المالكي يطالب القضاء بدلا من البرلمان بتشريعات رادعة للطائفية والإرهاب

رئيس الوزراء العراقي أمام المؤتمر العربي للوعي القانوني: المطلوب إنسان سعيد في دولة عادلة

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة نوري المالكي وهو يلقي كلمة في المؤتمر العربي الأول للوعي القانوني والوطني في بغداد أمس
TT

وسط أجواء مشحونة في بعض المحافظات العراقية بعث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برسائل داخلية وخارجية تؤكد على أهمية الاعتراف بالتنوع لإنهاء الطائفية وتفعيل ثقافة الوعي القانوني والوطني لبناء الأوطان والعمل على نزع فتيل الإرهاب. وشدد المالكي على «ضرورة بناء مجتمع مستقر وآمن، يتركز على بناء إنسان سعيد يحظى بالتكريم والإنسانية في ظل دولة عادلة».

ولا أحد يعرف إن كانت زلة لسان أو «إسقاطا لغويا»، طبقا لما عبر عنه خبير قانوني عراقي، أو هي محاولة مقصودة لتخطي البرلمان، دعا المالكي في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر العربي الأول للوعي القانوني والوطني ببغداد أمس، «الأجهزة القضائية» بدلا من البرلمان إلى القيام بـ«تشريعات حقيقية ورادعة لمن يريد الإخلال ببنية المجتمع وتمزيقه على أسس طائفية ويمارس الإرهاب لإخضاع الآخر»، مؤكدا في الوقت نفسه على «ضرورة أن لا تغيب التشريعات التي تردع من يؤمن بالتفريق بين الناس».

وقال المالكي إن «العراق يصر على أن يبقى دولة تتمسك بالقانون كأساس لعملية البناء والإعمار». وتابع: «إن الدولة يجب أن تنتج إنسانا يؤمن بالقانون، إذ لا بد أن يردع المواطن ذاتيا من ارتكاب المخالفة، وهذه قمة المواطنة». وأضاف: «توجد حاجة لأنظمة وضوابط تراقب مدى انسجام المواطن بالقانون، إذ يجب أن تكون هناك تربية للمواطن وهي محكمة الضمير، ومحكمة المجتمع الذي ينبغي أن يكون مانعا، بإدانة من يتجاوز الدستور والقانون».

ووصف المالكي المؤتمر بأنه «عمل نوعي يتناسب مع ترؤس العراق القمة العربية. ويجب أن تكون هناك عملية تواصل بين الشعوب العربية، وأن ينتقل المؤتمر لكي يغطي وظيفتين أساسيتين، التشريعات القانونية وتنمية الوعي والثقافة الوطنية». وشدد على أنه «يجب ألا تغيب عن المشرع القانوني التشريعات التي تقطع الطريق على المخربين والعابثين الذين يؤمنون بالتفريق بين الناس على أسس وانتماءات قومية أو مذهبية أو دينية، من أجل التفريق بين المواطنين»، مؤكدا «ضرورة ألا يكون هناك فرق بين المواطنين أمام القانون. وهذه قضية ينبغي أن تكون حاكمة على مجتمعنا، وأن تكون الأمثلة بتشريعات حقيقية رادعة لكل الذين يريدون الإخلال ببنية المجتمع وتمزيقه على أسس طائفية أو انتمائية أو الذين يمارسون العنف والتطرف والإرهاب وسيلة لإخضاع الآخر وتهميشه أو سحبه حيث يريد الطرف الآخر».

الخبير القانوني العراقي إبراهيم الصميدعي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأجهزة القضائية ليست هي المسؤولة عن التشريعات القانونية، بل إن مهمتها هي تنفيذ القوانين التي يسنها البرلمان بوصفها أولى مهامه». وأضاف الصميدعي: «ربما يكون رئيس الوزراء يقصد الجهات التشريعية، أو قد يكون حصل إسقاط لغوي؛ حيث إنه وطبقا لما قررته المحكمة الاتحادية طبقا للمادة 62 فإن الحكومة هي التي تقدم مشاريع القوانين للبرلمان، خصوصا القوانين المهمة، بينما يقترح البرلمان مشاريع قوانين أخرى ويشرعها وتصبح الحكومة كجهة تنفيذية والسلطة القضائية ملزمة بتنفيذها».

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية أحمد العلواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أخطر ما يخيفنا الآن هو إرهاب الدولة وليس إرهاب المجتمع؛ لأن الدولة هي التي بدأت تحرك جهات وقوى وأحزابا وميليشيات لخدمتها وإثارة الرعب عند الآخرين». وأضاف أن «القوانين التي تستخدم الآن لقمع الخصوم، مثل قانون أربعة إرهاب والمخبر السري وغيرهما، إنما هي قوانين لا تستخدم لردع المتجاوزين على المجتمع، بل كل من يقف ضد إرادة الحكومة حتى لو كان من أصحاب المطالب العادلة والمشروعة».

ويعقد المؤتمر العربي الأول للوعي القانوني والوطني بالتعاون بين العراق والجامعة العربية ويهدف إلى بلورة فكرة بث الثقافة والوعي القانوني، وترسيخ الوعي الوطني، واعتبار هذه الأمور من مقومات دولة القانون. ويتضمن المؤتمر عدة محاور، منها محور الوعي القانوني ودور القانون العراقي في التوعية الوطنية، وتطبيقاته في مجالات العمل والاستثمارات والمرأة والمسنين والطفل، وثقافة الوعي بالقانون بين الواقع واستشراف المستقبل، ودور مؤسسات العدالة الانتقالية في تنمية الوعي بالقانون.

من جانبه، أوضح نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية في كلمة ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد وجيه حنفي أن «الوعي القانوني والوطني في ظل ظروف غاية في التعقيد والخطورة يمر بها الوطن العربي على اتساعه، وتعيشه الشعوب العربية بكل حذر وترقب، فهي بحق مرحلة مفصلية ومخاض ينذر بعظائم الأمور».