الحكومة التركية تنتقد زيارة وفد من المعارضة للأسد وتعتبرها تشجيعا للقاتل

دمشق تشكو لمجلس الأمن تسهيل تركيا دخول مسلحي «القاعدة».. وأنقرة تنفي وتؤكد أن الحل الأفضل «تنحي الأسد»

الرئيس السوري بشار الأسد أثناء لقائه رئيس البعثة البرلمانية التركية بدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

رفعت دمشق من مستوى انتقاداتها الموجهة إلى الحكومة التركية، فاتهمتها بتسهيل دخول مقاتلي تنظيم القاعدة إلى أراضيها، فيما كان الرئيس السوري يستقبل وفدا من المعارضة التركية في دمشق مؤكدا أمامه أن بلاده «تفرق بين مواقف الشعب التركي الداعمة لاستقرار سوريا ومواقف حكومة رجب طيب أردوغان» الذي كرر أمس انتقاداته للأسد، واصفا إياه بأنه «ديكتاتور يقتل شعبه».

ووجهت الخارجية السورية رسالة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة تشكو فيها أنقرة لتسهيلها دخول مقاتلي «القاعدة» إلى سوريا، وهو ما نفته أنقرة بشدة. ورأى كبير مستشاري الرئيس التركي إرشاد هورموزلو أن الأسد «يحاول أن يعلق أخطاءه على شماعة الآخرين ويكرر اتهامات خرافية لا علاقة لها بالواقع». ونفى هورموزلو الاتهامات السورية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري قال أكثر من مرة إنه يعد ملفات حول سرقة الآثار والمصانع (السورية) وتدريب إرهابيين لإرسالها إلى مجلس الأمن- لكنه هذه الاتهامات لا تعكس الواقع، وهي مجرد ادعاءات يريد بها النظام مخاطبة الداخل السوري للحديث عن مؤامرة دولية والهروب من المطالب الشعبية».

وأضاف: «إن الجميع يعلم بمن فيهم الأسد أن الحل الأمثل هو بالذهاب إلى حكومة انتقالية وتنحيه عن السلطة في أسرع وقت ممكن». ورأى هورموزلو أن حزب الشعب الجمهوري يعتمد سياسة «النأي بالنفس» في الأزمة السورية. وأشار في المقابل إلى أن حكومة تركيا لم تأخذ طرفا في الأزمة، لكنها حينما خيرت بين الظالم والمظلوم اختارت الوقوف إلى جانب المظلوم وهذا أبسط ما تقوم به من الناحية الأخلاقية. ورأى هورموزلو أن هناك الكثير من التلكؤ والتأخير في الاستجابة لمطالب القوى الشعبية السورية ما أدى إلى إطالة الأزمة.

وانتقدت مصادر رسمية تركية بشدة زيارة وفد حزب الشعب الجمهوري إلى الرئيس السوري، معتبرة أنها «تشجيع للقاتل على التمادي في أفعاله». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الخطوة (الزيارة) غير موفقة ولا تنم عن إحساس بالمسؤولية حيال شعب يذبح يوميا من دون شفقة أو رحمة».

وقال رئيس الوزراء التركي أمس إن بلاده غيرت موقفها من الرئيس السوري بشار الأسد بعد أن بدأ يقتل شعبه، مؤكدا أنه لا يمكن أن يصادق من يظلم شعبه. وأضاف أردوغان أن الشعب السوري يتعرض، منذ عامين، لمجازر ديكتاتور يملك كل أنواع المعدات الحربية، مشيرا إلى أنه كان يلتقي مع الأسد عائليا، إلا أن كل شيء تغير، «ومع تغيره قطعنا كل علاقة لنا به، لأن من يظلم شعبه بهذا الشكل، لا يمكن أن يكون صديقنا».

وكان الرئيس السوري بشار الأسد أكد على «ضرورة الفصل بين مواقف الشعب التركي الداعمة للاستقرار في سوريا ومواقف حكومة رجب طيب أردوغان المصرة على دعم الإرهاب والتطرف وزعزعة استقرار المنطقة». وخلال لقائه وفدا برلمانيا تركيا من حزب الشعب الجمهوري برئاسة حسن اكيول، قال الأسد إن الشعب السوري يقدر مواقف قوى وأحزاب الشعب التركي الرافضة لسياسات حكومة أردوغان المؤثرة سلبا على التنوع العرقي والديني الذي تتميز به مجتمعاتنا بالمنطقة ولا سيما في سوريا وتركيا.

وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، فقد تناول اللقاء مستجدات الأوضاع على الأراضي السورية حيث عبر أعضاء الوفد البرلماني عن رفض الشعب التركي للتدخل في الشؤون السورية الداخلية وحرصه على علاقات حسن الجوار، محذرين من مخاطر تأثير الأزمة في سوريا على الداخل التركي بشكل خاص وعلى دول المنطقة عموما.

وقد اتهمت وزارة الخارجية السورية الحكومة التركية بإيواء وتدريب وتسليح وتمويل «المجموعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة» والتي تحارب النظام السوري. وقالت الوزارة، في رسالتين متطابقتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة إن «الدور والممارسات العدوانية التي تقوم بها الحكومة التركية الحالية وبعض الدول والقوى الإقليمية والدولية من دعم مباشر أو غير مباشر للمجموعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا يشكل انتهاكا فاضحا لمبادئ وقواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب ومبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول». وأضافت أنه «في الوقت الذي يستمر فيه مسؤولو الحكومة التركية بالإعلان صراحة عن التدخل في الشؤون الداخلية السورية.. تستمر(تركيا) أيضا في إيواء وتدريب وتسليح وتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة بكل الوسائل».

وتابعت أن «المعطيات الميدانية والتقارير السياسية والإعلامية التركية والعالمية وما أشار إليه بوضوح الكثير من البرلمانيين ورؤساء الأحزاب التركية مؤخرا تظهر حجم التدخل التركي بما يجري في سوريا من أحداث». ولفتت الخارجية السورية إلى أن برلمانيين أتراكا ناقشوا مؤخرا عدة قضايا في البرلمان مع «أدلة دامغة تثبت تورط الحكومة التركية فيما يجري في سوريا من أحداث ومن ذلك دخول السفينة الليبية (انتصار) إلى ميناء اسكندرون قبل شهرين بإذن خاص من وزارة الداخلية التركية وكانت تحمل 400 طن من الأسلحة لنقلها إلى الإرهابيين في سوريا مع 250 إرهابيا ليبيا للدخول إلى الأراضي السورية».

وأشارت الخارجية السورية إلى «عريضة الاستفسار التي تقدم بها اتيلا كارت النائب عن حزب الشعب الجمهوري إلى البرلمان» والتي «طالب فيها الحكومة التركية بشرح أسباب تمكينها لثلاث طائرات سعودية من طراز / سي 130/ مخصصة للنقل والإخلاء العسكري من استخدام المجال الجوي التركي لنقل الأسلحة والعتاد والمسلحين إلى سوريا وما إذا كانت الطائرات تحمل مقاتلين من تنظيم القاعدة».