تفاقم أزمة الطاقة يهدد مصر بالشلل

قطع لخطوط سكك حديدية وطرق رئيسية وإضرابات لسائقي الأجرة

TT

ضرب الشلل شوارع مصر أمس بعد أن تفاقمت أزمة الطاقة، وفشلت الحكومة في احتواء إضراب سائقي سيارات الأجرة «الميكروباص» و«السرفيس»، وسط محاولات من جانب السلطات المحلية للتقليل من شأن الإضراب، واتهامات بعدم تقدير ما وصف بـ«المسؤولية» من جانب السائقين المضربين، الذين هددوا بالتصعيد، ردا على عدم الاستجابة لمطالبهم.

وظل محمد سيد (30 عاما)، موظف حكومي، واقفا لساعات في طابور طويل أمام إحدى محطات الوقود بحي مدينة نصر (شرق القاهرة) لتعبئة سيارته، ويتوقع أن يتكرر معه نفس المشهد في كل مرة يحتاج فيها لتعبئة سيارته بالبنزين.

وبينما تسبب إضراب السائقين في إصابة حركة المواصلات بالشلل التام، اشتدت وطأة أزمة نقص الوقود في القاهرة وعدد من محافظات الجمهورية. وشهدت مواقف سيارات الأجرة الرئيسية في القاهرة والمحافظات إضرابا جماعيا للسائقين الذين هددوا بعدم فض الإضراب، وقطع محتجون آخرون الطرق، وسادت حالة من الفوضى والارتباك المروري والزحام الشديد في الشوارع، نتيجة تصاعد أزمة السولار. وأغلق السائقون المواقف أمام المواطنين ومنعوا مرور السيارات.

شعور الموظف سيد يتشابه مع مخاوف مواطنين كثيرين ويزيد من تخوفاتهم أن الأزمة الحالية قد تدفع الحكومة باتجاه مراجعة سياسات الدعم (التي تكلف مصر قرابة 67 مليار جنيه وهو قيمة الدعم الحكومي خلال النصف الأول من العام الحالي). وطالت أزمة الوقود أمس (الأحد) مع بداية الأسبوع مرافق مهمة مثل حافلات المصالح الحكومية والمدارس وسيارات الإسعاف والمطافئ.

ويشكو المحتجون من الأزمة الشديدة التي تشهدها القاهرة في نقص السولار والبنزين منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011 واستمرار الوضع على ما هو عليه طيلة نحو عامين مما يضطرهم للانتظار لساعات في طوابير طويلة على محطات الوقود لتموين سياراتهم والمشاجرات المستمرة التي وصلت لحد إطلاق النار بسبب أولوية الدور.

ويزيد إضراب سيارات الأجرة (وهي الوسيلة التي يعتمد عليها معظم السكان)، من الضغوط التي تواجهها حكومة الدكتور هشام قنديل، التي تلاحقها انتقادات حادة على المستويين السياسي والاقتصادي. وهدد سائقون مضربون في ضاحية حلمية الزيتون المزدحمة (شرق القاهرة) بالتصعيد بتنظيم إضراب كلي خلال الأيام المقبلة بجميع المواقف بالقاهرة. وأكد فؤاد محمد، مدير موقف سيارات منطقة أحمد حلمي بميدان رمسيس بوسط القاهرة، أن «السائقين أضربوا عن العمل وذلك بسبب نقص السولار بمحطات السولار، بالإضافة للمطالبة بتخفيض الغرامات»، قائلا: إنهم «لم يجدوا من المسؤولين إلا الإهمال وعدم المبالاة بمطالبهم التي وصفها بالمهمة».

وفي سياق متصل، اشتدت وطأة أزمة نقص الوقود في القاهرة والمحافظات أمس، وشهدت بعض المحطات مشادات واشتباكات، وامتدت طوابير السيارات لأكثر من 3 كيلومترات في بعض الأماكن. وشهدت الطرق حالة من التكدس المروري، كما شهدت اختناقات مرورية حادة في المناطق القريبة من محطات الوقود وامتدت حالة الاختناق المروري التام إلى الطرق الصحراوية.

وفي محافظة الغربية في الدلتا، قطع العشرات من سائقي سيارات الأجرة (الميكروباص) طريق الكورنيش أمس، كما حاصر آخرون مقر مديرية الأمن، احتجاجا على نقص السولار، وقاموا بإضرام النيران في إطارات السيارات. وفي محافظة القليوبية، شمال القاهرة، نظم عدد من سائقي سيارات الأجرة وقفة احتجاجية، وقاموا بقطع طريق (القاهرة الإسكندرية)، ورفضوا تحميل الركاب مما تسبب في تكدس الركاب والمواطنين على الأرصفة والطرقات.

من ناحية أخرى، قطع محتجون حركة قطارات الوجه القبلي عند محافظة بني سويف، بسبب نقص السولار، مما أدى إلى تكدس شديد في محطة قطارات رمسيس وفي محافظات الصعيد. كما قام العشرات من سائقي محافظة المنوفية بقطع طريق السكة الحديد بإيقاف سياراتهم على القضبان وإغلاق الطريق بالكامل، مطالبين بتوفير الوقود.

ويقول المحللون إن سبب أزمة نقص الوقود عجز الحكومة عن توفير أموال لشراء الطاقة، إلا أن مسؤولين بالحكومة يؤكدون أن سبب المشكلة هو تهريب الوقود للخارج وبيعه في خارج نطاقه الرسمي. وتتفاوض الحكومة المصرية مع بنوك دولية ومحلية للحصول على قرض بقيمة ملياري دولار لشراء الوقود، كما اتفقت الحكومة مع العراق على الحصول منها على أربعة ملايين برميل نفط شهريا مع تأجيل السداد لمدة 9 أشهر.

من جهته، أكد المهندس ناصر الفراش المتحدث باسم وزارة التموين، أن «الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بالتعاون مع وزارة البترول تبشر بانتهاء أزمة السولار في مصر خلال أيام»، مضيفا أن «الوزارة تدرس آليات الجزاء الفوري لأي محطة وقود عليها محضر تلاعب في الدفاتر بالتهريب أو التسرب، بإيقاف توريد السولار لها حتى يتم التحقيق في المحضر»، مؤكدا أن هلع المواطنين جزء من تضخم أزمة السولار، لأنهم يحملون أكثر مما يحتاجونه خوفا من عدم وجود السولار».