استقالة وزير الزراعة العراقي احتجاجا على مقتل متظاهر في الموصل

القوات الأمنية فتحت النار على المحتجين في نينوى.. وأغلقت جامع أبو حنيفة ببغداد

مئات الآلاف من المتظاهرين ضد حكومة نوري المالكي في مدينة سامراء أمس (رويترز)
TT

أعلن وزير الزراعة العراقي عز الدين الدولة، القيادي في ائتلاف العراقية بزعامة إياد علاوي، أمس استقالته احتجاجا على مقتل متظاهر في الموصل، في ثاني استقالة لوزير من حكومة نوري المالكي في غضون أسبوع. وقتل متظاهر واحد على الأقل وأصيب نحو ستة بجروح، أمس الجمعة، حين فتحت قوات الأمن العراقية الرصاص على متظاهرين مناهضين لحكومة نوري المالكي في الموصل شمال البلاد، بحسب ما أكد ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، القيادي في ائتلاف العراقية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «وزير الزراعة استقال اليوم»، مضيفا أن الوزير المنتمي إلى قائمة العراقية كان «طرح موضوع استقالته منذ فترة، واليوم، صعد حدث قتل متظاهر من الموضوع، فأعلنها».

وقال غازي الفيصل، وهو متحدث باسم المتظاهرين في ساحة يطلق عليها اسم «ساحة الأحرار» وسط الموصل (350 كم شمال بغداد)، إن «إطلاق نار من قبل الشرطة والجيش في ساحة الأحرار أدى إلى مقتل متظاهر إثر إصابته في الوجه». وقال من جهته رئيس اللجان التنسيقية للمظاهرات في محافظة نينوى، حمد سلمان، إن «قوات الأمن قامت بإطلاق نار بشكل عشوائي على المتظاهرين مما أسفر عن مقتل» متظاهر وإصابة آخرين.

وأكد ضابط في شرطة الموصل أن «الاشتباكات وقعت إثر قيام قوات مكافحة الإرهاب باعتقال حسين الجبوري، أحد داعمي المظاهرات، فقام المتظاهرون برمي الشرطة بالحجارة، مما دفع أحد عناصر الشرطة إلى إطلاق النار في الهواء». وتابع «لكن غضب المتظاهرين تصاعد»، وواصلوا «إلقاء الحجارة، فقام عناصر آخرون من الشرطة بإطلاق النار بشكل عشوائي للسيطرة على الموقف». وأشار إلى أن عملية الاعتقال تمت وفق مذكرة قضائية بتهمة الإرهاب.

وتشهد «ساحة الأحرار» التي تقع في منطقة الغزلاني وسط الموصل، مظاهرات واعتصامات متواصلة منذ أكثر من شهرين مناهضة لرئيس الحكومة نوري المالكي. وشهدت مدينة الموصل اليوم مظاهرات في مناطق متفرقة، فرضت حولها إجراءات أمنية مشددة. وتنظم في مدن متفرقة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين مظاهرات واعتصامات منذ أكثر من سبعين يوما، يتهم خلالها المتظاهرون حكومة المالكي بـ«تهميش» السنة، ويطالبون بالإفراج عن سجناء، إضافة إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب. وفي يناير (كانون الثاني)، قتل سبعة متظاهرين في مدينة الفلوجة (60 كم غرب بغداد) خلال اشتباك مع القوات العراقية.

وبينما تستمر مظاهرات جمعة «الفرصة الأخيرة» في نحو خمس محافظات عراقية هي الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى، فإن السلطات الأمنية منعت إقامة تلك الصلاة في العاصمة العراقية بغداد، وذلك بعد إغلاق جامع أبي حنيفة النعمان في حي الأعظمية ذي الغالبية السنية والواقع شمال بغداد، والذي تقام فيه أسبوعيا صلاة جمعة موحدة. وقال صلاح العسكري، أحد وجهاء حي الأعظمية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «السلطات الأمنية كانت قد اتخذت إجراءات المنع والغلق منذ ليلة أول من أمس، وذلك تحسبا لقدوم المواطنين إلى الجامع لأداء الصلاة الموحدة». وأبدى العسكري استغرابه من عملية الغلق «على الرغم من أن إمام جامع أبي حنيفة ومساعده لم يكونا موجودين في المسجد هذه الجمعة، لكونهما ذهبا إلى كركوك لأداء صلاة موحدة هناك». وأوضح أن «الفرقة 11 من الجيش العراقي هي التي تولت ذلك من خلال غلق المسجد منذ الليل وعدم السماح لأحد بالدخول إليه باستثناء أعداد من المواطنين كانوا موجودين منذ الليل في باحة الجامع ولم يخرجوا، واضطروا إلى أداء الصلاة في الشارع». وأكد العسكري أن «المضايقات من بعض أفراد الجيش تتصاعد أسبوعيا، وأن عمليات التضييق تأخذ في كل جمعة منحى غير المنحى الذي أخذته في الأسبوع الذي قبله، الأمر الذي بات يجعل الأعظمية وكأنها سجن كبير كل جمعة».

وكان عدد من أهالي الأحياء السنية في العاصمة بغداد مثل العامرية والغزالية والجامعة والخضراء قد خرجوا بمظاهرات في مناطقهم عقب أداء الصلاة، نددوا فيها بالإجراءات الحكومية في مناطقهم، كما أعلنوا مساندتهم للمتظاهرين في المحافظات الأخرى. وفي الفلوجة، تظاهر عشرات الآلاف من أهالي المدينة في جمعة «الفرصة الأخيرة»، مطالبين الحكومة العراقية بتنفيذ مطالبهم «المشروعة». ورفع المتظاهرون أعلاما عراقية ولافتات تطالب الحكومة بـ«الإصلاح». وقال خطيب جمعة الفلوجة عبد الرزاق شلال، في خطبة ألقاها أمام عشرات الآلاف من المتظاهرين وأطلق عليها «جمعة الفرصة الأخيرة»، إن «المتظاهرين لن يرجعوا عن اعتصاماتهم ومظاهراتهم ما دامت هناك عمليات اغتصاب واعتداء على سجينات وأبرياء قابعين في السجون».

من جانبه، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حمزة الكرطاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك وهما لدى الحكومة بأن المظاهرات يمكن أن تنتهي حتى من دون تنفيذ المطالب، وهو أمر غير صحيح، ونود هنا أن ننصح الحكومة بألا تستمع إلى من يقدم لها المشورة من المستشارين الذين لا يعرفون ما يجري أو لا يريدون معرفته». وأضاف الكرطاني أنه «على رئيس الوزراء نوري المالكي إعادة النظر في حساباته كليا، وأن يستجيب للأصوات الداعية إلى تحقيق مطالب مكفولة دستوريا وعدم اتباع نهج سياسي سليم في معالجة الأزمات التي تمر بها البلاد». واعتبر الكرطاني أن «مفتاح حل الأزمة بيد المالكي، وعليه أن يختار بين أن يكون قائدا عراقيا يشار إليه بالبنان أو لا، وأن التاريخ لا يرحم أحدا»، مشيرا إلى «اننا نعرف أن المالكي هو الشخص الأول في القدرة على تلبية مطالب المتظاهرين، وأن المراهنة على عنصر الوقت أمر غير صحيح». واعتبر الكرطاني أن «سقوط قتلى وجرحى في الموصل أمر في غاية الخطورة، وإذا كانت الحكومة تقول إن المظاهرات مكفولة دستوريا، فإن عليها حماية المتظاهرين وفقا للقانون والدستور أيضا».