قياديون في حزب طالباني يبددون مخاوف حزب بارزاني: التحالف الاستراتيجي سيستمر

«الديمقراطي الكردستاني»: ظروف كردستان تملي الشراكة والتوافق

TT

يبدو أن الرسالة التي وجهها الدكتور برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، أثناء اجتماعه بالمجلس المركزي (برلمان) حزبه، التي نشرتها «الشرق الأوسط» في عددها الصادر السبت الماضي قد أثارت قلق قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، من انفراط عقد التحالف الاستراتيجي الذي يجمع الحزبين منذ عام 2006، حيث أعلن صالح أن حزبه سيخوض الانتخابات المقبلة بقائمة منفردة. وفي شق آخر من تصريحاته، أشار إلى وجود قرار من قيادة الاتحاد الوطني، بالتقارب بشكل أكبر مع حركة التغيير الكردية التي تقود جبهة المعارضة الكردية بالإقليم.

وعلى الرغم من إصرار المتحدثين الرسميين للحزبين على تمسك حزبيهما بإطار الاتفاق الاستراتيجي، فإنه على أرض الواقع، خاصة بين الأوساط السياسية، يتردد الحديث دوما عن وجود مخاوف حقيقية لدى حزب بارزاني من حدوث تقارب بين الاتحاد وحركة التغيير، واحتمال نشوء تحالف سياسي بينهما يكون بديلا عن التحالف القائم حاليا، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

وفي ظل غياب الرئيس طالباني عن المشهد السياسي الحالي، بسبب ظروف مرضه، والحديث المتكرر عن خليفة محتمل له، تتعاظم مخاوف حزب بارزاني من مستقبل العلاقة مع الاتحاد الوطني، وبتوجيه سؤال إلى قيادي كردي حول المبررات التي تستدعي تلك المخاوف لدى حزب بارزاني، أجاب (مشترطا عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع): «ليس هناك أي مبرر موضوعي لمخاوف (الديمقراطي الكردستاني) لعدة أسباب، أولها أن حدوث أي تحالف سياسي بين الاتحاد وحركة التغيير على وزن التحالف الاستراتيجي القائم بينه وبين الديمقراطي الكردستاني هو احتمال بعيد في الوقت الحاضر، والثاني هو أن الاتحاد الوطني يحتاج إلى حليفه الديمقراطي، ولن يكون أي تحالف سياسي له مع الأحزاب والقوى الأخرى على حساب تحالفه مع هذا الحزب، والثالث أن وحدة الإقليم تقوم حاليا، ومنذ عام 2005، إثر سقوط النظام السابق على أساس هذا التحالف الاستراتيجي، وتمسك الطرفين به».

وأضاف: «لن يحدث أي تحالف سياسي بين الاتحاد والحركة، اللهم إلا في حال انضمت حركة التغيير إلى الاتحاد الوطني، وهذا أمر مستبعد حاليا، وأعلنت حركة التغيير ذلك مرارا. أما التقارب الحاصل فهو بهدف تطبيع العلاقات من جهة، ومحاولة لجر الحركة والمعارضة عموما إلى حكومة الوحدة الوطنية التي يسعى إليها الحزبان، وكذلك توحيد الموقف من القضايا العالقة مع بغداد، أكثر من ذلك لا يمكن الحديث عن تحالف استراتيجي بديل لما هو موجود بين الاتحاد والديمقراطي».

وبسؤاله عما إذا كان قرار الاتحاد الوطني بخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة مستقلة سيشمل أيضا الانتخابات النيابية في العراق، قال المصدر: «لا.. القرار يشمل فقط الانتخابات البرلمانية والبلدية بإقليم كردستان».

من جانبه، أشار آزاد جندياني متحدث المكتب السياسي للاتحاد الوطني إلى أن «مخاوف الحزب الحليف غير مبررة، لأن الاتجاه العام داخل الاتحاد الوطني هو دعم التحالف الاستراتيجي والحفاظ عليه».

وأضاف: «أما ما يتعلق بالمخاوف التي تتحدثون عنها، فإن كل جهة سياسية في العراق أو في إقليم كردستان من الطبيعي أن تقلق تجاه غياب الرئيس طالباني عن المشهد السياسي، وهذا قلق مشروع، لأن دور طالباني كان دائما مهما وحيويا في الحفاظ على التوازنات، وعلى استقرار العملية السياسية سواء بكردستان أو العراق، وليس هناك بديل يماثله في الدور السياسي».

وحول تعديل الاتفاق الاستراتيجي، قال جندياني: «هذا موضوع اتفقنا حوله مع الإخوة في (الديمقراطي)، ونجد معا أن هناك ضرورة ملحة لإعادة تقييم ذلك الاتفاق بعد مضي عدة سنوات عليه، وأعتقد أنه بعد الانتخابات سنعود للتحاور معا حول هذا الموضوع».

وأيده في ذلك المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الدكتور جعفر إبراهيم إيمينكي، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» الحاجة الملحة أيضا إلى إعادة النظر بالاتفاق الاستراتيجي المعقود بين حزبه والاتحاد الوطني. وقال: «لاحظنا خلال الفترة السابق أن روحية هذه الاتفاقية لم تنزل إلى المفاصل الأدنى بالحزبين، أضف إلى ذلك وجود مشكلات مناطقية كثيرة، ولذلك نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لتلك الاتفاقية من أجل تطويرها وتقويتها، ونحن حريصون على إدامتها، ونعتقد أن الإخوة في الاتحاد الوطني يشاركوننا هذا التوجه، لذلك ليست لدينا أي مخاوف من انفراط هذا العقد الذي بنيت العملية السياسية بكردستان على أساسه».

وحول ما يتردد من وجود مخاوف لديهم من تقارب الاتحاد مع حركة التغيير، قال إيمينكي: «لا نشعر بأي مخاوف أو القلق من تطور العلاقات بينهما، وكان هناك نوع من التفاهم بيننا وبين الاتحاد الوطني بضرورة العمل على إحداث انفراج مع حركة التغيير، فقيادات هذه الحركة كانوا شركاءنا في بناء التجربة الديمقراطية بالإقليم، وكانوا يشاركوننا المخاوف ذاتها من نمو دور حركة الإسلام السياسي، وكان لدينا برنامج مشترك مع الإخوة بالاتحاد للتحاور مع حركة التغيير؛ سواء بشكل مشترك أو بصورة منفردة. نحن لا نريد أن تتفشى سياسة المحاور هنا في الإقليم، بل نفضل أن نعمل معا ونتشارك بإدارة شؤون الإقليم وتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية، وإجراء الإصلاحات المطلوبة، وبعد الانتخابات المقبلة، سنسعى إلى مواصلة حواراتنا مع جميع الأطراف، بما فيها حركة التغيير، من أجل دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية من جهة، وتحقيق التوافقات داخل البرلمان، وهذان أمران ملحان للمرحلة الحالية والمقبلة».

وحول إعلان رغبة الاتحاد الوطني بدخول الانتخابات المقبلة بقائمة منفردة قال المتحدث باسم المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني: «مسألة طبيعية أن يخوض أي حزب الانتخابات بقائمته المنفردة، ولسنا خائفين من نتائج ذلك. نحن نؤمن بالديمقراطية، وهذا شعارنا الأساس، لذلك لا يهمنا النتيجة التي يحصل عليها أي حزب وعدد مقاعده البرلمانية أو البلدية، أي حزب يستطيع تحقيق نتيجة أكبر سنهنئه، المسألة لا تتعلق بالأغلبية والأقلية، ومن سيحصل على أكبر عدد من المقاعد. نحن نعتبر حزبنا الديمقراطي الكردستاني هو أكبر حزب في الإقليم، ومع ذلك نحن نحتاج إلى دعم الأحزاب الأخرى، فتجربتنا لم تكتمل بعد، ولسنا دولة مستقلة، ومسؤولية إدارة الإقليم ليست هينة، فلسنا دولة أوروبية تنعم بالاستقرار والأمن، نحن محاطون بكثير من المشكلات الإقليمية والداخلية، ومن دون الشراكة والتوافق لا يمكننا أن نحقق المكاسب لشعبنا، فجمع الشراكة والتوافق السياسي معا كان تجربة خاضتها عدة دول ونجحت فيها، ونحن بأمسّ الحاجة اليوم إليهما لنوطد دعائم تجربتنا الديمقراطية بإقليم كردستان».