حداد في كراتشي عقب مقتل نحو 50 في انفجار بمنطقة شيعية

كرزاي ينتقد باكستان لعدم القيام بـ«ما يكفي» لمكافحة الإرهاب

TT

عم الحداد، أمس، كراتشي (العاصمة الاقتصادية لباكستان) غداة أحد الاعتداءات الأكثر دموية في تاريخها الذي أودى بحياة نحو 50 شخصا، في آخر فصول الهجمات التي تثير قلقا كبيرا في البلاد قبل بضعة أشهر من الانتخابات.. بينما انتقد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي باكستان لعدم قيامها بجهود كافية لمكافحة الإرهاب «الذي يهدد أمن المنطقة بأكملها».

وقال كرزاي في مؤتمر صحافي مع أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) أندريه فوغ راسموسن، في كابول، أمس: «بمقدور باكستان أن تبذل دورا محوريا لإخماد نيران الإرهاب»، وأضاف أن إسلام آباد «لم تتخذ أي خطوات عملية» للإسهام في إيجاد حل سلمي لتمرد طالبان المستمر منذ 11 عاما، موضحا أن «الإرهاب الآن يستهدف باكستان، ونيران الإرهاب تحرق الآن الدولة بأكملها»، مشيرا إلى أن «الأحداث الدامية» الأخيرة في كويتا وكراتشي الباكستانيتين توضحان أن الوضع يخرج عن نطاق سيطرة أي أحد، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر كرزاي أن البلدين اتفقا الشهر الماضي في لندن على عقد مؤتمر للعلماء الدينيين بغرض حظر التفجيرات الانتحارية، موضحا أن إسلام آباد ترفض حاليا أن تشارك في المؤتمر، وأضاف: «لم ترفض إسلام آباد المشاركة في المؤتمر فحسب؛ ولكن رئيس رابطة علماء باكستان أيد التفجيرات الانتحارية في أفغانستان.. نأسف للغاية لسماع هذا التصريح، ونأمل أن يعودوا إلى رشدهم».

ونقلت وسائل إعلام أفغانية عن رجل الدين الباكستاني طاهر أشرفي قوله الأسبوع الماضي إنه يؤيد التفجير الانتحاري في أفغانستان باعتباره «جهادا»، غير أن أشرفي نأى بنفسه عن تلك التصريحات، قائلا إنه يؤيد الجهاد ضد القوات الأجنبية في أفغانستان. وطالب كرزاي مجلس الأمن الدولي أن يدرج الأشخاص والجماعات التي تؤيد الهجمات الانتحارية، خاصة طالبان، في قائمة سوداء.

ودعا راسموسن الحكومة والجيش في باكستان إلى «تكثيف الحرب ضد الإرهاب والتطرف في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان»، وقال: «نريد مشاركة إيجابية من جانب باكستان، إذا كنا نريد ضمان السلام والاستقرار على المدى الطويل سواء في أفغانستان والمنطقة». وذكر أن قوات الأمن الأفغانية ستكون قادرة على الاضطلاع بالمسؤولية الأمنية في كل أراضي أفغانستان عندما تنسحب قوات «الناتو» في عام 2014، متابعا أنه: «قبل عامين، كانت القوات الأفغانية تتصدر المشهد فقط في منطقة كابل. وتتولى القيادة في نحو 87% من أفغانستان»، وأضاف: «مقارنة بهذا الوقت قبل عامين، أصبحت (قوات الأمن الأفغانية) أفضل تدريبا وأكثر خبرة ويتجاوز عددها 75 ألفا».

وأغلقت المدارس والمتاجر والمكاتب والأسواق في كراتشي أبوابها أمس، بينما كانت حركة السير خفيفة جدا في الصباح بعدما أعلنت الحكومة المحلية الاثنين يوم حداد، في حين أعلنت الطائفة الشيعية الحداد لثلاثة أيام في ذكرى الضحايا.

وقال المسؤول الأمني خالد حسين، عبر الهاتف، لوكالة الأنباء الألمانية، إن سيارة مفخخة بها 150 كيلوغراما من المتفجرات انفجرت مساء الأحد بمنطقة عباس تاون في مدينة كراتشي الساحلية، مضيفا أنه - وفقا للتقارير الأمنية الأولية حول الحادث - فإن 52 شخصا بينهم نساء وأطفال قتلوا وجرح 127 آخرون. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار، إلا أن صحيفة «ذا نيوز إنترناشونال» نقلت عن قائد شرطة إقليم السند وعاصمته كراتشي القول إن جماعة «عسكر جنقوي» السنية المتطرفة وطالبان (السنية) هما من نفذا الهجوم.

وأعلنت الجمعيات المحلية للنقل والتجارة لوكالة الصحافة الفرنسية أمس يوم حداد، وقال رئيس جمعية النقل في كراتشي إرشاد بوخاري: «لن تكون هناك وسائل نقل عام»، بينما فتحت البورصة أبوابها رسميا، لكن النشاط فيها كان ضعيفا، كما قال وسيط محلي.

والثلاثاء الماضي، أمرت المحكمة العليا السلطات بوضع استراتيجية لحماية الشيعة بعد تفجيرات استهدفتهم في جنوب غربي البلاد في 10 يناير (كانون الثاني) و16 فبراير (شباط) الماضيين، مما أدى إلى مقتل نحو 200 شخص. واعتقلت الشرطة في 22 فبراير زعيم جماعة «عسكر جنقوي»، مالك إسحاق لمدة 30 يوما بموجب قانون يهدف إلى الحفاظ على الأمن العام.. وكان اعتقل لفترة وجيزة في 2012 بسبب التحريض على الكراهية الطائفية. وكان أفرج عنه أيضا في 2011 بكفالة رغم ضلوعه في عشرات الجرائم.

وقد كثفت حركة طالبان الباكستانية أيضا هجماتها في الأشهر الماضية، مما أثار مخاوف من قيامها أيضا بعرقلة الانتخابات المرتقبة في منتصف مايو. وكانت الحركة عرضت الشهر الماضي إجراء محادثات مع إسلام آباد، لكن الحكومة تصر على أن يعلن المسلحون وقفا لإطلاق النار قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ وهو شرط رفضوه.