أنباء متضاربة حول عقد مباحثات بين واشنطن وطالبان في قطر

إلغاء مؤتمر كرزاي وهاغل بعد هجوم دام لطالبان

الرئيس الأفغاني حميد كرزاي يتحدث خلال تجمع للاحتفال بيوم المرأة العالمي في العاصمة كابل عن زعماء كبار في طالبان يجرون محادثات يومية مع الأميركيين في قطر أمس (أ.ب)
TT

أعرب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس عن غضبه لأن طالبان بارتكابهم اعتداءات انتحارية في أفغانستان يخدمون الولايات المتحدة التي يتفاوضون معها من وراء السلطات الأفغانية. وقال الرئيس الأفغاني في خطاب إن «أميركا تقول إن طالبان ليسوا أعداءها وإنها لا تخوض حربا ضدهم ومع ذلك يرعب طالبان شعبنا يوميا». ونفذ المقاتلون الإسلاميون أمس هجومين انتحاريين في كابل وخوست، أحد معاقلهم شرق البلاد، مما أسفر عن سقوط 17 مدنيا بينهم 8 أطفال وشرطيان و15 جريحا. وبرر ناطق باسم طالبان ذلك بالقول «إننا أردنا توجيه رسالة مفادها أننا ما زلنا قادرين على استهداف كابل رغم وجود مسؤول كبير من وزارة الدفاع الأميركية فيها»، في إشارة إلى وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل الذي زار العاصمة الأفغانية. وقال كرزاي إن «القنابل التي فجرت لم تستعمل لإثبات قوتهم أمام أميركا بل لخدمتها. ذلك خدم شعار الانسحاب في 2014 الذي يرعبنا ويقول إنهم (الأميركيين) إذا لم يبقوا هنا، فإن شعبنا سيقضى عليه». ورد مسؤول عسكري أميركي كبير بالقول إن «ذلك غير صحيح»، مضيفا أن «الولايات المتحدة والحكومة تتفقان بشأن وجهة النظر القائلة بأن طالبان هم العدو». ولا تروق هذه الخطابات التي يلقيها الرئيس كرزاي الولايات المتحدة، لا سيما أن وزير الدفاع الجديد يقوم بأول زيارة إلى أفغانستان. وأشار كرزاي أيضا إلى أن «قادة طالبان يلتقون الأميركيين يوميا سواء في أوروبا أو في دول الخليج». وازدادت خلافات كابل وواشنطن قبل سنتين من موعد انسحاب القسم الأكبر من القوات الأميركية من أفغانستان.

ولم يتم حفل تسليم السلطات الأفغانية سجن باغرام الذي ما زال الجيش الأميركي يسيطر على جزء منه أمس كما أعلن الرئيس كرزاي. وتتفاوض العاصمتان حاليا حول معاهدة استراتيجية تحدد طبيعة الانتشار الأميركي في أفغانستان بعد 2014.

وفي غضون ذلك، أكد قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال جوزف دانفورد أن تسليم آخر دفعة من المعتقلين لدى الأميركيين إلى السلطات الأفغانية الذي تأخر أصلا، لن يتم إذا كان هؤلاء يشكلون تهديدا للقوات الدولية. ويشكل تسليم آخر مجموعة من المعتقلين في سجن باغرام موضوع خلاف بين الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وقوات التحالف.

وقال كرزاي أمس إن حركة طالبان الأفغانية والولايات المتحدة تجريان محادثات في قطر لكن كلا من طالبان وواشنطن نفت استئناف الحوار. وكانت حركة طالبان علقت المحادثات قبل عام قائلة إن واشنطن تقدم إشارات متضاربة بشأن عملية المصالحة الأفغانية الوليدة. وصرح كرزاي خلال تجمع للاحتفال بيوم المرأة العالمي بأن زعماء كبارا في طالبان والأميركيين يجرون محادثات في الدولة الخليجية بشكل يومي. وقالت الحكومة الأميركية إنها ملتزمة بالتوصل لحل سياسي يتضمن إجراء محادثات مع حركة طالبان إلا أن إحراز تقدم يتطلب اتفاقا بين الحكومة الأفغانية والمتشددين. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، عندما سئل عن تصريحات كرزاي: «هذا ببساطة غير صحيح.. ما زلنا ندعم عملية مصالحة سياسية يقودها الأفغان». ونفى المتحدث باسم طالبان في أفغانستان ذبيح الله مجاهد أن تكون المفاوضات مع الولايات المتحدة استؤنفت وقال إنه لم يتم إحراز تقدم منذ تعليق المحادثات. وأضاف أن طالبان ترفض بشدة تصريحات كرزاي. وتسعى حكومة كابل جاهدة لدفع طالبان على إجراء مفاوضات قبل انسحاب أغلب القوات القتالية التابعة لحلف شمال الأطلسي والتي تقودها الولايات المتحدة بنهاية 2014. ولم يجر مسؤولون أفغان محادثات مباشرة مع طالبان التي أطيح بها عام 2001 وأثبتت قدرتها على الصمود بعد أكثر من عشر سنوات من قتال ضد القوى الغربية. ويسعى دبلوماسيون أميركيون إلى توسيع المحادثات التمهيدية مع طالبان والتي بدأت سرا في ألمانيا بنهاية عام 2010 بعد أن عرضت طالبان فتح مكتب تمثيل لها في قطر. وأشارت باكستان قبل عدة أشهر إلى أنها ستدعم عملية السلام من خلال الإفراج عن محتجزين من طالبان الأفغانية مما قد يسهم في تشجيع عملية السلام. لكن لم تظهر مؤشرات ملموسة على أن هذه الخطوة أدت إلى تقدم في عملية المصالحة.

واشتهر الرئيس الأفغاني بإصدار تصريحات حادة اللهجة ينتقد فيها الولايات المتحدة التي تربطه بها علاقة متوترة. وستطرح قضية حجم القوات الأميركية بعد انسحاب العام القادم وحينئذ سيتعين على واشنطن خفض قواتها إلى النصف، 66 ألف جندي هو الحجم الحالي، ضمن قضايا رئيسية في جدول الأعمال خلال محادثات بين وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل وكرزاي.

إلى ذلك، قال مسؤولون أميركيون إنه تم إلغاء مؤتمر صحافي كان من المقرر عقده للرئيس الأفغاني كرزاي ووزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل بسبب مخاوف أمنية. وأحجم المسؤولون عن ذكر طبيعة التهديد الأمني. يأتي هذا بعد يوم من تفجير انتحاري في كابل أسفر عن مقتل تسعة مدنيين على مسافة كيلومتر تقريبا من مكان كان هاغل يعقد فيه اجتماعا صباحيا.

من جهة أخرى، أعلن مكتب الرئيس كرزاي أمس أن الرئيس حظر دخول القوات الأجنبية إلى أراضي المؤسسات التعليمية في أفغانستان. وقد أصدر الرئيس قرارا يتضمن تعليمات إلى وزارة الداخلية ووكالة الاستخبارات بمنع القوات من دخول الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى. وقال كرزاي إن الحظر يشمل أيضا «الزملاء الأفغان غير الشرعيين» للقوات، في إشارة إلى الميليشيات التي تدعمها الولايات المتحدة التي قال عنها كرزاي إنها «اعتقلت وضايقت عددا من الطلاب». واتهمت حكومة كرزاي أمس القوات التي تقودها الولايات المتحدة والأفغان الذين يعملون معها بإساءة معاملة طلبة الجامعة واعتقالهم وحثتهم على التوقف عن مثل هذه التصرفات. وجاءت هذه المطالب خلال زيارة يقوم بها وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل لأفغانستان.

وقال مجلس الوزراء الأفغاني في بيان «نطلب من قيادة قوات الائتلاف الدولي التوقف عن مثل هذه التصرفات التي تنتهك السيادة الوطنية لأفغانستان».