«الرقة المحررة» هدف صواريخ النظام ومعارك شرسة في حمص وحلب

«الحر» يعلن اعتقال المحافظ وأمين فرع «البعث»

TT

منذ الإعلان عن السيطرة على مدينة الرقة أوّل من أمس لتكون المحافظة السورية الأولى «شبه المحررة»، تحوّلت إلى هدف للنظام وصواريخه من دون أن تتوقّف عمليات الجيش الحر الأمنية والعسكرية، وكان آخرها ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قيام عناصره بأسر محافظ المدينة حسن جليلي وأمين فرع حزب البعث الحاكم سليمان السليمان الذي يعتبر أرفع مسؤول حكومي يتم اعتقاله في أيدي المعارضة. وأظهر شريط صوره مقاتلو المعارضة وبث نسخة عنه المرصد المعتقلين وهما يجلسان إلى جانب مقاتلين من الكتائب المقاتلة، ويقول أحد المقاتلين للأسيرين الجالسين بصمت إن «ما نريده هو التخلص من النظام».

يأتي ذلك، في موازاة استمرار الهجوم العنيف الذي يشنه النظام منذ يومين على حمص، وتواصل الاشتباكات بين طرفي النزاع في حلب التي تشهد بدورها معارك شرسة.

وأوضح المرصد أن عملية أسر كلّ من جليلي والسليمان، تمت «إثر اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية وكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام في محيط قصر المحافظ بمدينة الرقة»، والقريب من تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد الذي تم تحطيمه أمس. وقد أفاد التلفزيون السوري الرسمي في شريط أخباري عن تدمير مجموعة من السيارات والآليات بعضها مزود برشاشات في الرقة بمن فيها من قالت إنهم إرهابيو «جبهة النصرة».

كما أوردت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام أمس، أن الجيش النظامي والأجهزة الأمنية يخوضون «معارك شرسة» في المدينة التي «توجه إليها آلاف المسلحين».

وأشارت إلى أن الرقة «كانت من أكثر المدن هدوءا وتعد ملجأ آمنا للكثير من السوريين الذين فروا من مدنهم وقراهم وسكنوا في ربوع درة الفرات»، لكنها باتت «مسرحا لإرهاب أراد أن ينتقم من أهلها فغزاهم من عدة أطراف وسط معلومات عن معارك عنيفة».

في المقابل، قال مصطفى نواف العلي من المجلس الوطني السوري لوكالة «رويترز» إن كتائب عدّة ساهمت في تحرير الرقة معظمها من الإسلاميين، من بينها جبهة النصرة المرتبطة بـ«القاعدة» وأحرار الشام وصقور السنة، ودخلت الرقة بعد اجتياح موقع للجيش عند مدخلها الشمالي. وأضاف نواف العلي أن قوات الأسد والميليشيا الموالية له هربت غربا باتجاه حلب وشرقا باتجاه محافظة دير الزور لكن القوات المؤيدة المتحصنة في المطار الإقليمي على بعد 60 كيلومترا من الرقة لا تزال تمثل تهديدا.

من جهته، اعتبر مصدر قيادي في الجيش الحر أنّه وبعد تحرير الرقة، بدأ النظام بما يمكن تسميته عملية «الدمار الشامل» التي تستهدف البشر والحجر، بالصواريخ والغارات الجوية، وخير دليل على ذلك عدد القتلى الذي يزيد يوميا، وهو الأسلوب الذي يعتمده في كل مرة يخسر فيها منطقة معينة.

ولم ينف المصدر الدور الذي لعبته الكتائب الإسلامية في تحرير الرقة، ولا سيما أحرار الشام وجبهة النصرة المنتشرة في معظم المناطق السورية، وهي استقدمت المزيد من التعزيزات إثر إعلان البدء بعملية التحرير، وأكّد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «مشاركة جبهة النصرة في معركة الرقة لا تعني أنّها لم تعد موجودة في المناطق الأخرى ولا سيما حلب حيث تتشارك كل الكتائب من الجيش الحر وغيرها، في القتال في الجبهة المفتوحة»، نافيا المعلومات التي تشير إلى تقدّم قوات النظام، ومؤكدا أنّ «مطار منغ» المحاصر منذ 5 أشهر، والذي يسجّل في محيطه المقاتلون تقدما ملحوظا في اليومين الأخيرين أصبح قاب قوسين من التحرير وقد يعلن عن ذلك خلال الـ48 ساعة المقبلة، والأمر لا يختلف في مطار «النيرب». ولفت المصدر إلى أنّ سيطرة النظام لا تتعدّى مراكز المدن، التي يتسلح بها لإثبات وجوده، فيما يسيطر الجيش الحر على الأرياف والمناطق الأخرى في المدن، الأمر الذي يجعل المحافظات تسقط الواحدة تلو الأخرى، على غرار ما حدث في الرقة، مشيرا إلى أنّ كامل ريف حلب و60 في المائة من المدينة، تم تحريرها، متوقعا أنّ تكون «دير الزور» المحافظة المحررة الثانية بعد «الرقة». أما فيما يتعلق بمعركة حمص، فيعتبر أنّ هذه المنطقة لها رمزية خاصة بالنسبة إلى النظام، ويحاول بالتالي جاهدا استعادة بعض أحيائها، من دون جدوى، لرفع معنويات مقاتليه.

وأشار المصدر إلى أنّ منطقة «ربلة» التي قال النظام إنه أسقطها، لم تكن تحت سيطرة المعارضة، لا سيما أنها منطقة مسيحية.

وفي حين ذكرت لجان التنسيق أنّ المجلس المحلي في الرقة نشر قوات أمن الثورة لحماية المراكز الحكومية، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ الطيران الحربي نفذ غارتين جويّتين استهدفت مبنى فرع أمن الدولة ومناطق في مدينة الرقة أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، كما دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة في محيط مستودعات الذخيرة في شمال الرقة لافتة إلى أنباء عن سيطرة مقاتلي الكتائب المقاتلة على المستودعات بشمال المدينة وذلك بحسب ناشطين من المنطقة.

كما تعرض بحسب المرصد مبنيا الأمن السياسي وأمن الدولة بمدينة الرقة واللذان سيطر عليهما مقاتلون من جبهة النصرة وأحرار الشام وكتائب أخرى للقصف بالطيران الحربي من قبل القوات النظامية وسقط كذلك عدد من المقاتلين خلال اشتباكات مع القوات النظامية إثر السيطرة على مبنى الهجانة بالرقة. وقال نشطاء من المدينة إن عددا من القتلى والجرحى سقطوا بسبب انفجار ألغام زرعها النظام في منطقة النصب التذكاري الذي عمد المعارضون إلى تحطيمه أول من أمس. وقال المجلس الوطني السوري إن السيطرة على الرقة تمثل «نصرا حاسما في مسيرة إسقاط النظام الأسدي المجرم وخلاص سوريا من أبشع حقبة في تاريخها».

معتبرا في بيان له أنه مع «تحرير الرقة» أصبح هناك تواصل بين مساحات شاسعة تسيطر عليها المعارضة في شرق البلاد المنتج للنفط ومناطق أخرى «محررة» في محافظتي حلب وإدلب الشماليتين. وتقع مدينة الرقة على نهر الفرات في شمال البلاد وعلى مقربة من الحدود التركية، وكانت تضم قرابة 240 ألف نسمة، قبل أن يضاف إليهم نحو 800 ألف نازح منذ بدء الثورة.

أما في الهجوم العنيف والمستمر منذ يومين الذي يشنّه النظام على حمص في محاولة لاستعادة أحياء في وسط المدينة، فقد ذكر المرصد أن «أحياء الخالدية وحمص القديمة تتعرض لقصف عنيف من قبل القوات النظامية يرافقها أصوات انفجارات»، إضافة إلى غارات بالطيران الحربي على الخالدية. إن «القصف كان عنيفا وعنيفا جدا على كل المناطق المحاصرة بمدافع الفوزيدكا ومدافع الهاون»، مشيرا إلى «تصاعد الدخان في كل مكان وتساقط الرصاص كالمطر» في الأحياء القديمة.

في حين ذكر المرصد أنّ الطيران الحربي نفذ غارات جوية على حي الخالدية مما أدى لسقوط جرحى وتهدم في بعض المنازل كما قصفت القوات النظامية عدة مناطق في مدينة الرستن مما أدى إلى سقوط جرحى وأضرار مادية.

وفي هذا الإطار، فقد اعتبر أحمد رمضان، عضو المجلس الوطني والائتلاف، أنّ حمص تتعرض لهجمة وحشية يستخدم فيها النظام أدواته الإجرامية، بعد حصار استغرق أشهرا عدّة منع خلاله الغذاء والدواء عن آلاف الأسر المحاصرة.

ودعا رمضان إلى تشكيل قيادة مركزية تستعين بخبرات عسكرية محترفة لإدارة المواجهات مع قوات النظام نظرا لخصوصية المدينة التي تقع في قلب الصراع مع النظام بما في ذلك من بعد طائفي يشارك فيه حزب الله اللبناني.

أما في حلب، فقد تعرضت بلدة تل عران وأطراف مدينة السفيرة في الريف لقصف من قبل القوات النظامية رافقه اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في المنطقة.