رد إيجابي من «عسكر» الكردستاني يحيي الآمال ببدء عملية السلام الكردية

كاندار: الطرفان جاهزان للحل.. لكن الشيطان يكمن في التفاصيل

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يستقل طائرة حربية تركية الصنع مع الرئيس التركي عبد الله غل خلال زيارتهما مركز صناعة الطائرات في أنقرة أمس (إ.ب.أ)
TT

ارتفعت حظوظ «عملية السلام» بين تركيا وأكرادها مع وصول أولى ردود الفعل الإيجابية على الرسائل التي بعث بها زعيم تنظيم «حزب العمال الكردستاني» الذي يقاتل الدولة التركية منذ مطلع الثمانينات للحصول على «استقلال» الأكراد ما كلف الجانبين نحو 40 ألف قتيل حتى الآن.

وكان الرد الإيجابي الثاني من قبل «العسكر» في التنظيم الذين ينتشرون في المناطق الحدودية مع العراق خصوصا بتأكيدهم التزامهم «أوامر» زعيمهم التاريخي المسجون في جزيرة إمرالي قبالة مدينة إسطنبول حيث يقضي حكما بالسجن المؤبد، حيال خطة منتظرة تبدأ بوقف للعمليات الحربية من جانب التنظيم، يليه انسحاب للمقاتلين من الأراضي التركية. وكان حزب «السلام والديمقراطية» الكردي الذي يعتبر الجناح السياسي للتنظيم قد أبدى موافقته على مشروع الحل الذي تم الاتفاق عليه بين أوجلان والاستخبارات التركية، فيما يتبقى رد أكراد المهجر المقيمين في أوروبا غالبا في وقت لاحق.

وتوقع الكاتب التركي المتخصص بالشؤون الكردية جانكيز كاندار أن يتم إعلان وقف للعمليات العدائية من قبل التنظيم المحظور في تركيا ومن قبل الاتحاد الأوروبي وواشنطن، مشيرا إلى أن الخطوة التي تلي ستكون انسحاب المقاتلين في شهر يونيو (حزيران) المقبل إلى شمال العرق لتبدأ معها المفاوضات الثنائية. وتوقع كاندار أن «تأخذ الأمور وقتا، اعتمادا على المفاوضات التي ستجري بين الطرفين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الهم الآن هو وجود عملية سلام، لأن الأمور لا تزال في بداياتها. وأشار إلى أن الناس (الأكراد والأتراك) جاهزة للحل، لكن عندما يتعلق الأمر بنوعية هذا الحل وتفاصيله تبدأ الاختلافات في الرأي، ولهذا من المبكر القول بإمكانية وجود حل أم لا، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل.

ورأى كاندار أن التسريبات التي جرت لما دار في اللقاء بين أوجلان والنواب الأكراد الذين زاروه «لم تؤثر سلبا على العملية، فالطرفان أكدا أنهما لن يتأثرا بأية عملية تشويش، وإذا كانت ثمة غيوم من الغضب، فسنجد تحتها رغبة في الحل من قبل جميع الأطراف». وفيما كانت أحزاب المعارضة التركية تواصل حملتها على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على خلفية التسريبات، عاد 5 نواب من حزب «السلام والديمقراطية» من شمال العراق بعد زيارة لمعسكر قنديل الذي يسيطر عليه الكردستاني ونقل النواب رسالة خطية من أوجلان إلى قادة الحزب وعلى رأسهم مراد كرايلان الذي يعتبر صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الحزب. وتسربت أمس إلى الإعلام التركي صورة عن اللقاء تظهر كرايلان مترأسا الجلسة، حيث يوجد على يساره نواب السلام والديمقراطية سري سوريا أوندار وأحمد ترك ووالتطان تان وبجانبه صبري أوق مسؤول التنظيم الكردستاني في إقليم تركيا.

وفي أول تعليق له، ردا على الرسالة قال كرايلان في تصريح لوكالة الأنباء الكردية بأن الحزب والقاعدة الشعبية ستلتزم بتعليمات قائدها أوجلان المعتقل في جزيرة إمرالي. وأضاف بأن «استراتيجية الزعيم التي تقوم على أساس الربح رويدا رويدا ستكون المحور الأساسي لإقناع كوادر الحزب». وأضاف: «إنها المرة الأولي التي يأتي بها وفد من حزب السلام والديمقراطية إلى مواقعنا ويحضرون رسالة من قائدنا وهذه الخطوة تعتبر بالنسبة لنا حدثا تاريخيا». وتابع: «إن المرحلة التي بدأها زعيمهم أوجلان بأنها لا تقتصر على مواقف سياسية بل أعدتها إلى كونها نقطه تغيير في الأيدلوجية والفلسفة السياسية والاجتماعية بجميع نواحيها وتعتبر تغيرا في الاستراتيجية الكردية». وأضاف بأن التغير لن يقتصر على الأكراد وتركيا فقط بل سيشمل منطقة الشرق الأوسط بأكملها وسيكون التغيير استراتيجيا وجذريا وعميقا». ورغم أنه قال «إن ما يريده قائدنا من تغيرات في حزب العمال الكردستاني ليس من السهل استيعابها وفهمها»، لكنه أكد «أننا سنعمل كل ما في وسعنا لاستيعابها مع أنها صعبة». وأضاف بأنه لا يوجد مشروع ما وإنما هي أفكار يطرحها القائد بعد المباحثات التي أجراها مع مسؤولين في الدولة التركية ولا يوجد أي شيء واضح، وكل ما فهمته بأنه يريد تحويل حل المعضلة الكردية من السلاح إلى الحل السياسي السلمي، ويريد من جميع مكونات الشعب الكردي وجهه نظره حول الفكرة، وهذه خطوه تاريخيه تحتاج إلى دعم فمن يعارضها فهو ممن يحبذون سفك الدماء من كلا الطرفين»، مشيرا إلى إمكانية أن تتحول هذه المرحلة إلى مرحلة سلام دائم، ولكنه حذر أيضا من إمكانية أن تتحول إلى مرحله اشتباكات سيتكبد الطرفان فيها خسائر فادحة».

وكان نواب من السلام والديمقراطية أعلنوا من شمال العراق بأن الأسرى الـ10 الموجودين في يد الكردستاني من الجنود الأتراك سيطلق سراحهم خلال 10 أيام لإظهار حسن نية الكردستاني للإسراع في عملية السلام.

وأعلن نواب الحزب بأنهم سينتظرون نيات حكومة العدالة والتنمية في السلام من خلال الإجراءات التي تتخذها قوات الأمن التركية للحيلولة دون احتفال الأكراد بعيد النيروز الذي يصادف الـ21 من مارس (آذار) الحالي. وأضاف الحزب أنه كان سيقوم بالاحتفال في 45 مكانا في تركيا ولكنه قرر في اللحظة الأخيرة إقامة الاحتفال فقط في مدينه ديار بكر ذات الأغلبية الكردية. وأشار إلى أنه إذا كانت الحكومة التركية جادة في مرحلة السلام ستعكسه على تصرفاتها يوم الـ21 ومن الممكن أن يكون هذا اليوم يوما لبدء وقف إطلاق النار من قبل الحزب.