المبعوث الدولي لليمن: المبادرة الخليجية جاءت باسم كيان موحد هو «الجمهورية اليمنية»

إجراءات أمنية استثنائية في عدن والحديدة.. واعتقال عناصر «خلايا نائمة» لـ«القاعدة» بأبين

يمنيون يؤدون رقصة البرع التقليدية في مدينة صنعاء القديمة أمس (أ.ب)
TT

وصل أمس إلى صنعاء جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، قادما من دبي، حيث التقى فور وصوله الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وأطلعه على نتائج مباحثاته مع عدد من قيادات الحراك الجنوبي في الخارج. في وقت يشهد فيه اليمن تطورات أمنية متصاعدة في أكثر من منطقة مع قرب موعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

وأشار جمال بن عمر إلى أن لقاءاته مع قيادات المعارضة الجنوبية في الخارج كانت مثمرة وإيجابية، وتؤكد استشعار الجميع أن هناك فرصة تاريخية لمعالجة كل القضايا اليمنية والمشاكل العالقة، وفي المقدمة منها القضية الجنوبية، خصوصا أن العالم بأسره يدعم التسوية السياسية في اليمن على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وقراري مجلس الأمن رقمي 2014 و2051. ونقل بن عمر للرئيس هادي ما أكده لقيادات الحراك الجنوبي في دبي، من أن «المبادرة الخليجية والقرارات الدولية جاءت باسم الجمهورية اليمنية التي انبثقت عن كيانين توحدا في الثاني والعشرين من مايو (أيار) عام 1990 من القرن الماضي، ولقيت التأييد والاعتراف من المجتمع الدولي كله، والرعاية الدولية موجودة على صعيد الدول الراعية والداعمة للتسوية السياسية في اليمن والقرارات الدولية والأممية التي تصب في هذا الاتجاه». كما ناقش الرئيس هادي العديد من النقاط التي تمثلت في التدخل الإيراني في اليمن، وجهود طهران لإعاقة مسيرة التسوية في اليمن. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن هادي ناقش مع المبعوث الدولي طبيعة حمولة السفينة الإيرانية جيهان من الأسلحة الفتاكة والمتطورة والمتفجرات والصواريخ والأحزمة الناسفة والنواظير الليلية.

غير أن محسن محمد بن فريد، الأمين العام لحزب الرابطة (رأي)، قال إن القوى الجنوبية المشاركة في لقاء دبي مع بن عمر أجمعت على عدم المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المقرر الأسبوع المقبل. وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مؤتمر الحوار هو امتداد لاتفاق ووفاق بين القوى المتصارعة في صنعاء، وليس هو المكان والآلية المناسبة لمناقشة القضية الجنوبية، مشيرا إلى إجماع الجميع على أن الحوار «قيمة حضارية ووسيلة راقية لحل المشاكل، لكن حوار صنعاء القادم لا يحقق ذلك»، وإلى أن هناك شبه إجماع بين الأطراف الجنوبية على أن «يتم التفاوض حول المسألة الجنوبية بين الشمال والجنوب، وأن يكون التفاوض بإشراف ورعاية الأمم المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن يتم هذا التفاوض في مجلس التعاون أو الجامعة العربية، وأن يقوم كل ذلك وينطلق من حق شعب الجنوب في تقرير مصيره».

إلى ذلك، أصدرت لجنة الشؤون العسكرية قرارا بتعليق العمل بتراخيص حمل السلاح في البلاد من أمس وحتى انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ويستثنى من ذلك كبار رجال الدولة والقادة العسكريون والأمنيون، على أن يكون السلاح مخفيا وغير ظاهر. في حين قالت مصادر حكومية في محافظة عدن لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات المحلية، وتحسبا لمظاهرات واحتجاجات يعتزم الحراك الجنوبي في جنوب اليمن وتحديدا الفصيل الرئيسي الرافض للمبادرة الخليجية تنظيمها مع قرب موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل المقرر في الـ18 من الشهر الحالي، اتخذت قرارا بمنع المظاهرات والاعتصامات في ساحة العروض (الشابات) بحي خور مكسر بمدينة عدن بصورة قطعية ولأي سبب كان. ومن جانبها قالت اللجنة الأمنية لمحافظة عدن إن خطة أمنية أعدت في هذا المضمار، وستضمن عدم حدوث أي إشكاليات أمنية، حيث اتخذت قرارا بـ«وضع حد للفوضى الأمنية في عدن»، بعد أن شهدت على مدى أسبوعين أعمالا مخلة بالأمن والاستقرار.

على صعيد آخر، شرعت السلطات الأمنية في محافظة الحديدة غرب البلاد في اتخاذ إجراءات أمنية مشددة بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية. وكلف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتشكيل لجنة تحقيق خاصة في الأحداث التي شهدتها المحافظة، وأصدر تعليمات باعتبار الذين سقطوا قتلى في المواجهات «شهداء» أسوة بنظرائهم في محافظات أخرى. ونص القرار على قيام اللجنة باللقاء بكل الأطراف لـ«إيقاف استمرار الأحداث الدامية» التي شهدتها المحافظة. وفي هذه الأثناء، انتقدت مصادر حقوقية اتهام اللجنة الأمنية للمحافظة للصيادين ونشطاء «الحراك التهامي» بأنهم «قراصنة»، وقال خالد عايش، رئيس الملتقى الوطني لحقوق الإنسان، ومقره مدينة الحديدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع في الحديدة متوترة للغاية، خاصة أن السلطات الأمنية لم تبد أي معالجات لما قامت به.

من ناحية أخرى، قالت مصادر محلية في محافظة أبين الجنوبية إن اللجان الشعبية اعتقلت عددا من عناصر تنظيم «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم القاعدة في مدينة جعار، التي كانت تعد المركز الرئيسي للتنظيم، وذلك بعد معلومات أدلى بها أحد عناصر التنظيم بعد اعتقاله في عدن بشأن «الخلايا النائمة» في زنجبار وجعار بأبين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي اللجان الشعبية داهموا بعض المنازل في تلك المدن وقاموا باعتقال بعض المشتبه بهم والمطلوبين والتحقيق معهم، بعد أن تزايدت العمليات الانتحارية التي تستهدف نقاط وتجمعات اللجان في محافظة أبين، حيث أسهمت اللجان بشكل كبير في دحر العناصر المتشددة من تلك المناطق.