جبهة الإنقاذ تصر على مقاطعة الانتخابات وتدرس تشكيل «برلمان مواز»

استمرار الاشتباكات في بورسعيد.. ورئيس الحكومة يرفض تحميله تدهور الأوضاع

متظاهر يرمي قنبلة غاز مسيلة للدموع باتجاه قوات مكافحة الشغب في وسط مدينة بورسعيد التي شهدت اشتباكات لليوم الثالث على التوالي (رويترز)
TT

جددت جبهة الإنقاذ الوطني، التجمع الرئيسي للأحزاب المعارضة في مصر، إصرارها على موقفها الرافض للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في ظل إصرار الرئيس محمد مرسي على عدم تقديم أي تنازلات تتعلق بتغيير الحكومة الحالية لضمان نزاهة العملية الانتخابية، أو تأجيل الانتخابات حتى استقرار الوضع الأمني في البلاد، خصوصا ما يحدث بمدينة بورسعيد.

وقالت مصادر بالجبهة لـ«الشرق الأوسط» إنها تدرس كيفية تفعيل مقاطعة هذه الانتخابات، المقرر إجراؤها في أبريل (نيسان) المقبل، وإن من بين الخطط البديلة المطروحة أمام أحزابها، هو تشكيل برلمان مواز يضم أبرز قيادات المعارضة الرافضة خوض الانتخابات.

وتأتي هذه التطورات السياسية في ظل استمرار الاشتباكات لليوم الثالث على التوالي، في العاصمة القاهرة ومدينة بورسعيد الساحلية، بين متظاهرين وقوات الأمن التي تحاول السيطرة على الوضع. ورفض رئيس الحكومة المصرية الدكتور هشام قنديل تحميله مسؤولية هذه الأحداث، وقال أمس إنه: «قبيل كل استحقاق كبير في مصر خلال المرحلة الانتقالية كالانتخابات أو الاستفتاءات تحدث بعض القلاقل التي تحاول إعاقة هذا الاستحقاق».

وتجرى انتخابات أعضاء مجلس النواب، على أربعة مراحل، اعتبارا من 27 أبريل (نيسان) المقبل، على أن تنتهي في أواخر يونيو (حزيران) المقبل، بحيث يعقد المجلس الجديد أولى جلساته في 7 يوليو (تموز).

وفي ظل مقاطعة القوى المدنية للانتخابات تنحصر المنافسة بين القوى والأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

وأعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، رئيس حزب مصر القوية، أن حزبه سيشارك في الانتخابات، حتى لا يسيطر فصيل معين على السلطة، مشددا على احترامه لدعوات المقاطعة والداعين لها، وطالب، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، الرئيس مرسي بوجود ضمانات حقيقية لنزاهة العملية الانتخابية.

وقال أبو الفتوح: «أطالب الشباب الثائر بعدم السماح بعودة النظام القديم مرة أخرى بأشخاصه أو ممارسته، ولا يوجد أحد فوق الرقابة الشعبية»، معتبرا أن «أحداث بورسعيد أيا كانت أسبابها ومن وراءها هي مسؤولية الدولة، فواجبها المحافظة على المتظاهرين من العدوان».

ومن جانبه، يعلن حزبا الحضارة والوسط (الإسلاميين) اليوم (الأربعاء) اندماجهما في حزب واحد تحت اسم «الوسط»، وإطلاق التيار الوسطي لخوض انتخابات مجلس النواب في كل الدوائر.

وبينما تحدثت وسائل إعلامية عن انقسام داخل جبهة الإنقاذ الوطني، التي يقودها المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي، بسبب رفض البعض داخل الجبهة قرار مقاطعة الانتخابات، واحتمالية تراجع أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي عن قرار المقاطعة، عقدت الجبهة اجتماعا طارئا أمس في مقر حزب المصريين الأحرار قررت فيه وبشكل نهائي مقاطعة الانتخابات البرلمانية، كما أعلنت عزمها تدشين قناة فضائية للجبهة لتفعيل مقاطعة الانتخابات.

وقال الدكتور أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، إن قرار الجبهة مقاطعة الانتخابات هو لـ«فضح نيات النظام ورغبته في الهيمنة والاستحواذ على كل مقدرات البلاد»، مشيرا إلى أن الجبهة تدرس أيضا دمج الأحزاب داخلها في حزب أو حزبين كبيرين لتكوين كيان سياسي قوي.

من جانبها، قالت مصادر داخل الجبهة إن الجبهة تدرس خيارات المقاطعة في الفترة المقبلة، ومنها حملة لطرق الأبواب لحث المواطنين على عدم المشاركة في الانتخابات، تتضمن عمل سلاسل بشرية وتوزيع منشورات، بالإضافة إلى فكرة تشكيل برلمان مواز مثل الذي تم إنشاؤه قبل الثورة لمواجهة الانتخابات البرلمانية المزورة عام 2010 خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

ميدانيا، استمرت الاشتباكات الدامية بين قوات الأمن والمتظاهرين في مدينة بورسعيد الساحلية، لليوم الثالث على التوالي خاصة في محيط مبنى مديرية الأمن، والذي تم إحراق دوره الأرضي أول من أمس من قبل مجهولين، وأطلقت قوات الأمن المركزي القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين لتفريقهم، إلا أنهم استمروا في إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة (المولوتوف)، كما هاجم مجهولون مبنى الأمن الوطني وقاموا بإشعال النيران أسفله بعد إلقاء زجاجات المولوتوف. وقد أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد المصابين إلى 206 إصابات.

وتندلع موجات من الاحتجاجات في بورسعيد منذ يناير (كانون الثاني) بعد صدور حكم بإحالة أوراق 21 متهما في قتل أكثر من 70 من مشجعي كرة القدم في استاد بورسعيد للمفتي تمهيدا للحكم عليهم بالإعدام.

وفي العاصمة القاهرة، استمرت الاشتباكات بين عدد من المتظاهرين ورجال الأمن في محيط ميدان التحرير وكوبري قصر النيل (وسط القاهرة)، وبالقرب من مقر السفارة الأميركية. كما قطع العشرات من ضباط وأفراد الشرطة الطريق بشارع صلاح سالم (شرق القاهرة) صباح أمس، ما أدى إلى إصابة طريق المطار بشلل مروري تام، وذلك احتجاجا على استشهاد زميل لهم صباح اليوم خلال إحدى المطاردات الأمنية. وشيع أمس أنصار التيار الشعبي، وهي حركة سياسية يتزعمها المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، جثمان الشاب محمد الشافعي، من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، والذي لقي مصرعه بعد إصابته برش خرطوش بالرأس في اشتباكات بميدان التحرير وقعت منذ شهرين، ولم يكن بحوزته أي بطاقة هوية، فتم نقله لمشرحة زينهم، وتبين أن والدته حررت محاضر باختفائه.

من جانبه، نفى رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، ما يردده البعض من أن الحكومة الحالية تشكل حجر عثرة أمام الانتخابات البرلمانية المقبلة، مشددا على أن المسؤول عن تلك الانتخابات هي اللجنة العليا للانتخابات، وهى لجنة مستقلة تماما، وأن دور الحكومة يقتصر فقط على تقديم الدعم اللوجيستي.

وقال قنديل في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط (الرسمية)، إن الانتخابات تجرى تحت إشراف قضائي كامل ويجرى مراقبتها من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وأن الحكومة ليس لها أي مصلحة إلا أن تخرج الانتخابات نزيهة.

وأعرب قنديل عن حزنه وأسفه للأحداث التي وقعت في بعض المدن والمحافظات خاصة المنصورة وبورسعيد وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا والمصابين، واصفا هذا الأمر بأنها «غير طيب» في ظل استحقاق كبير في العملية الانتقالية يتمثل في فتح باب الترشيح للانتخابات البرلمانية، ملمحا إلى أنه عادة ما يحدث قبيل كل استحقاق كبير في مصر خلال المرحلة الانتقالية كالانتخابات أو الاستفتاءات بعض القلاقل تحاول إعاقة هذا الاستحقاق.