قيادات تحذر من إقحام الجيش العراقي في الصراع السوري.. وأخرى تنفي

اتهامات لحكومة المالكي بـ«عدم الشفافية».. ورئيس البرلمان يأمر بالتحقيق

TT

رغم حرص الحكومة العراقية خصوصا المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي على نفي التدخل في الشأن السوري إلا أن الأحداث التي شهدتها المنطقة الحدودية الشمالية مع سوريا من محافظة نينوى إلى محافظة الأنبار تثير تساؤلات عبر عنها قادة سياسيون كبار حول ما جرى، ودور الجيش العراقي وطبيعة التدخل العراقي في سوريا.

ومنذ بداية النزاع منتصف مارس (آذار) 2011، تلتزم الحكومة العراقية الحذر، رسميا، في تعاملها مع الأحداث السورية، في موقف يوازن بين قربها من إيران الداعمة لدمشق، و«العمق العربي» الذي يدعم معارضي الأسد. ويدعو المالكي إلى حل سلمي سياسي للصراع لكنه حذر مؤخرا من أن هزيمة الأسد ستفجر حربا طائفية في العراق ولبنان. وفي سياق «الاتهامات» لحكومة المالكي بدعم الأسد، كانت الولايات المتحدة أعربت عن قلقها بشأن رحلات شحن جوية إيرانية قالت إنها تمر عبر العراق إلى سوريا وقد تحتوي على أسلحة قد تستخدمها دمشق لقمع الاحتجاجات. رئيس البرلمان والقيادي في القائمة العراقية أسامة النجيفي بدا وكأنه يعرف ما لا يعرفه كثيرون بإطلاقه تحذيرا قويا من إقحام الجيش العراقي في المعارك الدائرة داخل الأراضي السورية، مؤكدا أن هناك تحقيقا جاريا لمعرفة تفاصيل ما حصل في منفذ اليعربية السوري. وأكد النجيفي في مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى البرلمان إن «ما حصل قبل يومين في منفذ ربيعة والحدود العراقية السورية أمر لا بد أن يراجع»، مشددا على ضرورة «إبعاد الجيش العراقي عن التدخل بالشأن الداخلي السوري وأن لا يقف مع أي جهة كانت». ودعا النجيفي الجيش العراقي إلى «الدفاع عن الحدود فقط»، مشيرا إلى أن «العراق يعاني من مشكلات كثيرة، ويجب أن ينأى بنفسه عن أي أزمات خارجية تؤثر على وضعه الداخلي». وأكد النجيفي أنه «تم فتح تحقيق بشأن ما جرى في منفذ اليعربية»، لافتا إلى «وجود روايات تقول بأن الجيش العراقي تدخل لمساندة الجيش السوري ضد الجيش الحر، وروايات أخرى تقول العكس». ولخص النجيفي المقاربة العراقية للأزمة السورية بالقول إن «الموقف العراقي غير موحد (...) لكن يجب أن يقف العراق مع الشعب السوري، ولا يجب أن يدعم نظاما ديكتاتوريا يقتل شعبه». وعضو البرلمان عن القائمة العراقية طلال الزوبعي مضى أبعد من النجيفي وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «مؤشرات التدخل العراقي في الشأن السوري واضحة وأبرزها ما تحدث به المالكي مؤخرا عندما حذر من انتصار المعارضة السورية وهو أمر يكفي لذلك». من جانبها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن الحكومة لم تتعامل معها بشفافية حيال الملف العسكري. وقال عضو اللجنة شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لجنة الأمن والدفاع كثيرا ما تطلب إيضاحات بهذا الشأن ولكن لا أحد يتعامل معها بشفافية، وهو أمر غير صحيح لأن البرلمان جهة رقابية على أداء الحكومة ويهمه أن يعرف مثل هذه القضايا ذات الأهمية البالغة».

أما عضو البرلمان عن التحالف الكردستاني وعضو لجنة العلاقات الخارجية ره وز خوشناو أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المسألة السورية ذات بعد طائفي وبالتالي فإن أي تدخل عراقي فيها سوف يعتبر لصالح جهة ضد جهة أخرى وهو أمر في غاية الخطورة ويجب الابتعاد عنه». وأضاف أن «لدينا في العراق المزيد من المشكلات الداخلية وعلينا التوجه لحلها بدلا من زج أنفسنا في شؤون الآخرين».

ويعتبر النائب حامد المطلك عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان أن «ما حدث هو نتيجة لتأثير الإرادة السياسية الإيرانية على القرار العراقي». ويوضح أن «العراق بدأ يدفع فاتورة تأثير القرار الإيراني عليه وعدم استقلاليته في اتخاذ القرار الذي يصب في مصلحته».

ورغم هذه التساؤلات حول التدخل العراقي في الشأن السوري والتحذيرات منه فإن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي يصر على نفي وجود أي تدخل، ويقول عضو البرلمان عن الائتلاف وعضو الهيئة السياسية للتحالف الوطني شاكر الدراجي لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحكومة العراقية نفت في أكثر من مرة تدخلها في النزاع السوري الذي هو نزاع داخلي وإن كل ما يثار عن تدخل عراقي كلام إما سياسي مقصود منه أغراض معينة أو هو كلام إعلامي لم يقدم أحد دليلا عليه». وأضاف أن «العراق معني بحماية منافذه الحدودية وإذا كانوا لا يريدون منا حماية حتى المنافذ فماذا يمكن أن يفعل الجيش لا سيما أنهم جميعا يطالبون أن يكون الجيش عند الحدود فلماذا عندما يقوم الجيش بدوره في هذا المجال يجري الحديث عن تدخل في شؤون الآخرين». وأشار الدراجي إلى أن «العراق هو ضحية التدخلات الخارجية وليس العكس والواقع أن ما يجري على الحدود العراقية - السورية إنما هو محاولة مقصودة لاستفزاز العراق لكي يتدخل، وهو أمر بعيد تماما».