مصدر كردي: هناك توجه لدى حكومة إقليم كردستان نحو الاستقلال الاقتصادي

في ظل ما وصفه بـ«استمرار المواقف العدائية» من جانب الحكومة الاتحادية

TT

في وقت كانت فيه الأنظار تتجه نحو الجلسات البرلمانية المكرسة لمناقشة موازنة العام الحالي للحكومة الاتحادية، لتضع إطارا يتيح حلولا ممكنة للمشاكل العالقة بين أربيل وبغداد، وفي ظل اقتراب موعد زيارة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى بغداد والتي علقت عليها آمال كبيرة لتجاوز تلك المشكلات وفتح صفحة جديدة في العملية السياسية في العراق من خلال تطبيع العلاقات بين الإقليم والمركز، جاءت سياسة كتلة دولة القانون داخل البرلمان العراقي والقاضية بتمرير قانون الموازنة عبر اللجوء إلى مبدأ الأغلبية البرلمانية، كعقبة جديدة وكبيرة أمام تطبيع تلك العلاقات، مما عزز من توجهات حكومة إقليم كردستان نحو المزيد من الاستقلالية الاقتصادية، حسب ما أعلنه مصدر كردي.

وقال المصدر المقرب من حكومة الإقليم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ظل استمرار تكرار المواقف العدائية من الحكومة الاتحادية ضد حكومة الإقليم، وخلق العشرات من المشاكل والأزمات معها حول أبسط الأمور التي يعالجها الدستور، وتعدي السلطة الاتحادية على حقوق إقليم كردستان الدستورية، وإهمال مطالبها الأساسية، وفي مقدمتها دفع مستحقات الشركات النفطية وموازنة البيشمركة وبقية الخلافات المالية، فإن سياسة الحكومة الحالية التي يترأسها نيجيرفان بارزاني تتجه في المستقبل نحو تحقيق المزيد من الاستقلالية الاقتصادية عن المركز». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «رغم أنه ما زالت هناك فرصة لتجاوز تلك المشاكل والخلافات، لكن في حال فشلت المفاوضات القادمة حول حسم المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد، فإن هذا الخيار سيكون هو الخيار المطلوب لكي يستمر الإقليم في تحقيق تقدمه الاقتصادي والتنموي».

وفضلا عن الموارد النفطية المكتشفة في الإقليم خلال السنوات الماضية، وثبوت قدرة سلطات إقليم ونجاحها في تصدير كميات كبيرة من النفط يوميا إلى الخارج، بواقع 150 ألف برميل - ووعدت وزارة الموارد الطبيعية بأن ترفع سقف إنتاجها النفطي إلى مليون برميل يوميا بحلول عام 2015 - فإن هناك موارد أخرى تدر على الإقليم أموالا كبيرة تمكن حكومته من تحقيق تلك الاستقلالية الاقتصادية عن المركز. وفي هذا السياق نقل موقع «سبه ي» الكردي الذي تديره حركة التغيير الكردية المعارضة تصريحا أمس عن رئيس اتحاد المستوردين والمصدرين بكردستان الشيخ مصطفى عبد الرحمن كشف فيه عن إحصائية بواردات الإقليم المتأتية من الضرائب الجمركية بالمنافذ الحدودية وقدرها بما يقرب من سبعة تريليونات دينار عراقي. وقال رئيس الاتحاد «إن الإيرادات الجمركية لعام 2012 من جمرك إبراهيم الخليل على المعبر الحدودي مع تركيا بلغت 4 تريليونات دينار، ومعبر حاج عمران 329 مليار دينار، ومعبر باشماخ وبرويزخان تريليوني دينار، فيما وصلت إيرادات مطار أربيل الدولي إلى 620 مليار دينار ومطار السليمانية إلى 12 مليار دينار، ويكون المجموع الكلي للإيرادات 6 تريليونات و961 مليار دينار».

وكانت حكومة إقليم كردستان قد أصدرت بيانا رسميا حول تمرير قانون الموازنة الاتحادية جاء فيه أن «ما يثير الأسف هو ورود بعض النقاط في قانون الموازنة التي لا تتعارض مع مصلحة شعب كردستان فحسب، بل تعترض بأوجه متعددة برنامج حكومته، ولذلك نعلن رفضنا لتلك النقاط، ونؤكد أنهم باستنادهم إلى مبدأ الأغلبية لتمرير القانون وإهمال ملاحظات ومقترحات شعب كردستان، قد أخلوا بمبدأ التوافق الوطني والشراكة الحقيقية في السلطة وفق ما ينص عليه الدستور لبناء العراق الجديد، فقد أغفل القانون المطالب الأساسية للإقليم في ما يتعلق بالنفقات الحاكمة والسيادية وموازنة البيشمركة وتنمية الأقاليم والبترودولار ومستحقات الشركات النفطية. وهذه خطوة تتناقض مع الحقوق الطبيعية والدستورية للشعب الكردي كمكون أساسي في العراق، ولذلك سنعقد سلسلة من الاجتماعات في غضون الفترة القريبة القادمة مع القوى السياسية ونواب البرلمان والمسؤولين الكرد لصياغة موقف واضح وموحد مما جرى». ومضت حكومة الإقليم ببيانها «في الوقت الذي تستنكر فيه حكومة الإقليم هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق شعبه الدستورية، فإنها تعلن بصراحة ووضوح أنها لن تلتزم بالفقرات والمواد الواردة بقانون الموازنة التي تتعارض مع الأسس الدستورية، وستلجأ إلى كل الطرق القانونية والدستورية للطعن بها».

إلى ذلك، اعتبر التحالف الكردستاني أن انفراد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي بالسلطة بدأ ينسحب على أساسيات العمل الوطني الذي بني منذ البداية على أسس الشراكة والتوازن والتوافق الوطني. وقال المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي مؤيد طيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسس التي قامت عليها العملية السياسية منذ البداية هي التوافق والتوازن والشراكة، وإننا بدأنا نلاحظ أن هناك خرقا واضحا لها في العديد من القضايا الجوهرية والمهمة»، معتبرا أن «تمرير الموازنة المالية من دون حضور ولو نائب كردي واحد إنما هو مؤشر خطير على نهاية عهد الشراكة الوطنية والذي هو مبدأ ثابت ليس في الدستور العراقي الحالي بل حتى في الدساتير القديمة للعراق، فإن المبدأ الثابت هو أن الكرد والعرب شركاء في الوطن». وأوضح طيب أن «كل السبب في ما يجري هي الإخلال بأسس الشراكة والتوازن، فضلا عن غياب الثقة وعدم احترام الاتفاقيات مع حكومة إقليم كردستان». وأشار إلى أنه «تم خلال الاجتماع اتخاذ قرار بدعوة الوزراء الكرد ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية للتشاور من أجل اتخاذ قرار حاسم خلال الأيام المقبلة».