نائبة رئيس البنك الدولي: يجب أن يرى الشعب اليمني نتائج تضامن العالم معه

أندرسن قالت لـ «الشرق الأوسط» إن المجتمع الدولي يدعم العملية الانتقالية.. والفشل ليس خيارا

TT

شددت نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط إنغر أندرسن على ضرورة تسريع تنفيذ المشاريع التي تعهدت بها الدول المانحة لليمن كي يرى الشعب اليمني «نتائج» ملموسة على الأرض بناء على قراره اعتماد الخيار السلمي للتغير السياسي في البلاد. وأثنت على الشعب اليمني الذي قالت إنه اختار الابتعاد عن الهاوية ورفض العنف وتبنى عملية سياسية تسير إلى الأمام على رغم التحديات.

وقالت أندرسن في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» على هامش اجتماع أصدقاء اليمن الذي عقد في العاصمة البريطانية نهاية الأسبوع الماضي إن المرحلة المقبلة تتطلب دعما دوليا جديا للعملية السياسية في البلاد. ودعت جميع الأطراف اليمنية إلى المشاركة في الحوار الوطني الذي ينطلق في اليمن يوم 18 مارس (آذار) الحالي. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* بالنسبة لاجتماع أصدقاء اليمن، لم يكن الهدف منه الحصول على تعهدات جديدة لليمن، إذ تم التعهد بـ7.9 مليار العام الماضي لليمن، بل الهدف هو رصد الأموال التي خصصت حتى الآن بالإضافة إلى دعم اليمن في العملية السياسية الانتقالية. كيف تقيمون الاجتماع؟

- بأنه كان ناجح جدا، أعتقد أن المشاركة من العالم العربي كانت قوية جدا ولكن أيضا من حول العالم. هناك شعور بتضامن قوي مع الشعب اليمني بسبب التحرك القوي الذي قام به الشعب اليمني بدعم دول مجلس التعاون الخليجي عندما قرروا الابتعاد عن الهاوية. ووجدوا طريقا إلى الأمام وسط خلافات سياسية صعبة، من أجل مستقبل البلاد والشباب. وتشجع الجميع بعد تحديد موعد انطلاق الحوار الوطني وهو أمر مثير بمشاركة أكثر من 500 موفد، منهم أحزاب سياسية ونساء وشباب، يجلسون سويا لكتابة مستقبل بلادهم وهذا أمر سيكون صعبا وهذا أمر طبيعي. ولكن أعتقد أن هناك شعورا بالتضامن الدولي مع اليمن. الوضع صعب وقابل للتقلب وهش ولكنه يتقدم إلى الأمام. وفي ما يخص المصادر المرصودة، نعم، أموال كبيرة رصدت في مؤتمر الرياض (العام الماضي) والسعودية تحركت بشكل مبكر فعندما كنا في الرياض وقع السعوديون على وديعة بقيمة مليار دولار للبنك المركزي (اليمني) وتم تحريك المزيد من الأموال. ونحن في البنك الدولي لدينا برنامج قيمته الإجمالية 1.1 مليار دولار، 700 مليون رصدت قبل النزاع وقد تعهدنا بـ400 مليون في مؤتمر الرياض وقد وقعنا للتو البرامج لأول 200 مليون. فلدينا الآن نحو 900 مليون دولار تعمل في اليمن الآن. نحن نشجع باقي المانحين لضغط من أجل التسريع في تخصيص الأموال. الشعب اليمني بحاجة إلى رؤية النتائج مما قاموا به، فبعد شجاعة الشعب اليمني، يجب أن يروا بأن المجتمع الدولي معهم. وقد تشجعنا من اجتماع لندن ولكن سنتابع مع تلك الدول، بالتنسيق مع السعودية وبريطانيا، لضمان توصيل المنح.

* ما أبرز المشاريع التي يقوم بها البنك الدولي في اليمن الآن؟

- المشاريع التي وافقنا عليها من جهة البنك تتعامل مع التعليم، خصوصا في المناطق النائية، وبناء الطرق بالإضافة إلى إعطاء دفعات نقدية للفقراء جدا، وقد قمنا بالتأكد من استحقاقهم لهذه المساعدات ونسقنا مع الحكومة اليمنية، كي نتأكد من أن الطبقة الأفقر خلال هذه الفترة الصعبة يمكنها العيش. ورصدت مساعدات لـ400 ألف عائلة حتى الآن.

* ما الدور الذي ستلعبه الوحدة التنفيذية التي أسستها الحكومة اليمنية لتنسيق المساعدات، خصوصا وأنها لا تنقل مباشرة إلى الميزانية اليمنية بل تخصص لمشاريع محددة؟

- إنه دور مهم جدا، فصحيح أن الكمية الأكبر من الأموال لن تدخل ميزانية الحكومة بل تذهب إلى المشاريع المحددة مباشرة، واليمنيون قاموا بخطة انتقالية لتنسيق ذلك. وهذه الخطوة تساعد على التأكد من أن المساعدات تذهب باتجاه موحد ولكن بتمويل متنوع. ولقد وضعنا صندوقا صغيرا (بتمويل من المملكة المتحدة والدنمارك) تابع للبنك الدولي لمساعدة هذه الوحدة التنفيذية من أجل تعيين الكفاءات المحددة لشغل مناصب الوحدة التنفيذية وتدريبهم على العمل. ولكن يجب أن يكون اليمنيون هم في المقدمة ولكننا نقوم بالتدريب خلف الكواليس في مجالات مثل الإدارة الحسنة ومنح العقود بالإضافة إلى تدشين موقع إلكتروني للوحدة ليرى الجميع كيف تصرف الأموال فالشفافية مهمة جدا.

* الاجتماع المقبل لمجموعة أصدقاء اليمن سيكون في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة. فبحلول هذا الاجتماع، ما الأهداف التي تريدون أن تروها قد تحققت؟

- يجب أن تكون الوحدة التنفيذية تعمل بشكل جيد، ونتطلع إلى صرف المزيد من المنح وتخصيصها لمشاريع محددة، نتحدث الآن عن صرف نحو 500 مليون دولار ولكن نتمنى أن تكون التحرك أسرع من ذلك. وبصراحة، نريد أن يكون الإنسان اليمني الاعتيادي قد رأى بعض الفوائد من العملية وتؤثر إيجابا بشكل مباشر على حياته أو حياتها. كما أن الأمر يتعلق بإعادة الثقة بالاقتصاد اليمني. فالوظائف لن تأتي فقط من الحكومة بل من القطاع الخاص، فإذا أخذت الأوضاع تهدأ، سيعود المستثمرون، إذا كانوا يمنيين أو من المنطقة. ونتيجة لذلك ستولد فرص العمل. لقد رأينا خلال عام الأزمة، أي عام 2011، رأينا تراجعا عاليا في الاقتصاد مع عجز كبير في الميزانية وتراجع النمو في البلاد، وكان هناك تردد بين المستثمرين. ولكن حتى الآن، نرى مؤشرات اقتصادية متحسنة وهذا أمر إيجابي جدا. ونسبة النمو الآن 4 في المائة، وهو معدل جيد ومتواضع، ليس ما نريد أن نكون عليه ولكن أفضل من السابق لأننا نتقدم بعد عامين صعبين. ونرى أيضا أن الاحتياطات التي تراجعت بشكل خطير الآن بوضع أفضل، كما أن التضخم الذي وصل إلى مرحلة خطيرة الآن بات أقل من 10 في المائة. وبينما نريد أن ينخفض التضخم أكثر، إلا أن الوضع الذي عليه الآن أفضل من السابق. المؤشرات جيدة، وبحلول سبتمبر (أيلول) إذا كان المشاركون في الحوار الوطني وإذا واصل المانحون دعمهم لليمن، يجب أن نرى مؤشرات أفضل للاقتصاد أيضا.

* هناك تركيز على الأهداف القصيرة الأمد من أجل دفع الاستقرار للعملية السياسية ولكن هناك الأهداف الطويلة الأمد، مثل التعليم ومعالجة سوء التغذية، التي تتطلب المزيد من العمل. كيف يمكن التوصل إلى توازن جيد بين الفئتين من الأهداف؟

- هذه نقطة مهمة جدا، فالبرنامج الذي قدمه اليمنيون فيه شقين قصير وبعيد الأمد ويجب أن يسيرا بشكل مواز. ولذلك اتفق الطرفان، الحكومة اليمنية ومجتمع المانحين، على ما يسمى إطار المحاسبة المتبادلة حيث يتعهد المانحون بالتمويل وتتعهد الحكومة اليمنية بوضع الأولويات للمنح في الميزانية، بالإضافة إلى إقرار بعض الإصلاحات. وبعض تلك البرامج تشمل قضايا مثل معالجة سوء التغذية وتعليم البنات وتمكين النساء ومكافحة الفساد إلخ. وهناك مشاريع تستغرق وقتا أطول، مثل مشروع طريق عدن السريع، وهو مشروع مهتمة به السعودية ونحن مهتمون به وسيكلف قرابة نصف مليار دولار. وعلى الرغم من أنه سيستغرق بعض الوقت، يمكننا العمل عليه بمراحل، قبل أن ينتهي خلال نحو 3 سنوات. وعندما ينتهي، سيربط حدود البلاد وسيسمح لليمنيين بالسفر في البلاد ويزيد من كفاءة العمل والتجارة أيضا.

* على الرغم من الحديث عن كل هذه المشاريع، هناك مخاوف جادة من الأزمة الأمنية في البلاد وخصوصا في مناطق محددة. هل توجد مدن لا يمكن لكم كبنك دولي من العمل فيها؟

- نحن نعمل في كل أرجاء البلاد، وذلك لأننا نعمل من خلال الحكومة اليمنية وهي تبسط سيطرتها على كافة أرجاء البلاد. ولكن نحن نقر بوجود مناطق فيها جيوب من عدم الاستقرار ولذلك كنا سعيدين برؤية الرئيس عبد ربه منصور هادي يزور عدن، بالإضافة إلى مشاركة بعض عناصر الحراك والحوثيين في الحوار الوطني ونأمل أن الذين ما زالوا غير منخرطين بأن ينضموا أيضا. من الضروري أن نرى اليمن مستقر ومزدهر، فهذا بلد عند ملتقى طرق الجغرافيا وفي موقع ممتاز بين آسيا وأفريقيا بالإضافة إلى موقعه عند مدخل شبه الجزيرة العربية ويمكن أن يشكل ما يشبه طريق ملاحي سريع جذاب. علينا أن نحمي العملية السياسية التي يقودها اليمنيون كي نضمن نجاحها. وبينما ما زالت بعض الأطراف خارج هذه العملية ولكن نشجعهم على الانضمام. وهذه عملية يمنية، لا نريد التدخل بها بل ندعمها، ونعمل جاهدين لتشغيل الأموال التي تم رصدها لدعم الاستقرار في البلاد. فنريد أن نوصل رسالة بأن العالم يساند هذه العملية ويراقبها أيضا. فهناك دعم لليمن والفشل ليس خيارا لليمنيين. وهناك بالطبع عناصر إجرامية وإرهابية في البلاد، وسيكون على الحكومة التعامل معها لضمان الأمن والاستقرار في مستقبل البلاد.