مشادات عنيفة داخل البرلمان الأردني بين نواب «تهجموا بإساءات» على النسور وأنصاره

رئيس وزراء الأردن يؤكد توفر الضمانات الكافية لإجراء محاكمة عادلة لـ«أبو قتادة»

TT

شهد مجلس النواب الأردني أمس مشادات عنيفة بين معارضين لقرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية ومؤيدين له دفعت برئيس مجلس النواب بالوكالة خليل عطية لرفع جلسة النواب، بعد تهجم عدد منهم بـ«إساءات» ضد رئيس الوزراء عبد الله النسور الذي أعلن مضيه بقرار رفع أسعار المحروقات مشيرا إلى أن التراجع يعني زيادة عجز الموازنة.

وشدد بأن إيقاف رفع الأسعار لأسباب سياسية مع بداية الربيع العربي راكم خلال العامين الماضيين عجزا بلغ ملياري دولار.

وساهم في رفع الجلسة إشهار النائب شادي العدوان سلاحه احتجاجا على اتهامات وجهها نواب للنسور بالفساد، فضلا عن اعتداء مرافق النائب خالد الحياري، على النائب نضال الحياري بـ«منفضة سجائر» ما أدى إلى إصابته برأسه، ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ومن المتوقع أن تلقي هذه الحادثة داخل البرلمان بظلالها على مشاورات تشكيل الحكومة بين الدكتور فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي مع الكتل البرلمانية وتزيد من اتساع عدد البرلمانيين المعارضين لترشيح الدكتور عبد الله النسور للرئاسة الوزراء للفترة القادمة.

وفي تفاصيل بدت الأجواء مشحونة قبيل انعقاد الجلسة بينما كانت رئاسة مجلس النواب تعلن عن أن هنالك محاولة لإفشال النصاب تحت القبة.

وأثرت كلمات الرئيس بالإنابة خليل عطية على النواب وظهروا منفعلين خاصة أن عطية أصرّ على انعقاد الجلسة رغم اعتراض عدد من النواب خشية ما ستؤول إليه النتائج، في حين كان نواب يميلون لرؤية الرئاسة محايدة في الجلسة حيث إن عطية كان في مواقفه المعلنة ضد رئيس الحكومة عبد الله النسور - رغم قيادة عطية للجلسة طبقا للنظام الداخلي وبشكل حيادي - وهو ما جعل نوابا في كتلة الاتحاد الوطني يحملون الرئاسة مسؤولية ما جرى وتمسكها بعقد الجلسة خلال حديث دار بين عدد من أعضائها أمام الصحافيين.

وطالب النائب يحيى السعود بحماسة بالغة بتقديم مداخلة إلى أن الرئاسة منعته من الحديث بعد أن أعطت الكلمة لرئيس الوزراء للرد على مداخلات النواب يوم الأحد الماضي حول قرار رفع الأسعار.

عُرف لاحقا أن النائب السعود كان يرغب في تقديم ملاحظة حول النظام الداخلي الذي يحتم الالتزام بما هو مدرج على جدول أعمال الجلسة والتي ليس من بينها مداخلة لرئيس الحكومة.

ورغم تكرار مداخلاته وصراخه رفض عطية السماح للسعود بالحديث، مؤكدا أنه سيسمح للنواب بالحديث في أعقاب كلمة الرئيس وكان النائب السعود ينهض من مكانه ومن ثم يُجلسه زملاؤه. وقدم الرئيس النسور مداخلاته وحث الجميع على احترام المؤسسة البرلمانية وخرج في كلماته هذه عن نص الورقة التي كتبها، وعبر في هذا السياق عن رفضه «التنابز بالألقاب».

واستمر النسور في كلمته التي ظهر منها عدم رغبة الحكومة في التراجع عن القرارات لمبررات عدة ساقها أمام النواب بل إن الرئيس اعتبر أن قرار وقف الرفع عن الأسعار كان يوما «حزينا» كلف الدولة خلال عامين مليارا ونصف المليار دينار.

وفي الربع الأخير من كلمة النسور بدأ النائب زيد الشوابكة يحتج ويرفع صوته ويشاغب رافضا لما جاء به النسور وطالب النواب بالعودة إلى بيوتهم إذا لم يلغ قرار رفع الأسعار وكان الشوابكة يقوم ويقعد ويتحدث بلغة اتهامية وتحريضية ضد رئيس الحكومة وصلت إلى حد اتهامه بـ«الفساد».

هنا استوقفت هذه الكلمات رئيس الحكومة الذي رفض ما جاء على لسان النائب وقال له «ماذا قلت.. شو الكلمة الأخيرة اللي حكيتها»، وسأل رئيس المجلس بالإنابة «هل تقبل بذلك يا سعادة الرئيس؟» ليرد عطية بأنه لا يقبل وتشطب من محضر الجلسة واعتذر باسم المجلس عن تلك الأوصاف.

وهنا تدخل النائب نضال الحياري ووصل إلى صحن المجلس طالبا من النواب الاستماع للنسور حيث إنه يجيب على استفسارات النواب رافضا اتهامه بالفساد.

وبدت كلمات الشوابكة موجعة للرئيس الذي لم يصمت وسط صيحات النائب، وقال النسور «ليس أنا من يتطاول علي بهذا الشكل.. وأنت يا رئيس الجلسة.. هذا كلام مرفوض»، قبل أن يعتذر الرئيس عطية مجددا باسم المجلس.

وعاد النسور ليتحدث عن الحوار وأن مجلس النواب شريك في المسؤولية وتحت رقابة مجلس النواب وقال: إنه يتقبل أي كلمة عابرة وتابع: «أنا لم أعمل 700 مليون ولا أنا فاسد وأتحدى من خلال آلاف الشاشات إذا كان أي مواطن أردني حاضر غايب أتحداه أن يجد علي طابع بريد فهذا الكلام لا يوجه لي ولا في حضرتي» وهنا قال عطية «وصلت الرسالة» قبل أن ينهض النائب الشوابكة مجددا من مقعده معترضا.

ولوحظ أن الوزراء خلال هذه الدقائق كانوا واقفين بينما كان نائب رئيس الوزراء عوض خليفات يرقب المشهد من على كرسيه المجاور لمقعد الرئيس في مقاعد هيئة الوزارة.

غادر رئيس الوزراء بعد ذلك الجلسة مخلفا وراءه مشادات وتجاذبات بين النواب وصلت حد الشتائم واقتربت من الاشتباك بالأيدي، والحجز يلقون نصيبا من العنف.

امتدت في أعقاب الجلسة المشاحنات فحصلت إحداها بين نائبين (خالد الحياري ونضال الحياري) في قاعة الوزراء المخصصة تحت قبة البرلمان، حيث تبادلا النقد والتلاسن وصلت إلى حد اعتداء مرافق النائب الأول على النائب الثاني نقل على أثرها النائب نضال إلى المستشفى.

وبدت الأجواء متوترة في مجلس النواب بينما تدفق عدد من أقرباء النواب أطراف المعارك إلى البرلمان، وكان هنالك من يهدد ويتوعد بمن «يصب الزيت على النار».

وأمام حالة الفوضى لم يكتب لرئيس الوزراء إكمال رده على مطالبات النواب التي طرحوها في جلسة الأحد الماضي ومذكرتهم الموقعة من 92 نائبا والتي تطالب الحكومة بالعودة عن قرار رفع أسعار المحروقات، كما لم يتمكن النواب من مناقشة رد رئيس الوزراء حيث رفع رئيس مجلس النواب بالإنابة الجلسة بسبب الفوضى التي سادت الجلسة وقيام عدد من النواب بالتهجم على بعضهم البعض.

وفي سياق آخر أكد رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور توفر الضمانات الكافية لإجراء محاكمة عادلة للأردني عمر محمود عثمان المعروف بـ«أبو قتادة» المتهم في قضايا إرهابية.

وقال النسور، خلال لقائه أمس الأربعاء مع وزير الدولة البريطاني للأمن جيمس بروكينشاير الذي يزور المملكة حاليا: «إن الحكومة الأردنية كانت قد أعلنت في أكثر من مناسبة أنها تقدم الضمانات الكافية لمحاكمة عادلة لـ(أبي قتادة) حال إبعاده إلى الأردن».