جمال بن عمر في دبي لإقناع اليمنيين الجنوبيين بالمشاركة في الحوار

البيض يرفضه.. وعلي ناصر: هو الوسيلة المثلى لحل المشاكل

جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة متحدثاً إلى القيادي اليمني الجنوبي حيدر العطاس بعد لقاء مع قيادات جنوبية في دبي أمس (أ.ف.ب)
TT

جمع موفد الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر في دبي أمس شخصيات من «الحراك الجنوبي» بهدف إقناعها بالمشاركة في الحوار الوطني لإخراج البلاد من الأزمة السياسية. لكن ممثلي الجناح المتشدد في الحراك، بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، انسحبوا من الاجتماع بعدما سلموا بن عمر قائمة بمطالبهم، وفق ما أفاد به مشاركون. وقال خضر الجعري، أحد ممثلي تيار البيض، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما زلنا على موقفنا بمقاطعة الحوار»، مؤكدا عدم القبول بأي حوار إلا بين الجنوب والشمال. ويطالب أنصار البيض بانفصال جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة حتى عام 1990.

وكشف موقع «مأرب برس» الإخباري عن مضمون رسالة البيض، وأهم ما جاء فيها، حيث طالب البيض في رسالته التي وجهها إلى الموفد الدولي جمال بن عمر، في الاجتماع الذي عقد في مدينة دبي أمس بحضور عدد من القيادات الجنوبية، مجلس الأمن أن يعبر عن أسفه لما سماه «معاناة الشعب الجنوبي»، وطالب البيض في رسالته التي حملها نيابة عنه إلى المبعوث الدولي كلا من «الدكتور محمد علي السقاف والخضر الجعري بتحديد الجهة الراعية للتفاوض وحضور الجلسات المنعقدة لبحث قضية شعب الجنوب»، حسب وصفه. وطلبت رسالة البيض من المجتمع الدولي إدخال قوات دولية إلى اليمن بهدف خلق مناخ سياسي ملائم للحوار من خلال توفير حماية دولية لشعب الجنوب باستبدال جميع الوحدات العسكرية والميليشيات التابعة للقوات الشمالية بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وإطلاق جميع الأسرى، وإلغاء الأحكام ضد السياسيين والصحافيين. كما طالبت رسالة البيض بأن «يكون الحوار التفاوضي بين ممثلين عن دولة الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية) و(دولة الجمهورية العربية اليمنية) بعد الاعتراف بقضية شعب الجنوب وبـ(الحراك الجنوبي) كممثل وحامل سياسي لهذه القضية». كما طالب البيض بتوفير ما سماه «الحماية الدولية الإنسانية لشعب الجنوب، وسحب جميع الوحدات العسكرية من الجنوب، وإيقاف المحاكمات والملاحقات، وإطلاق جميع الأسرى، وإلغاء الأحكام ضد السياسيين والصحافيين الجنوبيين». غير أن إحدى مندوبات «الحراك الجنوبي» جهاد عباس، قالت إن «معظم المشاركين ما زالوا يؤيدون المشاركة في الحوار الوطني» الذي سيبدأ في 18 مارس (آذار). وأضافت أن «الغالبية تؤيد أيضا الفيدرالية وترفض اللجوء إلى العنف». ومن المشاركين في اجتماع دبي الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء السابق عبد الرحمن الجفري. ولم يتمكن قادة آخرون في «الحراك الجنوبي» من المشاركة لعدم حصولهم على تأشيرات دخول مثل حسن باعوم. وقضية جنوب اليمن ستكون على جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني، الذي قرر البيض وباعوم مقاطعته. وكان مقررا أن يجري هذا الحوار في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بهدف إعداد دستور جديد والتحضير لإجراء انتخابات في فبراير (شباط) 2014 مع انتهاء فترة انتقالية استمرت عامين إثر تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

إلى ذلك، انتقد الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، غياب نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض عن جلسة مباحثات جمال بن عمر مع عدد من القيادات الجنوبية في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث قال: «كنا نأمل أن يشاركنا الأخ علي سالم البيض وكل الفرقاء الجنوبيين للتشاور في ما يخص قضية شعبنا الجنوبي حاضره ومستقبله، وتلبية لنداء الجماهير التي خرجت في ذكرى التصالح والتسامح في 13 يناير (كانون الثاني)».

وأضاف ناصر في كلمته أن «الجنوب ليس حزبا بل شعب ووطن، وأن تقرير مصيره لن يمر إلا بالجنوبيين المؤمنين بعدالة قضيتهم وبتعاون الأشقاء والأصدقاء»، مؤكدا أن حل القضية الجنوبية لم يعد حاجة وطنية بل ضرورة إقليمية دولية. وشدد علي ناصر على ضرورة أن تدرك كافة الأطراف أن هذا الحل لن يرى النور دون استشعار أهمية الحوار الجنوبي - الجنوبي ومن ثم الحوار مع الأطراف المعنية، وأضاف قائلا: «إن الاحتقان السياسي الذي اتخذ عنوان الأزمة العامة في اليمن كان نتيجة طبيعية لسياسات حكم فاشلة تعتمد الحروب العبثية كما حصل في صعدة خلال ست حروب وتعتمد أيضا إنهاك البلاد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا». وأضاف: «لا يمكن لأحد أن يفسر المشكلة اليمنية شمالا وجنوبا سواء قبل عام 1990م أم بعده دون أن يذكر الوحدة بوصفها العنوان الأبرز والأهم والحاكم لكل تعقيدات الأزمة المقيمة في اليمن، وغني عن القول بأن الوحدة كانت هدفا استراتيجيا لنا في الجنوب، وارتبطت بها بشكل وثيق مختلف الصراعات التي كانت قائمة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والحال هذه بالنسبة لبعض الأحداث في الشمال، بل إنها في الجنوب كانت المحور الأساس الذي تشكلت على أساسه الصراعات السياسية التي لم تكن على السلطة بقدر ما كانت على الوحدة مع الشطر الشمالي». وحول الوضع المتأزم في الجنوب، قال علي ناصر: «لا تزال الحالة القمعية مستمرة من خلال أحداث متنقلة وممارسات سلطوية تزيد الطين بلة، كما أن تعثر هذا التغيير وعدم اكتماله وما رافق ويرافق هذه العملية من إخفاقات مشهودة - تجعلنا نخشى أن يتخلق بسببها شعار جديد هو (الحوار أو الحرب)، ونريد في كل جهد قمنا ونقوم به أن نضع حدا لهذا التدافع الكارثي من أجل المصلحة العليا للوطن وحفظ حقوق المواطنين وإعادة توجيه الحياة العامة بطريقة تضمن العدالة والسلام لشعبنا ولا تصطدم مع المصالح الإقليمية والدولية التي ينبغي أن تكون ضامنة للجميع وليست ضامنة لطرف على حساب طرف آخر، فلم يعد للإقصاء بكل أشكاله أي أفق، ولن يؤدي ذلك إلا لمزيد من تكثيف الأزمات التي قد تنتقل إلى حرب لا يمكن لجمها والتحكم في مساراتها، وستأتي على الأخضر واليابس، ولن يسلم منها أحد، وستؤثر بطبيعة الحال على ما بعد حدود بلادنا وعلى المصالح في المنطقة». وحول أهمية الحوار، قال ناصر: «علينا أن ندرك أن توقف جهود إشراك الجميع في الحوار الوطني لن يكون في مصلحة هذا الحوار، الذي لطالما أكدنا أنه الوسيلة المثلى لحل المشاكل وفك عقد الأزمات فيما لو اتخذ مساراته الحقيقية وتوافرت شروطه وآلياته».

ومن المقرر أن تدخل الأطراف اليمنية المختلفة حوارا وطنيا شاملا في 18 من هذا الشهر، تكون القضية الجنوبية على رأس القضايا المطروحة فيه.