وزير الخارجية اللبناني يتراجع عن موقفه بإعادة سوريا للجامعة العربية

منصور قال إنها «وجهة نظر وليست قرارا» بعد عاصفة احتجاجات من المعارضة

عدنان منصور
TT

تراجع وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور عن موقفه الداعي إلى إعادة سوريا للجامعة العربية الذي أعلنه في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، قائلا إن ما أدلى به هو «وجهة نظر وليس قرارا سياسيا»، في حين اعتبرت المعارضة اللبنانية أن الأمور وصلت إلى مستوى «الفضيحة»، مؤكدة أن تصحيح الموقف «يتم عبر إرسال مذكرة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية تتضمن سحب موقف منصور واستبدال موقف الحكومة اللبنانية به».

وفي خطوة تأتي بعد جدل داخلي واسع حول إعلان الوزير منصور الذي جاء في أعقاب طلب خليجي من لبنان بالتزام «النأي بالنفس» حيال سوريا، سأل وزير الخارجية اللبناني عن «ماهية المخالفة الدستورية التي ارتكبها في القاهرة»، مشيرا إلى «أنها على لسان منتقديه فقط»، مستغربا «الضجيج الذي حصل لأن ما قاله هو وجهة نظر وليس قرارا سياسيا»، مشددا على أن «لبنان ملتزم سياسة النأي بالنفس، والقرار الأخير الذي اتخذته الجامعة العربية عبر إعطاء مقعد سوريا للمعارضة نأى لبنان بنفسه عنه ولو أنه يحمل خطورة كبيرة».

إزاء هذا التراجع، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن تراجع منصور عن تصريحاته «هروب إلى الأمام». وقال حوري لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الشخصي «يعبر عنه داخل المنزل وفي مكان خاص، وليس من أعلى منبر عربي، هو جامعة الدول العربية كونه في تلك اللحظة يعبر عن موقف لبنان الرسمي».

ورأى حوري أن الموقف الذي عبر عنه منصور «هو موقف حزب الله والمحور السوري -الإيراني»، مشيرا إلى أن الدفاع عن موقفه والثناء عليه من قبل نواب الحزب والحلفاء «أمر طبيعي كونه وزيرهم فقط».

وعما إذا كان منصور تراجع عن موقفه بعد عاصفة الانتقادات التي وجهت إليه من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذي أكد أن الموقف لا يعبر عن الحكومة، أشار حوري إلى أن الأمور «بلغت مستوى الفضيحة»، داعيا إلى إرسال مذكرة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية لتصويب موقف لبنان. وقال: «لا بد من إرسال مذكرة رسمية لسحب موقف منصور واستبدال موقف الحكومة الرسمي به، لأنه من دونها، لا يزال موقف وزير الخارجية ساريا على لبنان».

وعن اعتبار منصور أن الحديث عن أن لبنان ذاهب إلى عزلة عربية، تهويل، قال حوري: «إذا عطفنا موقف منصور على موقف حزب الله في ما يخص الملف السوري، وموقف عون من السعودية والبحرين، يتضح أنها جهود متضامنة تشكل وصفة كاملة لخراب مصالح اللبنانيين في الخارج»، مؤكدا أن تحليل منصور بوصفه «فزاعة»، «غير صحيح بتاتا».

وأوضح وزير الخارجية اللبناني أمس أن «لبنان ليس ذاهبا إلى عزلة عربية كما عبر بعض السياسيين»، مشددا على أن «مكانة لبنان محفوظة لدى الإخوان العرب». واعتبر أن «ما يحصل اليوم هو فزاعة تجعل العالم يخاف منا ونخاف نحن أيضا منه»، مطمئنا إلى أن «اللبنانيين في بلدان الخليج هم بألف خير ويهتمون بعملهم بما يتخطى اهتمامهم بالسياسة».

ولفت منصور في حديث تلفزيوني، إلى أنه «في خطابه في الجامعة العربية تناول جردة للستة أشهر الماضية»، مشيرا إلى أن «الموقف العربي من كل القضايا يأخذه مجلس الجامعة مشتركا».

وحول تعليق مشاركة سوريا في الجامعة العربية ومنح المشاركة للمعارضة السورية، أوضح أن «هذا الطرح لم يلق تجاوبا من قبل العديد من الدول العربية»، لافتا إلى أن «هذه الخطوة يجب أن تخطى بشكل قانوني، سيما أن لا حكومة سورية بديلة، وسوريا ما زالت عضوا مؤسسا في الجامعة العربية»، موضحا أنه «عندما يكون القرار قابلا للتنفيذ من دون أن يؤثر على سيادة أو كيان بلد، يمكن أن يتخذ».

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد أبلغت السلطات اللبنانية رسالة أعربت فيها عن قلقها حيال ما قالت إنه «عدم التزام كامل بسياسة النأي بالنفس» التي قررت الحكومة اللبنانية اعتمادها حيال الوضع في سوريا، مشيرة إلى أن القلق يتعلق بمواقف رسمية لبنانية وأخرى على صلة بأطراف داخل البلاد.

وفي مقابل المعارضة التي أحاطت بموقف منصور، حظي موقف وزير الخارجية بترحيب حزب الله وأطراف لبنانية أخرى. وانتقد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب هاني قبيسي الذين يطالبون باستقالة وزير الخارجية، مؤكدا أن «من يجب أن يستقيل هو من يرفض العدالة والاستقرار وهو من يمعن في زرع الفتنة على الساحة اللبنانية». وأشار قبيسي إلى «أننا سمعنا كلمة محبة من وزير خارجية لبنان الذي وقف في الجامعة العربية وقال أعيدوا سوريا إلى هذه الجامعة وتحاوروا معها وأوقفوا شلال الدماء الذي يسيل في هذا البلد، فانبرى كثيرون ورفضوا هذه الكلمة»، معتبرا أن المنتقدين لموقفه «لا يريدون التودد والحوار والمحبة، وأصروا على مواقفهم يرفضون هذه الدعوة»، وأضاف: «الوزير يستحق وسام شرف لدعوته للخير وللمحبة وللحوار في قضايا الأمة العربية».