتحولات في المنطقة، التي تستدعي أن تكون العلاقات العراقية - المصرية في وضع أفضل من النواحي كافة». وأضافت أن «الإطار العام للمباحثات بين الجانبين، العراقي والمصري، أكد أهمية أن يكون لمصر وشركاتها دور مهم جدا على صعيد الاستثمار في العراق، بالإضافة إلى احتمال أن يستورد العراق أيد عاملة من مصر»، معتبرة وجود «علاقة طردية بين تطور العلاقات في منحاها السياسي والاقتصادي». وردا على سؤال حول عدم انطباق ذلك على العلاقة العراقية - التركية اليوم، حيث إن العلاقات الاقتصادية متطورة بينما تراجعت العلاقات السياسية، قالت مريم الريس إن «هذا صحيح طبعا، وإن تركيا بات يعاب عليها ذلك، حيث إن منهجها السياسي قد تغير باتجاه تغليب ما هو سياسي على الاقتصادي، وبدأت الاحتجاجات على سياسة الحكومة التركية حتى داخل تركيا من خلال المظاهرات والاحتجاجات، وهو أمر سوف يؤثر على مستقبل علاقتها مع العراق بلا شك في حال بقيت تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق». وأشارت إلى أن «مصر أمرها مختلف، حيث إنها تشاطر العراق في الكثير من المسائل المهمة في المنطقة، ومنها الموقف من سوريا، بالإضافة إلى أن العراق حريص على تنمية محور الاعتدال في المنطقة، وهو ما يعمل عليه مع المملكة العربية السعودية، التي تملك ليس ثقلا عربيا فقط، وإنما ثقلا دوليا، وبالتالي يعول عليها كثيرا في تنمية هذا المحور بالضد من دول تعمل على إشعال فتيل أزمات في المنطقة».