حرائق بالقاهرة في الموجة الأولى لغضب «الألتراس».. والجيش يحمي البرلمان ومجلس الوزراء

ردا على الحكم ببراءة 7 ضباط شرطة في قضية «مذبحة بورسعيد»

مصريون يحملون ما جرى نهبه من مقر اتحاد الكرة الذي تم اقتحامه من قبل الألتراس بعد سماعهم حكم المحكمة الجنائية في قضية «مذبحة بور سعيد» (رويترز)
TT

أتت الموجة الأولى من غضب روابط مشجعي النادي الأهلي على مبنيي اتحاد الكرة ونادي أكاديمية ضباط الشرطة القريب منه، اللذين أحرقا بالكامل، احتجاجا على براءة 7 من ضباط الشرطة المتهمين في قضية «مذبحة استاد بورسعيد» التي راح ضحيتها 72 من مشجعي الأهلي. ودفعت قوات الجيش للمرة الأولى منذ تولي الرئيس الإسلامي محمد مرسي مقاليد السلطة منتصف العام الماضي بعناصرها لتأمين مقر البرلمان ومجلس الوزراء بوسط العاصمة، فيما تجددت الاشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة بوسط العاصمة، سقط خلالها ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى.

وقضت محكمة جنايات بورسعيد بإعدام 21 متهما في قضية مذبحة بورسعيد، كما قضت بالسجن المشدد 15 عاما على قيادتين أمنيتين بالمحافظة، لكن الحكم ببراءة باقي ضباط الشرطة المتهمين في القضية أثار استياء مشجعي الأهلي (الألتراس).

ووسط انقسام في صفوف الألتراس بشأن الحكم، قام عدد منهم باقتحام مقر نادي أكاديمية الشرطة القريب من مقر النادي الأهلي بالجزيرة وأضرموا النار فيه، قبل أن يقتحموا مقر اتحاد الكرة المصري ويحرقوه. وقالت مصادر طبية إن 5 مواطنين أصيبوا جراء اندلاع النيران في مبنى نادي أكاديمية الشرطة.

وارتفعت ألسنة اللهب وسحب الدخان السوداء في سماء القاهرة، فيما قطع عشرات من الألتراس كوبري 6 أكتوبر الحيوي، كما أوقفوا حركة مترو الأنفاق بمحطة السادات بميدان التحرير. وحاصر المئات من الألتراس مقر دار القضاء العالي بوسط القاهرة، للتنديد بالأحكام الصادرة بحق ضباط الشرطة، ورددوا هتافات معادية للشرطة.

وتوعد شباب الألتراس ضباط الشرطة، مؤكدين استمرارهم في فيما وصفوه بأعمال «الفوضى» لحين القصاص لدماء الشهداء، والرد على الأحكام التي اعتبروها «هزيلة». وأضاف شباب الألتراس اسم المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري السابق إلى قائمة الشخصيات التي توعدوها بالقصاص وفق بيان منسوب لهم على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

وترأس المشير طنطاوي المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد عقب تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في مطلع 2011، ويحمل شباب الألتراس المشير المسؤولية السياسية عن القتلى الـ72 الذين سقطوا في أحداث استاد بورسعيد مطلع العام الماضي، أثناء فترة مسؤوليته عن حكم البلاد. وتجددت الاشتباكات بين عشرات المحتجين وقوات الشرطة على كورنيش النيل قريبا من كوبري قصر النيل الذي يربط بين منطقة الجزيرة وميدان التحرير، مما أسفر عن سقوط قتيل واحد على الأقل في المواجهات التي استخدمت خلالها الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين ردوا بإلقاء الحجارة على القوات التي تتمركز بالقرب من مقر السفارة الأميركية بوسط القاهرة.

وفي غضون ذلك، قال المتحدث العسكري إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي دفع بمروحيتين عسكريتين للمشاركة في أعمال إطفاء الحرائق المشتعلة بمنطقة الجزيرة، فيما قالت مصادر عسكرية إن أوامر قد صدرت من القيادة العامة للقوات المسلحة بنزول قوات الجيش إلى بعض المناطق الحيوية بالقاهرة لتأمينها. وقال شهود عيان إن قوات من الجيش تمركزت في محيط مبنى البرلمان (مجلسي الشعب والشورى) ومقر مجلس الوزراء المجاور له في شارع القصر العيني بوسط القاهرة.

ووجه ساسه ومراقبون انتقادات حادة للرئيس مرسي ورئيس حكومته هشام قنديل والبرلمان ذي الأغلبية الإسلامية بسبب حالة الصمت التي تهيمن على مراكز صنع القرار.

وعلى الصعيد نفسه، أغلقت قوات الأمن المتمركزة بمحيط وزارة الداخلية جميع الشوارع المؤدية للوزارة، بمنطقة وسط البلد باستخدام الأسلاك الشائكة والدروع البشرية من قوات الأمن المركزي.

وتفقد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، يرافقه اللواء أشرف عبد الله قائد قوات الأمن المركزي الحالة الأمنية بمنطقة وسط القاهرة صباح أمس والتقى بضباط وأفراد وجنود الأمن المركزي والأمن العام المكلفين بتأمين وحماية المنشآت المهمة والحيوية بالمنطقة، بينما تواصلت إضرابات عدد من أقسام الشرطة في العاصمة للمطالبة بإقالة وزير الداخلية.

قال اللواء إبراهيم لقواته إن الوزارة لن تسمح بأن تكون مصر رهينة بأيدي الخارجين على القانون، ولن تتهاون أبدا في التعامل مع أية تجاوزات تمس أمان المواطنين أو أمن المنشآت الهامة والحيوية، بحسب بيان صادر عن الوزارة، وهو ما اعتبره مراقبون تفويضا باستخدام القوة ضد المحتجين، بعد أن أعطت الحكومة الضوء الأخضر للشرطة بتسليح عناصرها. وحلقت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة على ارتفاع منخفض فوق محيط النادي الأهلي، وهو ما استفز شباب الألتراس الذين تجمعوا منذ صباح أمس في محيط النادي الأهلي في انتظار الحكم.

وفي الساعات الأولى من صباح أمس هاجم مجهولون يعتقد أنهم ينتمون إلى الألتراس مقر صحيفة «الوطن» الخاصة بحي الدقي، وأحرقوا الدور الأول في المبنى الذي تشغله الصحيفة وحطموا واجهته، بعد نشر الصحيفة خبرا عن لقاء قيادات الألتراس بنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، وهو ما اعتبره شباب الألتراس محاولة للإيهام بعقدهم صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين على حساب دماء قتلاهم.

ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أمس اعتذارا عن خبر لقاء قيادات الألتراس، وقالت: «أكد الألتراس أن الخبر المنشور حول لقاء قيادات من جانبهم بخيرت الشاطر لا صحة له على الإطلاق، وأنهم لا يقومون بأي لقاءات مع سياسيين بشأن قضية بورسعيد لأنهم لا يريدون سوى القصاص العادل، و(الوطن) من جانبها تعتذر عن الخطأ غير المقصود».