اليونيسيف: إسرائيل اعتقلت 7000 طفل فلسطيني خلال العقد الأخير

منظمة إسرائيلية تعتبر الأمر خرقا لميثاق الطفولة العالمي

TT

كشفت إحصائيات منظمة اليونيسيف الدولية لحماية الأطفال أن عدد الأطفال والفتية الفلسطينيين الذين اعتقلوا في السجون الإسرائيلية بلغ نحو 7 آلاف شخص خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن هؤلاء الأطفال يتعرضون لعمليات تنكيل وتعذيب بما يتنافى وميثاق حقوق الإنسان وميثاق حقوق الطفل الدوليين.

وأكدت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية، الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، على صحة هذه المعلومات، مؤكدة أن هناك 219 طفلا يقبعون في السجون الإسرائيلية حاليا، بينهم 95 محكوما و116 معتقلا حتى موعد المحاكمة و8 معتقلين رهن التحقيق. وقالت المنظمة الإسرائيلية إنه وعلى الرغم من الانتقادات الدولية الحادة، ما زالت عمليات اعتقال الأطفال الفلسطينيين من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتزايد. وخلال العام الماضي ارتفع عددهم بنسبة 26 في المائة عن العام الذي سبقه، حيث بلغ عدد المعتقلين الأطفال 881 شخصا في سنة 2012.

وأضافت المنظمة أن الجنود الإسرائيليين يأتون عادة للقبض على الأطفال في الليل ويحدثون ضجة وخوفا كبيرا في البيوت، ويذهبون بالأطفال ويمنعون أهلهم من مرافقتهم، وحتى من معرفة المكان الذي يقودونهم إليه، وهذا ما يضاعف خوف الأطفال. وحسب شارون باومارتين شارون، مسؤولة الأطفال في منظمة «بتسيلم»، فإن اعتقال الفتية يتم في معظم الحالات في الليل، باعتبار ذلك أسهل بالنسبة للجيش لأنه ليس من المحتمل أن يجابه بمقاومة في هذه الحالة. وتقول «نحن مقتنعون بأن إلقاء القبض على قاصرين في الليل غير مقبول». ولفتت إلى ما تتعرض له أسر بعض الأطفال من متاعب يحصل لهم جراء اعتقال أبنائهم، وما قد يحكم عليهم به من غرامات تثقل كواهل الأسر المثقلة أصلا، والتي قد تصل إلى 2000 دولار أميركي، أي أكثر من دخل الأسرة شهرا ونصف الشهر.

وأشارت شارون إلى دراسة حول وضع السجناء من الأطفال في سجون الاحتلال قامت بها المنظمة الدولية للدفاع عن الطفل خلال السنة الماضية، وأكدت أن 75 في المائة من الشباب المعنيين يتعرضون للعنف البدني، ويتحدث أكثر من نصفهم عن تعرضهم لتهديدات باستخدامه. وعلاوة على ذلك، اعتقلت نسبة 63 في المائة منهم في سجون ومعتقلات إسرائيلية، وهذا انتهاك لميثاق جنيف الرابع الذي يحظر نقل سكان أراض محتلة إلى دولة أخرى.

وجاء من «بتسيلم» أن القانون الإسرائيلي ينص على أن من لم يبلغ الثامنة عشرة بعد يعد قاصرا. ولم تسر نفس القاعدة على الفلسطينيين في الضفة الغربية إلا في شهر سبتمبر (أيلول) 2011؛ فحتى ذلك الحين اعتبر الفلسطينيون قاصرين حتى بلوغهم السادسة عشرة عاما. ورغم هذه الخطوة الجيدة فإن التشريع العسكري لا يمنح القاصرين الفلسطينيين وسائل الحماية اللائقة الممنوحة لهم وفق القوانين الدولية والقانون الإسرائيلي، وذلك حتى بعد إدخال التعديل المذكور. فالاعتقال والحبس لا يزالان وسيلة حصرية للتعامل مع الانتهاكات التي يقوم بها قاصرون للقانون، وليس وسيلة أخيرة. حضور الوالدين في التحقيق - وهو حق مضمون للقاصرين الإسرائيليين - ليس مذكورا البتة في التشريع العسكري، وفي كثير من المرات يحقق معهم وحدهم حتى من دون منحهم إمكانية التشاور مع محام. أضف إلى ذلك أن التشريع العسكري يفتقر لنظم لائقة في ما يتعلق بسير الأمور أثناء اعتقال القاصرين وأثناء التحقيق معهم. فالجيش يدرج على إخراج القاصرين من أسرّتهم في منتصف الليل من أجل اعتقالهم، حتى حين لا يكون التحقيق طارئا. وخلافا للقانون الإسرائيلي الذي يُلزم بجلب كلّ معتقل أمام القاضي خلال 24 ساعة - والمعتقل تحت سن الرابعة عشرة خلال 12 ساعة - فإن النظم السارية في المناطق المحتلة تُمكّن من تأجيل عرض القاصر على القاضي حتى اليوم الثامن من اعتقاله، تماما كما الأمر مع البالغين.

وذكرت منظمة «بتسيلم» أنه منذ تشكيل المحكمة العسكرية الإسرائيلية الخاصة بالشبيبة، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2009، والتي تنشط من داخل معسكر «عوفِر» شمال رام الله، هناك مأسسة لمحاكمة ومعاقبة الفتية والأطفال. فقد خُوّل القضاة في هذه المحكمة كقضاة شبيبة، وتجري المداولات فيها بشكل سري. ومنذ إقامتها، عُرض أمام هذه المحكمة قاصرون حتى سن الثامنة عشرة، رغم أن التشريع العسكري في تلك الفترة تعامل مع البالغين من العمر 16 عاما وما فوق على أنهم بالغون. تنظر محكمة الشبيبة في المداولات الأساسية فقط. وتجري المداولات المتعلقة بتمديد الاعتقال في المحكمة العسكرية العادية، فيما تجري الاستئنافات في محكمة الاستئنافات العسكرية، التي يجلس فيها قضاة ليسوا بالضرورة قضاة شبيبة.

ومنذ إقامة محكمة الشبيبة بُذلت جهود من أجل تقصير فترة علاج الملفات. وبحسب معطيات الناطق العسكري فإن 10 في المائة من ملفات القاصرين المعتقلين حتى انتهاء الإجراءات استمرت لأكثر من تسعة شهور، وذلك قبل إقامة محكمة الشبيبة. وفي عام 2010 لم تبلغ نسبة المحاكمات التي استمرت لفترات كهذه إلا 1.5 في المائة فقط. ومن خلال الفحص الذي أجرته منظمة «بتسيلم» على العقوبات التي فرضت على القاصرين الذين أدينوا بإلقاء الحجارة بين مطلع 2005 ونهاية يونيو (حزيران) 2011، يتضح أن قرابة 93 في المائة منهم تلقوا حكما ما بالحبس. ومنذ تأسيس محكمة الشبيبة العسكرية طرأ تحسن على معالجة قضايا القاصرين تحت سن الرابعة عشرة، فلم تجرِ إدانة أي قاصر تحت هذه السن في النصف الأول من عام 2011 بإلقاء الحجارة. إضافة إلى ذلك، فقد قامت محكمة الشبيبة بتقصير فترات الحبس التي فرضت على القاصرين تحت سن الرابعة عشرة بشكل كبير: في عام 2010 كانت أطول فترة حكم بالحبس فرضت على قاصر في هذه الفئة العمرية قد بلغت تسعة أيام، فيما بلغت أطول فترة حكم قبل قيام محكمة الشبيبة قرابة الشهرين. وفي داخل إسرائيل يُمنع حبس القاصرين دون سن الرابعة عشرة.