لبنان: سباق مع الوقت وجهود سياسية للتوافق على «قانون مختلط»

هيئة الإشراف على الانتخابات سلاح جديد بوجه «الستين» وسط التجاذبات

TT

رغم مضي وزارة الداخلية اللبنانية قدما في إجراءاتها القانونية لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في 9 يونيو (حزيران) المقبل، ولا سيما فتح باب الترشيح الذي بدأ أمس ويستمر إلى العاشر من أبريل (نيسان) المقبل، بعد توقيع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة انطلاقا من القانون النافذ، أي «قانون الستين» الذي جرت وفقه انتخابات عام 2009، لا يزال الأفرقاء السياسيون يصرون على رفضهم لهذا القانون واعتباره «ميتا»، الأمر الذي يضع الجميع في سباق مع الوقت، في حين برزت نقطة مهمة، وهي عدم تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات التي أضيفت إلى «الأسلحة القانونية» التي ترفع بوجه «قانون الستين».

أمام هذا الواقع، ومع استمرار «هيئة التنسيق النقابية» في إضرابها منذ أكثر من أسبوعين، الذي يمنع المرشحين من تقديم طلباتهم إلى وزارة المالية التي يشارك موظفوها في الإضراب، لا تزال أوساط كل من «تيار المستقبل» و«الحزب الاشتراكي» تؤكد على أن الجهود التي يبذلها الطرفان على خط الوصول إلى قانون انتخابي توافقي مختلط يجمع بين «الأكثري والنسبي»، إيجابية.

وبينما يتريث، في المقابل، رئيس المجلس النيابي نبيه بري في دعوة الهيئة العامة للمجلس إلى الانعقاد والتصويت على قانون الانتخاب، في ظل الأجواء التي تشير إلى اقتناع الجميع بأن تأجيل الانتخابات بات حتميا، لا يزال فريق الموالاة، ولا سيما تكتل التغيير والإصلاح برئاسة النائب ميشال عون وحزب الله يؤكدان أن هناك خيارين فقط، لا ثالث لهما، وهما إما «القانون الأرثوذكسي» الذي يقضي بانتخاب كل طائفة نوابها، أو «لبنان دائرة واحدة». وفي هذا الإطار، أكد وزير العدل اللبناني السابق، إبراهيم نجار، أن تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات ضروري من الناحية القانونية، لكن في الوقت عينه عدم تشكيلها لا يقف عائقا أمام إجراء الانتخابات التي تتولى عندها وزارة الداخلية المهمة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «معلوماتي تقول إنه سيتم طرح هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء في جلسة 21 الحالي، لكن سيتم التصويت ضده، على اعتبار أن رفضه يعني رفض قانون الستين وبالتالي على كل الأفرقاء التوافق على قانون بديل». ويرى نجار القول إنه لا يمكن إجراء الانتخابات ما لم يتم تشكيل الهيئة، هو «مخرج قانوني سياسي لعدم السير بقانون الستين»، مشيرا إلى أن هذا الرأي ينطلق من استناده إلى القانون الصادر في عام 2008، الذي يقول البعض إنه أقر لمرة واحدة، وينص على تأليف الهيئة خلال مهملة شهرين من صدور القانون وتنتهي بعد 6 أشهر من إتمام الانتخابات، في حين أن القانون الذي وردت فيه أحكام الهيئة ضمن ما يعرف بـ«قانون فؤاد بطرس»، لم يعط أي مهلة زمنية لتشكيلها، وهذا ما يضع الأفرقاء السياسيين أمام «تجاذب قانوني».

وعن الجهود التي تبذل على خط «المستقبل - الاشتراكي»، قال النائب في «تيار المستقبل»، عمار حوري لـ«الشرق الأوسط»: «اقتربنا من المساحة المشتركة التي تجمع كل الأفرقاء، ونستطيع القول إننا قطعا شوطا كبيرا باتجاه التوافق نحو قانون مختلط يجمع بين الأكثري والنسبي، على أن يراعي التوازنات الطائفية والهواجس ولا سيما المسيحية منها، مع التأكيد على أن يكون مبنيا على «الغموض البناء»، أي لا تعرف نتائجه مسبقا»، لافتا إلى أن النقاش يرتكز الآن على توزيع المقاعد بين النسبي والأكثري، ولا سيما جغرافيا، كاشفا أن قضاء جبل لبنان بشكل عام وبعبدا بشكل خاص يأخذان حيزا كبيرا من هذه المباحثات. وفي ما يتعلق بالتواصل مع الأفرقاء الآخرين، لفت حوري إلى أن «المستقبل» يتولى المهمة مع «حزبي القوات والكتائب والنواب المسيحيين المستقلين، فيما يتواصل «الحزب الاشتراكي» مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينسق بدوره مع حزب الله ومن خلفه التيار الوطني الحر.

من جهته، أكّد رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، أن الحزب التقدمي الاشتراكي، سيسعى في المهلة المتبقية حتى أبريل (نيسان) المقبل، للتوصل إلى مشروع انتخابي توافقي مع جميع الأطراف السياسية يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي تلافيا لأي تأجيل محتمل للانتخابات النيابية، لأن ذلك سيكون بمثابة قفزة في المجهول وضربة تراجعية إلى الخلف، خصوصا ما تم تداوله عن الوصول إلى مرحلة حكومة تصريف الأعمال، وذلك سيضع البلاد برمتها في مهب الريح سياسيا وأمنيا واقتصاديا. بدوره، وصف عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا النقاش حول قانون الانتخاب بـ«الهرطقة القانونية»، مشيرا إلى أن «القانون اللبناني ينص على تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات». وقال: «وجب تأليف هذه الهيئة منذ عام 2009 في غضون 6 أشهر بعد إجراء الانتخابات، أما اليوم فلم تعد هذه الهيئة قانونية». وأكد نقولا أن «المناصفة هي ممر إلزامي للوصول إلى قانون خارج القيود الطائفية، وبعدها يتم إنشاء مجلس شيوخ».

في المقابل، وفي حين اعتبر مستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا أنه «في حال لم يتم الاتفاق على صيغة لقانون الانتخاب يبقى الأرثوذكسي الأساس، كما أنه إذا تم اعتماد قانون مركب فهناك حتما تأجيل تقني للانتخابات»، اعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون أن «نوايا من لا يريد قانونا انتخابيا جديدا انفضحت، لأنهم دائما يفتشون عن أي شيء لرفض القانون الجديد»، مشيرا إلى «محاولة تثبيت الأمر الواقع، أي قانون الستين». بينما حذر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض من محاولات تمرير قانون الستين مؤكدا على رفضها مسيحيا، لأن «المسيحيين يرفضون أن يأكل الآخرون حقوقهم، وبالتالي فإن هذه الصيغة ساقطة وعاجزة ومعطوبة ولا فرصة أمامها لا ميثاقيا ولا قانونيا ولا إجرائيا لكي تمر».