احتدام الجدل في المغرب حول تراجع عدد النساء في المناصب الحكومية الرفيعة

وزير مغربي: المنافسة مفتوحة > جمعية نسوية: شروط الحكومة «تعجيزية»

TT

انتقدت جمعية نسوية مغربية «الشروط التعجيزية» التي وضعتها حكومة عبد الإله ابن كيران أمام النساء بشأن معايير الترشح للمناصب العليا في المؤسسات الحكومية، وقالت إن القانون التنظيمي الخاص بهذه التعيينات «لم يستجب لمبدأ المساواة»، وفي غضون ذلك، قال مسؤول حكومي إن 16 امرأة عينت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في مناصب رفيعة، في حين بلغ عدد الرجال الذين تولوا بدورهم مناصب رفيعة 140 رجلا، وعبر المسؤول عن عدم رضا الحكومة عن هذه الوضعية.

وكانت الحكومة المغربية قد وافقت خلال فبراير (شباط) الماضي على تعيين ثلاث نساء فقط في مناصب عليا، هن سعاد بنسودة مديرة للمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بالمحمدية، وزهراء المعافري مديرة المركز المغربي لإنعاش الصادرات، ورشيدة نافع عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية. ولم ترض هذه التعيينات المنظمات النسائية المستاءة أصلا من وجود امرأة واحدة فقط في الحكومة هي بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وهي قيادية في حزب العدالة والتنمية الإسلامي. وكان ابن كيران قال أكثر من مرة إن الكفاءة هي المعيار الوحيد للتعيين في المناصب العليا سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل، وإنه لن يقبل بتعيين امرأة أقل كفاءة لمجرد أنها امرأة.

وفي هذا السياق، قالت نزهة العلوي، رئيسة «اتحاد العمل النسائي»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحديث عن الكفاءة بالنسبة لتعيين النساء في المناصب العليا ليس سوى هروب من أجل عدم تنفيذ الدستور، الذي ينص على المناصفة وتكافؤ الفرص والمساواة». وأضافت «أقول للحكومة إن من يبحث عن الكفاءات سيجدها، المشكلة بالنسبة لي هي أنه لا وجود لإرادة سياسية للبحث عن الكفاءات النسائية التي تمرست للعمل في مختلف المجالات منذ الاستقلال». وأوضحت العلوي أن «هذه المبررات نفسها كانت تقال لنا عندما كنا نطالب بإقرار الكوتة (نظام الحصة) للرفع من تمثيل النساء في الانتخابات البلدية، وهي أن الأحزاب لن تجد العدد الكافي من النساء للترشح في تلك الانتخابات، لكن الواقع كان مخالفا، وأصبح الآن لدينا كفاءات نسائية مهمة تتولى إدارة البلديات».

وفي السياق نفسه، انتقدت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وهي من بين أعرق الجمعيات العاملة في هذا المجال «التأخر والتعثر الذي تضعه الحكومة الحالية أمام كل القوانين والإجراءات والبرامج الخاصة بالنهوض بحقوق النساء». ومنذ تعيينها وزيرة للشؤون الاجتماعية والأسرة، لم تجد الوزيرة الحقاوي مساندة من طرف المنظمات النسائية ذات التوجه اليساري، التي كانت تحتكر القضية النسائية بحكم حضورها القوي على الساحة، واتخذت موقفا مسبقا من كل مبادرة تقوم بها. وانتقدت الجمعية اعتماد الحقاوي مبادرات جديدة في مجال النهوض بحقوق المرأة عوض الاستمرار في المبادرات التي أعدتها الوزيرة السابقة نزهة الصقلي، العضو القيادي في حزب التقدم والاشتراكية اليساري، ولقيت تأييدا واسعا من قبل تلك الجمعيات، واعتبرت أنه تمت «إعادة النظر» في الاستراتيجيات السابقة من منطلق الرجوع إلى نقطة الصفر عوض منطلق التحيين وتحقيق التراكمات، كما انتقدت «حرص الحكومة عامة، والقطاع المعني بالمرأة بشكل خاص، على ترسيخ منظوره المحافظ لقضية المساواة والرافض للمرجعية الكونية التي أقر بسموها الدستور الجديد».

وسردت الجمعية النسائية عددا من مطالبها ضمنها «وضع سياسات حكومية تستجيب للحقوق الإنسانية للنساء واستفادتهن من الخدمات الأساسية»، كما طالبت «بوضع سياسة جنائية للنساء ضمن السياسة الجنائية العامة تنسجم مع الدستور وتتلاءم مع التزامات المغرب الدولية بما يضمن للنساء الحق في عدالة جنائية».

وفي سياق ذي صلة، قال عبد العظيم الكروج، وزير الوظيفة العمومية (القطاع العام)، إن نسبة وجود المرأة في الإدارات الحكومية تصل إلى حدود 39 في المائة. واعتبر الكروج هذه النسبة متواضعة، مشيرا إلى أنه كان يفترض أن تكون أفضل من ذلك بكثير. لكن الوزير المغربي أكد في الوقت نفسه على أنها نسبة جاءت تطبيقا لقانون «يرتكز على مبدأ الشفافية والاستحقاق وليس عن طريق التمييز الإيجابي»، مشيرا إلى أن المرأة تواجه عقبات تحول دون ترقيتها إلى مناصب رفيعة حيث إن بعض النساء يصعب عليهن التوفيق بين مسؤوليات العمل والبيت ويفضلن إعطاء الأولوية للأسرة.

وقال الكروج إن الحكومة المغربية وضعت خطة تمتد إلى نهاية ولايتها في عام 2016 تهدف لإنصاف المرأة، كما تم خلال هذه السنة توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتمويل البرامج التي سيتم من خلالها ترسيخ المناصفة بين النساء والرجال. وأشار إلى أن قانون المناصب العليا الذي وضعته وزارته يفتح الترشيحات أمام الجميع سواء من النساء أو الرجال، وعبر عن اعتقاده أن يسهم ذلك في إتاحة الفرصة للمرأة لتكون منافسة الرجل على المناصب العليا.

يشار إلى أن الإدارات الحكومية وزعت أول من أمس وردا وحلويات وبعض الهدايا على الموظفات العاملات في هذه الإدارات. وبموازاة مع ذلك، شاركت عدة جمعيات حقوقية ونسائية وناشطات في منظمات محلية ودولية، في وقفة احتجاجية بوسط الرباط قبالة البرلمان، ورفعت شعارات تطالب بدستور أكثر ديمقراطية وبمنح المرأة كل حقوقها والتصدي لظاهرة العنف ضد النساء، وتخفيض سن تقاعدها إلى 55 سنة.