خلافات بين الخطيب وأعضاء الائتلاف ترجئ اجتماع تشكيل الحكومة المؤقتة

رئيس الائتلاف اتهم البعض بالسعي وراء المكاسب بضغوط خارجية

وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يصافح المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس لدى لقائهما في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

قالت مصادر مطلعة داخل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إن تأجيل اجتماع الائتلاف الذي كان مقررا له يوم غد (الثلاثاء) إلى أجل غير مسمى، جاء بعد خلافات حادة بين رئيس الائتلاف الشيخ معاذ الخطيب وعدد من الأعضاء الراغبين في الدفع قدما بملف تشكيل حكومة مؤقتة، مشيرا إلى أن الخطيب وجه رسالة إلى أعضاء الائتلاف، تم تسريبها، ينتقد فيها سياسات الائتلاف في التعامل مع مسار الثورة السورية، وعلى رأسها موضوع تشكيل الحكومة، واصفا سياساته بـ«المتعجلة».

وانتقد الخطيب في رسالته إلى الائتلاف، التي حملت اعتذاره عن عدم المشاركة في الاجتماع الذي تم تأجيله، ما اعتبره تعاطي أعضاء الائتلاف مع نتائج «تبدو إيجابية ظاهريا»، لافتا إلى أنها تحمل في أعماقها ما قال إنه «بذور سلبيات كثيرة».

واتهم الخطيب بعض أعضاء الائتلاف بالسعي إلى تحقيق مكسب سياسي، مدفوعين بضغوط خارجية، متمثلة في نيل مقعد في جامعة الدول العربية، وهو ما اعتبره الخطيب في رسالته ليس هدفا في حد ذاته، مشددا على ضرورة التشاور الدقيق حول الأولويات ضمن مصلحة السوريين.

وقالت مصادر سورية في الداخل السوري وإسطنبول تحدثت معهم «الشرق الأوسط» عبر «سكايب» أمس إن «الخطيب ليس راضيا بشكل عام عن سياسات الائتلاف، لكن النقطة الأبرز الآن في الخلافات تتمحور حول موضوع تشكيل الحكومة.. الخطيب لا يبدو متحمسا للإسراع في هذا الأمر».

وانتقد الخطيب في رسالته أيضا عدم وجود ممثلين مدنيين عن الجيش الحر في الائتلاف، وكذلك قلة تمثيل المرأة في المعارضة قائلا إن «تمثيل المرأة معيب حقيقة، ومن أول يوم ونحن نتحدث عن ذلك».

وتابع قائلا: «وجود سلطة مهم جدا، ولكن من قال إنها فقط يمكن أن تكون باسم حكومة، جلسة اختيار السلطة أو ما يدعوه إخوة آخرون حكومة (وهو اقتراح لم أصوت معه) هي حق للشعب السوري ولا يجوز أن تتم بغياب عنه».

في المقابل، انتقد هيثم المالح عضو الائتلاف الوطني ورئيس اللجنة القانونية موقف الخطيب، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «ما فعله الخطيب خطأ، كان الأولى به أن يقدم نقاط اعتراضه أو رسالته في اجتماع للهيئة العامة للائتلاف باعتباره رئيسا له».

من جانبه، تحفظ حارث النبهان عضو الائتلاف على التعليق على الرسالة التي قال إن «نسبتها إلى الخطيب لا تزال محل شك». لكن مصادر سورية بالداخل على صلة بالخطيب أكدت لـ«الشرق الأوسط» صحة نسبة الرسالة إلى الخطيب.

وكشف تعليق كتبته سهير الأتاسي، نائب الخطيب، على صفحتها الشخصية على موقع «فيس بوك»، عن عمق الخلافات بشأن قضية تشكيل الحكومة، وتساءلت الأتاسي في انتقاد ضمني للخطيب: «ما خوف البعض (سوريين ودولا) من خطوة إقرار حكومة مؤقتة؟». وأضافت أن «تلك الحكومة باتت ضرورة أكثر من أي يوم مضى من أجل إدارة المناطق المحررة».

وأشارت الأتاسي إلى أن «تشكيل الحكومة يقطع الطريق أمام التفاوض مع السفاحين (في إشارة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد)، وقطع الطريق أمام تلك الحكومة الانتقالية التي يريدونها مشتركة مع ممثلي السفاح، وكأن الثورة خرجت تطلب السلطة».

وكان من المقرر أن يبحث في اجتماع إسطنبول «مسألة تشكيل الحكومة» التي ستتولى إدارة المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في شمال سوريا وشرقها، مع احتمال تسمية رئيس لها.

وكانت تسمية رئيس هذه الحكومة مرتقبة في اجتماع للائتلاف كان محددا في الثاني من مارس (آذار) الجاري، إلا أنه أرجئ إثر ضغوط من الولايات المتحدة وروسيا اللتين تفضلان قيام حكومة مؤقتة تكون منبثقة من حوار بين النظام والمعارضة.

وفي غضون ذلك، أوضح عضو الائتلاف والمجلس الوطني سمير النشار أن تأجيل الاجتماع «جاء بناء على طلب من بعض الأعضاء منحهم المزيد من الوقت لدراسة المقترحات حول الحكومة المؤقتة»، مشيرا إلى «تجاذب بين أطراف يرون أن إعلان الحكومة المؤقتة يقطع الطريق على حكومة انتقالية».

ونفى النشار لـ«الشرق الأوسط» أن يكون التجاذب بين الائتلاف الوطني والمجلس الوطني، أو على اسم رئيس الحكومة أو شكلها، مشددا على أن الاختلاف يدور حول فكرة «الحكومة المؤقتة في هذا الوقت». وقال: «هناك محاولات لتأجيل إعلان الحكومة المؤقتة حتى لا تقطع الطريق على الحكومة الانتقالية في هذا الوقت، ويرون أن الحكومة الانتقالية ستتمتع بصلاحيات أوسع».

وأضاف: «الحكومة الانتقالية واسعة الصلاحيات، تتألف مناصفة من ممثلين عن المعارضة والنظام، هي من صلب التفاهمات الروسية - الأميركية ومبادرة جنيف التي تسعى لتطبيق هذه الحكومة».

وأكد النشار أن التأخير يعود إلى ضرورة «استكمال المناقشات حول الحكومة المؤقتة»، مشددا على أنه «لا خلاف بين مكونات المعارضة على إعلان الحكومة؛ كون الهيئة العامة للائتلاف اتخذت قرارا بتشكيلها الشهر الماضي على أن يتم اختيار الرئيس في الثاني من شهر آذار (مارس) الحالي، لكن جرى التأجيل»، آملا أن يتخذ القرار في الجلسة المقبلة في العشرين من الشهر الحالي، من غير أن يستبعد «مفاجآت قد تؤجل الاجتماع أكثر».

بدوره، أكد عضو الائتلاف والمجلس الوطني هشام مروة أن التجاذب «ينطلق من خوف بعض الأعضاء، وهم قلة، أن لا تنجح (الحكومة) في هذا الوقت في ظل حاجتها لدعم مالي». ونفى لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك من يرفض تشكيل الحكومة، مؤكدا أن «الجميع حريص على وجود سلطة تنفيذية، لكنهم يخافون من فشل هذه الحكومة إذا لم تحصل على دعم مالي لأنهم يريدون حكومة ناجحة». وأضاف: «ترددت معلومات من هنا وهناك عن أن المجتمع الدولي قد لا يعترف بالحكومة المؤقتة، ما يمنع الدعم المالي عنها، لكن الرأي المقابل يرى أن تمويلها لن يكون عائقا حين تصبح أمرا واقعا».