الرئيس الموريتاني يلوح بإمكانية مشاركة عسكرية لبلاده في شمال مالي تحت غطاء الأمم المتحدة

توافق جزائري - بريطاني بشأن تحويل جنود غرب أفريقيا إلى قوات حفظ سلام أممية

TT

قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إن بلاده لم تتدخل عسكريا في مالي لأن الأمر يتعلق بالدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وموريتانيا ليست عضوا فيها، مشيرا إلى أنه عندما يتغير الوضع الحالي فإن موريتانيا باعتبارها عضوا في الأمم المتحدة ليس هناك ما يمنعها من إرسال قوات إلى الشمال المالي.

وكان الرئيس الموريتاني قد شارك الأسبوع الماضي في قمة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بعاصمة ساحل العاج يامسكرو، بحثت إمكانية تحويل القوات الأفريقية في مالي إلى قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.

وجاءت تصريحات الرئيس الموريتاني خلال مؤتمر صحافي عقده صباح أمس بنواكشوط رفقة رئيس النيجر محمدو يوسوفو، الذي اختتم أمس زيارة لموريتانيا استمرت يومين تباحث خلالها الرئيسان حول الوضع الأمني في منطقة الساحل، وتطورات العملية العسكرية في مالي، وأكدا تطابق وجهات نظرهما حيال الأزمة في مالي.

واعتبر الرئيس الموريتاني أن العملية العسكرية الحالية في مالي هي ردة فعل على وضع كارثي عرفته مالي، إذا هو عمل لم يكن مبرمجا، وتدخل مشروع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دولة كادت تسقط بالكامل في أيدي الإرهابيين، مشيرا إلى أن تدخل فرنسا جاء في ذلك السياق ومن بعدها جاءت تشاد ودول أفريقية أخرى، ولكن موريتانيا لم تتدخل لأنها لم تكن جاهزة ولكنها تلعب دورا أساسيا في منع الإرهابيين من التسلل واللجوء إلى أراضيها ومحاصرتهم في الشمال من أجل تمكين الوحدات المتدخلة من الإجهاز عليهم في أوكارهم وأعتقد أن ذلك دور مهم جدا.

وأضاف الرئيس الموريتاني أن بلاده لم ترغب في التدخل العسكري في مالي لأننا نضع نصب أعيننا وجود مشكلتين على مستوى الشمال المالي؛ أولا مشكلة الإرهاب المرتبط بوجود مجموعات إرهابية هناك منذ 2001 كان يتغاضى عنها للأسف الشديد الحكم المركزي في مالي منذ 12 سنة؛ إضافة إلى مشكلة أخرى يطرحها بانتظام سكان الشمال ومن بينها مطالب مشروعة أحيانا تتعلق بالبنية التحتية الأساسية، رغم أن هنالك مطالب أخرى غير مقبولة لأنها تمس وحدة الدولة المالية.

وفي رده على سؤال بخصوص التباين بين الموقف الموريتاني والنيجري في ما يتعلق بالتدخل العسكري في شمال مالي، حيث كانت النيجر من أكثر داعمي التدخل في مالي والقضاء على المجموعات الإسلامية المسلحة، بينما كانت موريتانيا تميل إلى حل الأزمة عن طريق التفاوض، قال الرئيس الموريتاني إن موريتانيا والنيجر يتقاسمان وجهات نظر متطابقة بخصوص ضرورة محاربة الإرهاب ورفض التفاوض مع الإرهابيين، ولا تناقض في موقف الدولتين حيث إننا في موريتانيا كنا دائما مع التدخل فقد تدخلنا حتى قبل أن تكون المشكلة مطروحة كما أننا ضد التفاوض مع الإرهابيين.

وفي نفس السياق، أضاف الرئيس الموريتاني أن الإرهاب بالنسبة لنا داء لا يعرف الحدود ولا يمكن التفاوض مع أهله لأنهم متطرفون يجهلون القانون والأخلاق وكل ما من شأنه أن يتيح للأفراد التعايش مع بعض والحياة الكريمة، مؤكدا أن موضوع التفاوض مع هؤلاء لم يطرح أبدا في موريتانيا.

ووجه الرئيس النيجري تحية إلى ما قال إنه شجاعة فرنسا وتشاد الموجودين في الخطوط الأمامية لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في مالي.

وأكد أن النيجر وموريتانيا وجميع دول الساحل يتعرضون لتهديد مشترك هو الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، مؤكدا أن المواقف في مواجهة هذا التهديد لم تتباين أبدا، وظلت الرؤية واحدة لمواجهته بحزم من أجل القضاء على الإرهاب في فضاء الساحل والصحراء.

وفي الجزائر، كشف عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب المكلف الشؤون المغاربية والأفريقية عن فحوى المحادثات التي جمعته بمقر وزارة الخارجية في الجزائر، مع اليستر بوت، الوزير البريطاني المكلف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن وجود توافق بين البلدين بشأن الخطوات القادمة لحل الأزمة السياسية في مالي، ومن بينها تحويل قوات غرب أفريقيا إلى قوات حفظ السلام للأمم المتحدة، كما تم التطرق خلال اللقاء إلى موضوع الانتخابات المقررة في غضون الأشهر المقبلة، إلى جانب الحديث عن الحوار الوطني الذي خرجت به ورقة الطريق المالية.

وحسب ما نقله الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية أعرب مساهل عن ارتياح الجزائر وبريطانيا للمستوى الذي بلغته علاقاتهما والخطوات الجد إيجابية المبذولة في سبيل تعزيز التعاون الثنائي في المجالين الاقتصادي والسياسي.

وقال مساهل إنه تم التطرق إلى العلاقات الثنائية وتقييمها بصفة شاملة وكاملة. وأضاف أن اللقاء انصب أيضا حول العلاقات بين البلدين في الميدان الأمني، مذكرا بالاتفاق الذي تم بين البلدين بمناسبة زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى الجزائر، والقاضي بإنشاء لجنة تتطرق إلى قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب.

وأشار مساهل إلى أن الطرفين تحدثا مطولا بشأن الخطوات المقبلة في إطار حل مشكلات هذا البلد الشقيق والجار.

وأضاف في هذا السياق أن الجانبين تطرقا إلى الخطوات الرامية إلى إيجاد حل للأوضاع السياسية في مالي إضافة إلى موضوع الانتخابات المقررة في غضون الأشهر المقبلة، ناهيك من الحوار الوطني الذي خرجت به ورقة الطريق المالية، والذي يهم كل المعنيين من سكان الشمال الذين يرفضون تقسيم هذا البلد ويقطعون العلاقات مع الإرهاب والجريمة المنظمة.

وذكر مساهل أن هذه المقاربة تعبر عن الموقف الذي عبرت عنه الجزائر منذ أشهر وهو ذاته موقف الشريك البريطاني.

وبخصوص مكافحة الإرهاب جدد مساهل موقف الجزائر الذي يؤكد أن ما يهدد الأمن في هذه المنطقة هو ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تقع مكافحتها على عاتق كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وليس على بلد أو بلدين.

وتابع قائلا: «من هذا الباب تحدثنا بشأن الخطوات القادمة من بينها تحويل قوات غرب أفريقيا إلى قوات حفظ السلام للأمم المتحدة»، وقال بأن هناك تطابقا في موقف البلدين في هذا المجال.

وفي سياق متصل، عقدت الحركة العربية الأزوادية مؤتمرا صحافيا أمس بنواكشوط، اتهم خلاله الأمين العام للحركة أحمد ولد سيدي محمد، فرنسا بالانحياز للحركة الوطنية لتحرير أزواد (طوارق) على حساب الحركة العربية الأزوادية.

وأدان الأمين العام للحركة العربية الأزوادية ما وصفه بالخلط المتعمد وعدم وضوح الرؤية لفرنسا التي انحازت للطوارق ضد العرب، متهما القوات الفرنسية بأنها قصفت آليات عسكرية تابعة للحركة العربية خلال سيطرة الأخيرة على مدينة الخليل، 15 كيلومترا من الحدود مع الجزائر.

وكانت مدينة الخليل قد شهدت الأسابيع الماضية مواجهات عنيفة بين الحركة العربية الأزوادية والحركة الوطنية لتحرير أزواد، حيث اتهم الأمين العام للحركة العربية مقاتلين في الحركة الوطنية بالاعتداء المتعمد على السكان العرب المسالمين المقيمين في الخليل، معتبرا أن هذا العدوان غير المسبوق قد استهدف حصريا السكان العرب العزل من خلال النهب الممنهج لممتلكاتهم واحتجازها.

وفي نفس السياق، أكد الأمين العام للحركة العربية أن الحركة الوطنية باقترافها هذه الأفعال فجرت صراعا بين الطوارق والعرب في أزواد، وستكون عواقبه بالغة الخطورة على الشعب الأزوادي، لافتا انتباه كل من موريتانيا والجزائر إلى ما قال إنه الخطورة البالغة لهذا التحالف غير المقدس بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد وفرنسا وما يمكن أن يترتب عليه من مخاطر على شعب المنطقة.

وقال ولد سيدي محمد على إن المجموعة العربية تذكر فرنسا وأعضاء مجلس الأمن أن أول ضحايا الإرهاب كانت ولا تزال مجموعتنا العربية، وضباطنا هم أول من حمل السلاح ضد الإرهاب الذي يتحمل نظام الرئيس المالي المخلوع أمادو توماني توري مسؤولية وجوده في شمال مالي.

يشار إلى أن منطقة الخليل التي شهدت مواجهات بين الحركة العربية الأزوادية والحركة الوطنية لتحرير أزواد، تعتبر واحدة من أكثر المناطق التي ينشط فيها المهربون، نتيجة لقربها من الحدود مع الجزائر ومن سلسلة جبال آدرار إيفوغاس التي يتحصن فيها مقاتلو الجماعات الإسلامية المسلحة.