مصادر فرنسية عسكرية: الكماشة أحكمت حول مقاتلي شمال مالي.. والجزائر تتعاون معنا بفعالية

قالت إنه لم يتم العثور على أسلحة حديثة في المخابئ.. وعبرت عن قلق من إنفلات الرقابة على الحدود الليبية

قوات تشادية تتجول شمال مالي في صورة وزعتها وزارة الدفاع الفرنسية أمس (أ.ب)
TT

قالت مصادر فرنسية دفاعية رفيعة المستوى، إن التعاون القائم حاليا بين باريس والجزائر في الموضوع المالي «ممتاز»، وهو الأفضل منذ استقلال الجزائر في عام 1962.

وأفادت هذه المصادر التي كانت تتحدث في لقاء ضيق أمس، بأن القوات الجزائرية تلعب دورا مفيدا للغاية في الحرب الدائرة حاليا بين القوات الفرنسية مدعومة بالقوات التشادية (نحو 2000 رجل) في منطقة أدرار الواقعة في جبال أيفوغاس (أقصى شمال شرقي مالي) من خلال إغلاق حدودها بوجه مقاتلي الشمال الذين انكفأوا إلى هذه المنطقة بعد أن خسروا المدن التي كانوا يسيطرون عليها شمال البلاد قبل بدء الحملة العسكرية الفرنسية في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتعتبر باريس أن «الكماشة أحكم إغلاقها» حول مقاتلي الشمال المشكلين من «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ومن حركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا، حيث إن التشاديين يحاصرون المنطقة من الشمال والفرنسيين من الجنوب والغرب في حين أن الجزائريين يمنعون أي حركة باتجاه الداخل الجزائري، فضلا عن ذلك، ترى باريس أن التدبير الجزائري يحرم المقاتلين من الحصول على الوقود لآلياتهم ما يحد من حركتهم وبالتالي من قدراتهم القتالية.

وترفض باريس إعطاء رقم دقيق حول حجم خسائر من تسميهم «الإرهابيين»، لكن مصادرها تقدر عددهم بعدة مئات كما تعتبر أن «المعركة الكبرى» هي الحالية اليوم في مرتفعات ووديان أيفوغاس، حيث المعارك القاتلة تحصل يوميا وأحيانا لا يبعد المقاتلون عن بعضهم البعض سوى أمتار. ووفق النظرة الفرنسية، فإن المقاتلين الأعداء «لا يهربون من المواجهة القاتلة» بعكس ما حصل في بداية العملية العسكرية، حيث كانوا يتركون مسرح العمليات قبل وصول القوات الفرنسية. كذلك، ترى المصادر الفرنسية أن «الكميات الكبيرة من السلاح بالأطنان» والمعدات والأغذية والعتاد تبين أن المقاتلين هيأوا أنفسهم قبل فترة طويلة لهذه المعركة. غير أن ما لم تعثر عليه القوات الفرنسية هو الأسلحة الحديثة التي ظن سابقا أنها وصلت إليهم من مخازن السلاح الليبية. وبحسب المصادر المشار إليها، فإنه عثر على كثير من السلاح الثقيل، لكن الأسلحة المعقدة مثل الصواريخ المضادة للطائرات أو تلك التي تطلق عن الكتف لم يعثر منها إلا على القليل. وفي أي حال، يعتبر الخبراء الفرنسيون أن هؤلاء المقاتلين «ليسوا قادرين على استخدامها حتى لو توافرت لديهم».

وكشفت المصادر عن أن القوات الفرنسية ألقت القبض على مجموعة من المقاتلين وأكدت أن هؤلاء سيعاملون «وفق منطوق القانون الدولي» لجهة محاكمتهم ولكن من غير الخوض في التفاصيل.

وتبدو باريس اليوم مرتاحة للتعاون العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة، خصوصا لجهة توفير المعلومات والرصد الإلكتروني أو لتزويد الطائرات الفرنسية المقاتلة جوا. ويأتي هذا بعد مرحلة من «التذبذب» الأميركي في بداية العملية العسكرية. غير أنها تعتبر أن ما قامت به في مالي كشف عن بعض النواقص في التجهيز الفرنسي في ميدان الرصد الإلكتروني والنقل العسكري والاستراتيجي والطائرات من غير طيار وأقمار الرقابة الفضائية.

وأعربت المصادر الفرنسية عن تخوفها من الانفلات الحاصل في موضوع الرقابة على الحدود الليبية، معتبرة أن هذا الوضع هو «المصدر الأكبر للقلق». وكانت باريس استضافت مؤخرا مؤتمرا دوليا لمساعدة ليبيا انصب في جزئه الأكبر على موضوع الحدود وكيفية مساعدة السلطات الليبية على ضبطها.

وحتى الآن، ترفض السلطات الفرنسية تأكيد مقتل المختار بلمختار قائد كتيبة الموقعين بالدماء المسؤولة عن عملية احتجاز الرهائن في عين أميناس الأخيرة في الجزائر وأبو زيد، أحد قادة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بانتظار «توافر الأدلة القاطعة». ويعود حذر باريس إلى تضارب المعلومات وإلى التأكيدات المتعجلة للرئيس التشادي إدريس ديبي، خصوصا بشأن مقتل أبو زيد، إذ ينسب ديبي مقتله للقوات التشادية، بينما الجانب الفرنسي يرجح قتله في عملية قصف جوي استهدفته. وللتدليل على الغموض، لم تتفق مجلة «باري ماتش» وإذاعة فرنسا الدولية على تحديد هوية القتيل الذي أخذت صورة له وهو مطروح أرضا وما إذا كان مختار بلمختار أم أبو زيد، مما يدل على الغموض الذي يحيط حتى الآن بهذا الموضوع.