تلويح كردي بمقاطعة جلسات الحكومة والبرلمان العراقيين احتجاجا على الموازنة

نائب من كتلة التغيير: الميزانية تصب في صالح الشعب الكردي.. والاستقلال الاقتصادي مغامرة

TT

يتجه الموقف في إقليم كردستان من تمرير الموازنة الاتحادية نحو المزيد من التصعيد، بعد استدعاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني للكتلة الكردية إلى أربيل للتشاور معها حول الموقف الواجب اتخاذه تجاه ما تعتبره القيادة الكردية تحديات من جانب كتلة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي وصفها بيان صدر في أعقاب اجتماع بارزاني بالكتل الكردية بأنها «تمادت في التحلل من كل الالتزامات التي تضمن مواصلة استكمال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية».

وفي تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أكد النائب الكردي المستقل الدكتور محمود عثمان، الذي شارك في الاجتماع مع بارزاني أول من أمس، أن «هناك توجها عاما لدى القوى الكردستانية لضرورة الخروج بموقف حاسم وحازم تجاه التصعيدات التي تلجأ إليها كتلة دولة القانون برئاسة المالكي، فالانتقادات المتواصلة من الجانب الكردي لمواقف رئيس الوزراء العراقي لم تعد تجدي لثني المالكي عن سياساته، ويبدو أن المالكي لا يهتم بكل تلك الانتقادات والمرونة التي يبديها الجانب الكردي، ويستمر يوميا في خرق أسس الدستور والشراكة ضاربا بعرض الحائط التوافقات السياسية، ولذلك لم يعد بالإمكان السكوت عما يفعله المالكي الذي تؤدي مواقفه إلى زعزعة أمن واستقرار العراق، لذلك اجتمعنا مع رئيس الإقليم للتشاور حول الموقف الواجب اتخاذه في هذه المرحلة، وقد يتصور البعض أن المشكلة ناجمة عن تمرير الميزانية مؤخرا، لكن هذه المشاكل والخلافات قائمة منذ سنوات بسبب تراجع المالكي عن التزامه باتفاقية أربيل ومحاولاته الاستفراد بالسلطة وتهميش الآخرين وإقصائهم، وهذا أمر لم يعد مقبولا».

وبسؤاله عما إذا كان سحب الوزراء والنواب الكرد من بغداد ومقاطعة العملية السياسية واردا، قال عثمان «بالطبع الاحتمالات واردة، لكن الأمور لم تصل بعد إلى هذا الحد، وفي الاجتماع القادم مع بارزاني سنبحث كل الاحتمالات بعد التشاور مع القوى السياسية الأخرى بالعراق».

لكن الدكتور خير الله بابكر، وزير التجارة في حكومة المالكي، لمح بشكل واضح إلى احتمال الانسحاب الكردي من بغداد، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «هناك مشكلة كبيرة في العراق، وهي لا تتعلق فقط بالميزانية التي مررت من دون حضور الجانب الكردي، بل المشكلة أكبر من ذلك، وتتعلق بإدارة شؤون الدولة، فهناك خلل كبير في هذا المجال بسبب أسلوب إدارة رئيس الوزراء لشؤون البلاد، وهذا الموقف ليس موقفنا فحسب بل هناك أطراف أخرى تشاركنا الرأي بضرورة تصحيح مسار الحكم في العراق، والذي اختل توازنه بسبب أداء رئيس الحكومة الحالية، منها موقف المجلس الإسلامي الأعلى الذي عبر عنه السيد عادل عبد المهدي، إضافة إلى ورود إشارات من الحوزة العلمية بالنجف بهذا الشأن». وبسؤاله عما إذا كان وجودهم الحالي بكردستان يعني شكلا من أشكال المقاطعة خاصة أنه أعلن عدم رجوعه إلى بغداد في الوقت الحاضر، قال وزير التجارة العراقي «نحن هنا في كردستان بناء على دعوة السيد رئيس الإقليم للتشاور والتحاور حول الموقف الذي يمكن التعامل به مع الحكومة الاتحادية وتحديدا مع السيد المالكي، ونحن قررنا عدم العودة إلى بغداد قبل الاجتماع الثاني الذي سيعقد في غضون الأيام القليلة المقبلة بانتظار بلورة الموقف النهائي من كل ما يحدث اليوم، وطبعا موضوع المقاطعة سيكون أحد الخيارات في حال استعصاء الحلول الأخرى».

ورغم أن التصعيد الأخير جاء احتجاجا من قيادة إقليم كردستان على تمرير الموازنة العامة للدولة، فإن نائبا كرديا اعتبر هذه الموازنة في صالح الشعب الكردي، وقال «إنه في تاريخ الموازنات العراقية لم تدرج المطالب الكردية كما جرى خلال هذا العام». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» قال النائب لطيف شيخ مصطفى إن ما تفعله بعض الأطراف السياسية الكردية لا يعدو سوى «تحرش» غير مبرر بالحكومة الاتحادية. وأعرب النائب الكردي عن اعتقاده أن «هناك أيادي خارجية تدفع القيادة الكردية إلى هذه الاعتراضات لكي يتسنى للإقليم أن يتعامل مع الشركات النفطية بشكل مستقل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: هل تلقت قيادة الإقليم ضمانات محددة بإمكانية تصدير نفطها دون اعتراضات من الحكومة الاتحادية؟.. ولماذا لا تتحسب تلك القيادة لاحتمالات أن تقوم الحكومة الاتحادية بتقديم الإغراءات أو تمارس الضغوطات على الشركات والدول لعدم شراء النفط الكردي؟.. كل هذه الأمور تجب مناقشتها قبل الخوض في مغامرة تصدير النفط وتحقيق الاستقلال الاقتصادي عن بغداد».