بطريرك الكلدان يوحد موقفي المالكي والنجيفي بعد شهور من الخلافات العميقة

رئيسا الوزراء والبرلمان دعوا في حفل تنصيبه إلى تغليب الهوية الوطنية

TT

على الرغم من استمرار الخلافات العميقة بين رئيسي الوزراء نوري المالكي والبرلمان أسامة النجيفي منذ تفجر أزمة المظاهرات في المحافظات الغربية قبل نحو ثلاثة أشهر فقد اتفقا في كلمتين منفصلتين في حفل تنصيب البطريرك مارلويس رافائيل الأول بطريركا للكلدان في العراق والعالم الذي جرى أمس في كنيسة مار يوسف في بغداد على أن المخاطر التي يمر بها العراق تتعلق بتغليب الهويات الفرعية على الهوية الوطنية الجامعة، فضلا عن أن هناك مخططات تهدف إلى تمزيق العراق باستهداف وحدته الوطنية.

وقال النجيفي في كلمته، إن «العراق لا يزال تحت نير الأزمات المفتعلة ومخططات التمزيق المدبرة التي استهدفت وتستهدف طوائفه الواحدة تلو الأخرى بشكل ممنهج وضمن توقيتات وجغرافيا توحي بالشر المبيت». وأضاف النجيفي، أن «استهداف المسيحيين بالعراق كان بداية لهذا المخطط الإجرامي الذي استخدمت فيه كل الطرق الوحشية والدموية واللاأخلاقية لدفعهم نحو الهجرة»، مشيرا إلى أن «هناك جهات عدة تضمر الشر لنا ولمستقبلنا بعد أن رأت في تمزيق وحدتنا ما يجمعها في هدف موحد».

من جانبه، قال المالكي: «نحن شعب واحد، نتنوع، نتعدد، ننتمي، نحمل هويات، ولكننا نلتقي عند القواسم والمشتركات والتي هي العراق أولا، والشعب العراقي ثانيا، ووحدتنا الوطنية وكيفية أن نكون مواطنين متساوين أكفاء في بلد يحمينا ويرعانا جميعا». وأضاف «على الإخوة المسيحيين ألا يخافوا، ولماذا يخافون وهم ليسوا طارئين على هذا البلد، هم أهل البلد الأصليون، هم أصحاب العقول الذين أسهموا وأسهموا كثيرا في بناء هذا البلد عبر محطات مختلفة من التاريخ». وتابع: «إذا كانت هناك شرذمة من الذين يتبنون التعصب والطائفية والعنف من القاعدة والتنظيمات المسلحة والطائفيين، فإن هؤلاء ليسوا هم هوية الشعب العراقي، إنما يمثلون حالة طارئة تقتضي أن نصطف جميعا مسلمين ومسيحيين لمواجهتها لأنها غريبة ولأننا حصدنا آثارها دماء ودموعا وتخريبا وتعطيلا لمسيرة البناء». وجدد المالكي دعوته للمسيحيين بأن «لا يهاجروا ولا يغادروا بلدهم وتاريخهم وتاريخ أجدادكم».

وكان البطريرك ساكو بطريرك دعا في كلمته إلى الحوار لحل مشكلات العراق، وقال: «نحن في الكنيسة لسنا بعيدين عن الأحداث، بل نراقبها باهتمام ولا نبحث عن امتياز أو منفعة ذاتية، إنما نبغي بناء جسور المحبة والتعاون مع كل المكونات الدينية من أجل تعزيز العيش المشترك». وأضاف: «ومن منطلق إنساني، أناشد الجميع حكوميين وسياسيين إلى الاحتكام إلى لغة الحوار والوفاق وتجنب كل أشكال التعصب والكراهية والعنف لأن السنوات الماضية كانت مليئة بالأحداث والأخطار ولا يزال شبح الخوف والقلق والموت يخيم على أهلنا وهذا لن ينتهي إلا بتكاتفنا ومحبتنا وتعاوننا وولائنا للوطن». ودعا المسيحيين «إلى تجاوز حالة الخوف وعيش الواقع بإيمان». وقال: «المسيحيون ليسوا أقلية في العراق، بل أنتم هنا في العراق منذ ألفي عام وأنتم أصل العراق وأسهمتم بجدارة في بناء الحضارة العربية والثقافة الإسلامية من خلال الترجمة والتأليف». ودعا المسيحيين إلى «عدم الانسحاب أو هجرة العراق تحت أي ضغوط كانت لأن العراق بلادكم وأرضكم.. وإذا استمرت الهجرة بهذه الوتيرة فسيأتي اليوم الذي يصبح فيه مسيحيو الشرق مجرد جزء من الذاكرة بعدما كانوا شرارة الحياة».

إلى ذلك، أكد رئيس كتلة الرافدين المسيحية في البرلمان العراقي يونادم كنا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يربط بين جميع العراقيين هو الوطن الواحد بوصفه الهوية الجامعة وليس الهويات الفرعية التي بات يتغنى بها البعض للأسف». وأكد كنا، أن «البطريرك مار لويس عندما كان مطرانا في كركوك كان يجمع العرب والأكراد والتركمان والشيعة والسنة على مائدة الإفطار التي كان يقيمها في شهر رمضان والتي كثيرا ما تكون تعبيرا عن مصالحات بين مختلف الأطراف».

يذكر أن المسيحيين كانوا يشكلون نسبة 3.1 في المائة من السكان في العراق وفق إحصاء أجري عام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة من المسيحيين إلى الخارج بعد عام 2003.