دول مجلس التعاون تحذر لبنان من خرق «النأي بالنفس» وضرب مصالح اللبنانيين

«14 آذار» ممتعضة من مواقف وزير الخارجية.. وميقاتي يؤكد التمسك بـ«إعلان بعبدا»

TT

حذرت دول مجلس التعاون الخليجي لبنان من عدم التزامه سياسته الرسمية المتمثلة في «النأي بالنفس» حيال أزمة سوريا، داعية اللبنانيين إلى «تفادي كل ما من شأنه تعريض أمن بلدهم واستقراره للخطر». وتزامن موقف المجلس مع مطالبة وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس بإلغاء تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، في موقف منفرد لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية، وأثار ردود فعل لبنانية منددة.

وجاء تحذير دول مجلس التعاون للبنان، في بيان صادر أمس، غداة زيارة قام بها الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان في بيروت أول من أمس بتكليف من دول الخليج، «ليبلغه قلق مجلس التعاون البالغ من مواقف لبنان الأخيرة وبعض الأطراف اللبنانية من الأوضاع في سوريا التي لا تعكس سياسة (النأي بالنفس) التي أعلن لبنان التزامه بها». وعبر الزياني الذي التقى سل مان بحضور سفراء الدول الست الأعضاء في المجلس، عن التطلع إلى أن «يحافظ لبنان على سياسته المعلنة وأن يلتزم بمواقفه الرسمية لأن المواقف الرسمية لها تأثيرات إقليمية ودولية تنعكس على الأمن والاستقرار في المنطقة». وأكد الزياني أن «دول مجلس التعاون، من واقع حرصها واهتمامها بلبنان وشعبه الشقيق، تأمل أن يبادر المسؤولون اللبنانيون إلى تفادي كل ما من شأنه أن يعرض أمن واستقرار لبنان للخطر أو يؤثر على مصالح وسلامة الشعب اللبناني».

وفي موازاة دعوة وزير الخارجية اللبناني إلى «إعادة سوريا إلى حضن جامعتها العربية ولنرفع تعليق مشاركتها في اجتماعاتنا»، معتبرا أن «التواصل مع سوريا لإنقاذها واحتضانها من جديد ضروري من أجل الحل السياسي»، جدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس التأكيد على أن «الحكومة اللبنانية لا تزال ملتزمة سياسة (النأي بالنفس) عن الوضع في سوريا، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته عند صدور قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية». وشدد ميقاتي على أن «هذا القرار لا يزال ساري المفعول انطلاقا من (إعلان بعبدا)» الذي تم التوافق عليه خلال «مؤتمر الحوار الوطني» برئاسة الرئيس سليمان.

ولاقت مواقف منصور في القاهرة مواقف لبنانية ممتعضة، جاء أبرزها على لسان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي رأى أن «دعوة وزير الخارجية إلى فك تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية، هي الخلاصة الحقيقية للدور القبيح الذي تقارب من خلاله الحكومة اللبنانية الأحداث الدموية في سوريا».

وسأل الحريري في بيان: «هل نحن أمام وزير يتحدث فعلا باسم الجمهورية اللبنانية ورئيسها.. باسم الحكومة ورئيسها، أم نحن أمام وزير خارجية إيران، أو في أحسن تقدير أمام وزير ينفذ أوامر جهة سياسية، تمسك بزمام الأمر الحكومي وتفرض على لبنان، الدولة والمؤسسات والشعب، مواقف لا وظيفة لها سوى الإساءة لعلاقات لبنان وتعريض المصلحة الوطنية لمخاطر جسيمة». وفي حين دعا الحريري «القوى السياسية المؤتمنة على سلامة لبنان وعلاقاته العربية إلى إشهار الرفض الكامل لسياسات الحكومة العشوائية»، وقال إن «اللبنانيين يطلبون من هذه الحكومة أن تكشف عن وجهها الحقيقي لتقول للعرب ولكل العالم إنها حكومة نظام بشار الأسد و(حزب الله) في لبنان»، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «كلام منصور لا يشرفنا أبدا»، واعتبر أنه «كان الأجدر به أن يأخذ بعين الاعتبار مشاعر الأكثرية الكبرى من اللبنانيين قبل أن يتخذ موقفا من الثورة السورية، أو أقله أن يحصل على موافقة حكومته قبل أن يطرح إعادة العمل بعضوية النظام السوري».

وكان وفد من نواب «14 آذار» قد بدأ جولة على سفارات دول مجلس التعاون الخليجي في بيروت أمس، فالتقى سفيري المملكة العربية السعودية علي عواض العسيري، ودولة الكويت عبد العال القناعي، على أن يستكمل جولته في الأيام المقبلة. وقال عضو الوفد، النائب عن حزب الكتائب، إيلي ماروني لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم يعد خافيا على أحد كيف تتأثر علاقة لبنان مع دول الخليج سلبا، سواء على الصعيد السياسي أو اللبنانيين العاملين في الخارج، خصوصا بعد الموقف الذي تبلغه الرئيس اللبناني بهذا الشأن». وأكد ماروني أن «الهدف من لقاء السفراء العرب هو التأكيد على أولوية الحفاظ على اللبنانيين الموجودين في هذه الدول، وأن نبقي على أفضل العلاقات السياسية معها، خصوصا أنها لم تتردد يوما في مساعدة لبنان إنمائيا واقتصاديا»، ناقلا عن السفراء العرب «انزعاجهم من (تورط) حزب الله في الصراع السوري ومواقف وزير الخارجية اللبناني»، وقال: «بعثنا برسالة اطمئنان، وأكدنا أنه مقابل الجزء الذي يريد الإساءة لعلاقة لبنان مع الدول العربية، هناك جزء أكبر يريد تدعيم هذه العلاقة وتمتينها».

وأبدى ماروني أسفه «لإصرار منصور على أن يكون وزير خارجية سوريا وإيران»، معتبرا أن «أقل الإيمان أن يعمد كل من الرئيسين سليمان وميقاتي إلى إقالته من منصبه باعتبار أن الحكومة لن تتغير أو تستقيل، وهو يكرر خروجه عن موقف الدولة الرسمي». وأعربت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» عن رفضها «لما صدر عن (القائم بأعمال السوري لدى لبنان) عدنان منصور».