زرداري في إيران لتدشين مشروع الغاز.. والبرلمان يصعد ضد قتل «الشيعة» في باكستان

«الشورى» الإيراني لأحمدي نجاد: أيهما أهم.. أن تذرف الدموع من أجل شافيز أم من أجل أبناء شعبك؟

نائب إيراني غاضب خلال جلسة برلمانية سابقة يخاطب الرئيس أحمدي نجاد (إ.ب.أ)
TT

تبدأ اليوم زيارة مهمة للرئيس الباكستاني إلى إيران، لتدشين الجزء الثاني من مشروع خط أنابيب الغاز بين الدولتين، المثير للجدل، في وقت صعد فيه البرلمان الإيراني من لهجته ضد إسلام آباد، بعد سلسلة المجازر التي تتعرض لها الطائفة الشيعية في باكستان.

ومن المقرر أن يدشن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ونظيره الباكستاني آصف على زرداري، بالإضافة إلى عدة وزراء من الجانبين، المشروع الممتد على طول الحدود المشتركة في إقليم سيستان - بلوشستان. وقد تم بالفعل بناء الجزء الإيرانى من الخط، وسيتم اليوم الاحتفال ببدء عملية البناء حتى الحدود الباكستانية. وسيتيح الخط الذي يبلغ طوله 1600 كيلومتر، وتعترض عليه بشدة الولايات المتحدة، التي تفرض مع الاتحاد الأوروبي حظرا اقتصاديا ونفطيا، على إيران، تصدير 21.5 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني يوميا لباكستان. وتقدر تكلفة المشروع بـ1.5 مليار دولار. وبعدما أنهت إيران أكثر من 900 كيلومتر من الخط على أراضيها قالت إنها على استعداد لتولي مهمة بناء بقية الخط على الجانب الباكستاني من الحدود.

إلى ذلك، أدان نواب مجلس الشورى الإيراني بشدة، في بيان صدر أمس، المجازر التي ترتكب ضد المسلمين الشيعة في باكستان، ونددوا بشدة بهذه الجرائم الوحشية، داعين الحكومة الباكستانية للعمل بكل قواها لوضع حد لهذه الفظائع. واعتبر النواب أن هذه المجازر الوحشية والمتكررة «مؤامرة مدبرة من قبل أعداء الإسلام». وقال البيان الذي وقع عليه 234 نائبا إن أميركا وبريطانيا تقفان خلف هذه المجازر. وأشار إلى أن الرأي العام في العالم الإسلامي خاصة الشعب الإيراني يتوقع من الحكومة والبرلمان وأجهزة الأمن الباكستانية التصدي بكل قواها لهذه المؤامرة المعادية للبشرية والمستهدفة للأمن القومي الباكستاني، وألا تسمح باستمرار هذه الجرائم الوحشية. وأضاف البيان أن «صمت المحافل الدولية والدول إزاء هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان مؤشر على هذه الحقيقة المرة، وهي أن حقوق الإنسان اليوم تحولت إلى أداة سياسية بيد القوى الكبرى».

من جهته، قال نائب إيراني بارز إن البرلمان يعتزم استدعاء السفير الباكستاني خالد عزيز بابار، للتعبير عن سخط طهران ضد المذابح التي يتعرض لها الشيعة في باكستان. وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى، حسين نقوي حسيني، إن وفدا برلمانيا إيرانيا يعتزم زيارة باكستان ليعرب عن تعازيه لعائلات الضحايا الشيعة، ويطلب من الحكومة الباكستانية اعتقال ومعاقبة «القتلة» وتوفير الأمن للمجتمع الشيعي في باكستان.

وأدان رجال الدين الإيرانيون وطلبة معاهد دينية بشدة حقيقة «صمت المجتمع الدولي»، إزاء المذابح التي يتعرض لها المسلمون الشيعة في باكستان. وفي خطوة احتجاجية أغلقت جميع المدارس في مدن طهران وقم، وخرج المعلمون والطلاب إلى الشوارع لانتقاد وإدانة المنظمات الدولية لتجاهل هذه القضية، ورددوا شعارات تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الهجمات الإرهابية ضد الشيعة في باكستان.

وأودت سلسلة تفجيرات استهدفت الشيعة في كراتشي وكويتا جنوب غربي باكستان، اعتبرت الأكثر دموية في تاريخها، بحياة نحو 200 شخص، في آخر فصول الهجمات التي تثير قلقا كبيرا في البلاد قبل بضعة أشهر من الانتخابات. وأمرت المحكمة العليا الباكستانية السلطات بوضع استراتيجية لحماية الشيعة، بعد التفجيرات التي استهدفتهم في 10 يناير (كانون الثاني) و16 فبراير (شباط) الماضيين.

من جهة ثانية، انتقد البرلمان الإيراني، أمس، الرئيس محمود أحمدي نجاد لحضوره جنازة الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز بدلا من حضور جلسة للبرلمان مخصصة لدراسة موازنة العام المقبل. ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن غلام علي جعفر زاده النائب بمجلس الشورى قوله «أيهما أهم.. أن يذرف الدموع من أجل فنزويلا أم أن يذرف الدموع من أجل بلده وشعبه؟». تجدر الإشارة إلى أن موازنة العام المالي الذي يبدأ في إيران في 21 من مارس (آذار) الحالي تأخرت في العرض على البرلمان لمدة 84 يوما ولم تقر حتى الآن، لكن النواب أجازوا ميزانية مؤقتة لثلاثة أشهر أمس. وكان النواب يطالبون بحضور أحمدي نجاد الجلسة للإجابة عن الأسئلة العالقة حول الموازنة.

وأكدت وسائل إعلام إيرانية، أمس، أن البرلمان الإيراني أقر ميزانية مؤقتة لثلاثة أشهر بينما يناقش مقترحات الرئيس محمود أحمدي نجاد المتعلقة بالإنفاق للعام بأكمله والتي جاءت متأخرة نحو 90 يوما، في وقت تلقي فيه العقوبات الاقتصادية بشكوك بشأن الإيرادات في المستقبل. وسيكون هذا هو العام الثالث على التوالي الذي لا يتمكن فيه البرلمان الإيراني من إقرار ميزانية للعام بأكمله مع بدء العام الإيراني والسنة المالية للبلاد في 21 مارس. وأدت العقوبات الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي لتراجع الصادرات النفطية للجمهورية الإسلامية أكثر من النصف خلال العام المنصرم، وهو ما أدى إلى هبوط حاد في دخل البلاد.

وقال مهرداد عمادي، الخبير الاقتصادي لدى «بيتا ماتريكس» الاستشارية في لندن «هذه الميزانية قصيرة الأمد تظهر أن التخطيط لأكثر من 90 يوما أصبح مستحيلا بسبب العقوبات». وقالت وكالة أنباء «فارس» إن الميزانية المؤقتة تتضمن إنفاقا يبلغ 450 ألف مليار ريال للربع الأول من العام. ويماثل ذلك إنفاق شهر واحد تقريبا بالريال في ميزانية العام الماضي أو 13 مليار دولار بسعر الصرف الحالي في السوق المفتوحة. واقترح الرئيس أحمدي نجاد الميزانية المؤقتة الشهر الماضي حينما طلب من المشرعين دراسة مسودة ميزانيته للعام بأكمله التي تأخرت طويلا.

وتتضمن مسودة الميزانية زيادة نسبتها 31 في المائة في الإنفاق بالعملة المحلية، وهو ما يعني انخفاض الإنفاق بالدولار مع تراجع قيمة الريال بمقدار النصف على مدى العام السابق في السوق المفتوحة. وغالبا ما يدخل أحمدي نجاد، الذي اقترب من نهاية فترة ولايته الثانية والأخيرة، في خلافات مع البرلمان بشأن السياسات الاقتصادية ومن بينها خفض دعم الغذاء والوقود. ونقلت وسائل إعلام إيرانية تصريحات لمشرعين يقولون إنهم يرون فاتورة الإنفاق المؤقت ضرورية، لكنهم عبروا عن استيائهم من الحاجة إلى اللجوء لمثل تلك الإجراءات. واحتاج البرلمان ميزانية مؤقتة لمدة شهرين حتى إقرار ميزانية العام الماضي.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية عن مهدي سنائي، عضو البرلمان، قوله «في العام الماضي قدمت الحكومة للبرلمان ميزانية لشهرين من العام، وقدمت هذا العام ميزانية لثلاثة أشهر. ربما تقدم العام القادم ميزانية لأربعة أشهر.. هذا الأسلوب في وضع الميزانية غير سليم ويجب إصلاحه».

وتبلغ مسودة ميزانية العام بأكمله 7.305 تريليون ريال، وهو ما يعادل 595 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي و200 مليار دولار فحسب بسعر الصرف في السوق المفتوحة. وبلغت ميزانية العام الماضي 5.560 تريليون ريال.

وقال أحمدي نجاد في مقابلة تلفزيونية قبل تقديم مسودة الميزانية إن تلك الميزانية تتضمن خفض اعتماد إيران على إيرادات النفط ودعم الصادرات غير النفطية لتخفيف أثر العقوبات. وأضاف أن الصادرات غير النفطية من السلع والخدمات يمكن أن تصل إلى 75 مليار دولار في العام القادم بزيادة 50 في المائة عن الأرقام التقديرية لهذا العام. ولم تتضمن مسودة الميزانية تقديرات لصادرات النفط في العام المقبل، وقالت وسائل إعلام إيرانية إن الميزانية وضعت على أساس متوسط لسعر برميل النفط عند 95 دولارا. ويبلغ سعر خام برنت الآن نحو 110 دولارات للبرميل.

من جهة ثانية، قال موقع إخباري تابع لوزارة النفط الإيرانية، أمس، إن إيران وافقت على إمداد العراق بمليوني لتر من وقود الديزل يوميا. وأضاف الموقع أن وزير النفط الإيراني رستم قاسمي وقع الاتفاق خلال زيارة إلى العراق خلال الأيام القليلة الماضية، كما وافق من حيث المبدأ على إمداد العراق وسوريا بالغاز الطبيعي. ولم يذكر الموقع موعدا لبدء إمدادات الديزل الإيرانية إلى العراق عضو منظمة «أوبك» والذي يستورد الوقود على الرغم من احتياطياته النفطية الكبيرة نظرا لافتقاره إلى الطاقة التكريرية. وسيشمل الاتفاق المبدئي لتوريد الغاز الطبيعي إلى العراق وسوريا نقل الغاز بالأنابيب من حقل بارس الجنوبي. وكانت وسائل الإعلام الإيرانية أفادت في السابق بأن الدول الثلاث توصلت لصفقة لأخذ الغاز من حقل الغاز البحري الإيراني الضخم بالخليج لتغذية محطات الكهرباء العراقية وإنشاء خط أنابيب عبر جنوب العراق إلى سوريا. ولم يذكر موقع وزارة النفط إطارا زمنيا للمشروع.