إدريس يحذر من تنامي نفوذ «النصرة».. وبريطانيا ترفع المساعدات للجيش الحر

المعارضة: التحول الأميركي نتيجة للتدخل الإيراني.. وتشجع أصدقاءها على الدعم بالسلاح

TT

حذر رئيس أركان الجيش السوري الحر العميد سليم إدريس، من تنامي نفوذ «جبهة النصرة» مع استمرار الصراع الدائر في سوريا، وعدم حصول قواته على دعم دولي، بعيد إعلان وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري أن معظم الأسلحة التي تنقل إلى الثوار في سوريا تسلم إلى عناصر معتدلة وليس للمتطرفين.. وهو ما اعتبرته المعارضة السورية «تحولا في الموقف الأميركي الذي يتابع عن كثب الدعم الإيراني ودخول جهات شيعية من لبنان والعراق على خط القتال الميداني في سوريا».

بموازاة ذلك، أعلنت بريطانيا أمس أنها سترفع المساعدات لقوات المعارضة السورية، بما في ذلك تقديم مدرعات. وأوضحت أنه «من الواجب عليها وعلى الاتحاد الأوروبي الاستعداد لاتخاذ المزيد من الخطوات إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة».

وقال وزير الخارجية ويليام هيغ: «ما زالت الحقيقة هي أن الدبلوماسية تستغرق وقتا طويلا جدا واحتمال إحراز انفراجة على الفور محدود». وأضاف أن «بريطانيا بصدد تكثيف الدعم اللوجيستي لقوات المعارضة السورية لزيادة الضغط على النظام لقبول الحل السياسي».

وقال هيغ إن «على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدا لاتخاذ المزيد من الإجراءات». وأوضح: «من وجهة نظرنا إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا، واستمر الصراع، فإن علينا نحن وبقية الاتحاد الأوروبي أن نكون مستعدين للقيام بمزيد من التحركات، ويجب ألا نستبعد أي خيار لإنقاذ الأرواح».

في هذا الوقت، قال العميد سليم إدريس خلال زيارة لبروكسل إنه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن ولم يسقط النظام، فإن «جبهة النصرة ستزداد قوة». وطالب المجتمع الدولي بدعم قواته لتقليل نفوذ الجماعة المتطرفة وقوتها في أعين الناس.

وأوضح إدريس في مؤتمر صحافي بمقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، أن الجبهة «تجتذب المسلحين لأنها تتلقى دعما ولديها قدرات مالية»، دون أن يوضح مصدرها، وحذر في الوقت نفسه من المبالغة في رد الفعل على الجبهة، وقال إنها «لا تمثل سوى 2 أو 3 في المائة من قوام المقاتلين المعارضين».

وأكد أن المجموعة المتشددة «ليست جزءا من الجيش السوري الحر، وأنه لا يوجد أي خطط قتالية بين الجانبين»، لكنه شدد على أن الجيش الحر «لا يعارض مشاركتهم في القتال».

وإذ أشار إلى أن عدد مقاتلي الجيش الحر يناهز الـ250 ألف مقاتل، مائة ألف منهم جاهزون للقتال ولا يحملون السلاح، نفى تلقي الحر السلاح من دول خارجية سواء آسيوية أو مجاورة. وأضاف: «طلبنا أسلحة من الأصدقاء في أوروبا وغيرها لمساعدة الثورة السورية، ولم نحصل على أي أسلحة من أي دولة»، لافتا إلى أن «ما نحارب به هو غنائم حرب مع النظام أو ما نشتريه من السوق الداخلية السورية»، موضحا أنها «بعض أنواع الأسلحة الخفيفة والذخائر البسيطة التي لا تكفي للوقوف أمام آليات الجيش السوري الذي يحصل على الدعم من إيران وروسيا».

وأشار إلى أن الشعب السوري «يعاني من ممارسات الأجهزة الأمنية للنظام، ومن الشبيحة، ومن مقاتلي حزب الله و(رئيس الحكومة العراقية نوري) المالكي الذين دخلوا مؤخرا في الأزمة». وأشار إلى أن إيران «تلعب دورا خطيرا بمحاولتها تشكيل هلال شيعي»، لافتا إلى أن حزب الله «يريد نقل الصراع إلى الأراضي اللبنانية».

وجاء تحذير إدريس عقب إعلان كيري أن بلاده تراقب عن كثب عملية نقل الأسلحة إلى المعارضة السورية ونوعيتها، وأنها على استعداد لاتخاذ قرارها المناسب بشأن تلك الأسلحة.

وأكد كيري أن العمل جار بشكل جاد لضمان عدم وصول الأسلحة التي تنقل إلى المعارضة السورية إلى أيدي جماعات معادية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تملك الخطط الأساسية المرتبة خصيصا لوصول الأسلحة إلى الأشخاص المناسبين وبالكمية المناسبة في المعارضة السورية. وأضاف: «أعتقد أننا حققنا تلك الرؤية خلال الشهر الماضي ولدينا الثقة بذلك».

ورأت المعارضة السورية أن إعلان كيري الأخير «يشير إلى ليونة في التعاطي مع ملف تزويد الجيش الحر بالأسلحة، وخرق لقرارها الماضي». وأكد ممثل الائتلاف السوري المعارض في الولايات المتحدة نجيب الغضبان لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الخرق «يؤكد التحول في الموقف الأميركي»، لافتا إلى أن هناك «شبه اعتراف بالجيش السوري الحر الذي يغلب على مقاتليه طابع الاعتدال».

واعتبر الغضبان أن توجه الولايات المتحدة، بعد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في روما، بات واضحا، وقال: «مع أن الولايات المتحدة قد لا تتخذ قرارا قريبا بدعم الجيش الحر بالسلاح، بشكل مباشر، إلا أنها تشجع أصدقاء آخرين على تزويد الجيش الحر بالسلاح عبر هيئة أركانه».

وعما إذا كانت مخاوف أميركا من جبهة النصرة تبددت خلال الفترة الحالية، وهي الفصيل الإسلامي المقاتل الذي أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب قبل ثلاثة أشهر، قال الغضبان: «تلك المخاوف لم تتبدد، لكنها وضعت في سياقها الطبيعي»، مؤكدا أنه «لا يمكن للولايات المتحدة أن تترك الشعب السوري يواجه مصير القتل والتنكيل والمذابح أعزل بسبب مخاوفها من وصول السلاح إلى جماعات متطرفة».

ورأى الغضبان أن هذا القرار «جرى اتخاذه بعد متابعة واشنطن الحثيثة للدعم الإيراني غير المحدود الذي تتلقاه حكومة دمشق»، فضلا عن «دعم جهات شيعية موالية لإيران تدفقت من العراق ولبنان، لتتدخل بالقتال الميداني في سوريا إلى جانب النظام».

ولفت إلى أن «هذا التدخل لن يقابل بصمت». وأضاف: «أما مقاتلو جبهة النصرة، فهم، على قلة عددهم، جزء من المشهد العسكري المعارض في سوريا، وتقبل الغرب فكرة وجودهم لأنهم ملأوا فراغا نتج عن تقصير المجتمع الدولي في التدخل في سوريا».

وعما إذا كانت واشنطن وضعت آليات وضوابط أمنية لتلافي وصول الدعم العسكري لجبهة النصرة، قال الغضبان: «تلك إجراءات أمنية لا تصرح واشنطن عنها، بل تنفذها بصمت بالتنسيق مع أصدقاء الشعب السوري»، لافتا إلى أن التنسيق «يجري بشكل أساسي مع أصدقاء الشعب السوري العرب في دول خليجية، فضلا عن تركيا وبعض الدول الأوروبية».