مخاوف في مصر من منح «الضبطية القضائية» للمواطنين

«الجماعة الإسلامية» بدأت تشكيل «لجان شعبية».. وقوى مدنية ترفض «تقنين الميليشيات»

مسن مصري يحمل رسالة إلى شباب مشجعي الكرة بالنادي الأهلي (الألتراس) الذين وصفهم بأنهم مستقبل مصر (أ.ب)
TT

حذرت قوى سياسية وحزبية في مصر من اشتعال حرب أهلية بين الفصائل المختلفة، بعد بيان أصدرته النيابة العامة المصرية أمس نوهت فيه إلى «حق المواطنين القانوني في حال رؤيتهم لأي متهم متلبسا بارتكاب جريمة أن يقوموا بتسليمه لمأموري الضبط القضائي»، وهو ما فسره البعض بأنه «قرارا يمنح المواطنين حق الضبطية القضائية في الشارع»، وقال سياسيون إنه «يفتح الباب لتشكيل ميليشيات حزبية وطائفية، وبمثابة تقنين لوضع ميليشيات الجماعات الإسلامية».

وبينما رحبت الجماعة الإسلامية بقرار النيابة، قائلة إنها «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المشاهد العبثية في الشارع»، بدأ عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة، عملية تشكيل هذه اللجان، ودعا المواطنين للتجمع في مساجد القاهرة مساء أمس لتكوين لجان شعبية للتصدي لما سماه «أعمال بلطجة».

لكن المستشار مصطفى دويدار، المتحدث الرسمي للنيابة العامة، نفى تفسير قرار النيابة العامة بأنه يتضمن منح الضبطية القضائية للمواطنين، موضحا أن قرار النائب العام تضمن حث مأموري الضبط القضائي من الجيش والشرطة على الاضطلاع بمهامهم في القبض على مثيري الشغب والمخربين، وإعلام المواطنين بحقهم القانوني في حال رؤيتهم لأي متهم متلبسا بارتكاب جريمة، أن يقوموا بتسليمه إلى مأموري الضبط القضائي تطبيقا لما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية، وهو ذلك الحق المنصوص عليه بنص المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية.

وعين الرئيس محمد مرسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي المستشار طلعت عبد الله نائبا عاما، بعد الإطاحة بالنائب السابق عبد المجيد محمود، مما أثار أزمة سياسية لا تزال تداعياتها متواصلة حتى الآن.

ويأتي بيان النيابة العامة متفقا مع دعوة الرئيس محمد مرسي، في لقاء تلفزيوني مؤخرا: «المواطنين بألا يكونوا سلبيين وأن يتدخلوا في حال وجد أن هناك أشخاصا يقطعون الطريق ويعطلون المرور».

وتشهد البلاد حاليا، حالة من الانفلات الأمني والاشتباكات المتواصلة في شوارع العاصمة القاهرة وعدد من المحافظات، خلفت نحو عشرات القتلى وآلاف الجرحى، منذ الذكرى الثانية للثورة، في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، في ظل غياب أمني واضح، بعد اعتصام آلاف من ضباط الشرطة وإضرابهم عن العمل، اعتراضا على سياسة وزير الداخلية محمد إبراهيم.

من جانبه، قال علاء أبو النصر، الأمين العام لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إن «قرار النيابة العامة يستند لصحيح القانون، طالما توافرت حالة التلبس دون صدور إذن من النيابة العامة بالضبط».

وأشار أبو النصر، إلى أن «هذا القرار خطوة أولية لمواجهة العنف الممنهج، الذي تحاول بعض المنظمات الممولة جر البلاد إليه»، مضيفا أن «انهيار الأمن في مصر سيؤدي لانهيار الدولة».

ودعا عاصم عبد الماجد، الذي قضى 15 عاما في السجن بعد إدانته في قضية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981، «أهالي القاهرة لتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت»، والتصدي لأعمال البلطجة، وحدد عبد الماجد «التجمع في مساجد القاهرة بعد صلاة المغرب أمس، على أن يتوجه المواطنون بعد صلاة العشاء للمناطق المختلفة ليقوموا بدورهم في حماية المنشآت».

في المقابل، استنكر حزب الدستور، الذي يرأسه الدكتور محمد البرادعي، القرار، مؤكدا أنه يحمل مخاطر على المجتمع ويفتح أبواب العنف، وطالب بـ«إلغاء القرار الباطل بتعيين النائب العام الذي تؤكد ممارساته كل يوم انحيازاته السياسية».

وقال بيان للحزب أمس: «إن هذا التوجه الخطير الذي يتزامن مع تصريحات لبعض قادة جماعات الإسلام السياسي، باستعدادها لأن تطلق تشكيلاتها المنظمة لتحل محل الشرطة، إنما يكشف عن مؤشر خطير يهدد سلامة المجتمع وأمنه».

من جانبه، أعرب أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، عن رفضه للقرار، قائلا: «في ظل الأجواء التي تتطلب إعمال العقل وبحث أفضل الطرق لحل الأزمات، يفاجئنا النائب العام بقرار يؤدي إلى مزيد من التفكك».

كما اعتبر الدكتور عبد الله المغازي، المتحدث باسم حزب الوفد: «منح الضبطية القضائية للشعب مخالفا لقانون الإجراءات الجنائية والدستور الحالي»، وأضاف: «النيابة العامة تعطي غطاء قانونيا لميليشيات الأحزاب الدينية التي لها خلفية تاريخية للعنف، وهو ما ينذر بحرب أهلية». وشدد حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، على أن «القرار محاولة واضحة ومكشوفة لإعطاء الشرعية لميليشيات (الإخوان) والسلفيين، للتواجد في الشارع، وإعطائهم الحق في إلقاء القبض على المواطنين، مما ينذر بحرب أهلية»، محذرا في بيانه أمس، من أن القرار سيؤدي لمواجهات واقتتال.

وانتقدت لجنة «شباب القضاة والنيابة العامة»، التابعة لنادي قضاة مصر، قرار النائب العام. وقال شباب القضاة: «إنه من المؤسف أن يصدر رئيس المكتب الفني للنائب العام بيانا يبيح فيه للمواطنين القبض على مثيري الشغب، لأن ذلك هو واجب الجهات الأمنية». وأضاف بيان لهم أمس «تلك الدعوة قد تأتي بآثار كارثية حين يتعرض المواطنون لبعضهم البعض وكل طرف يظن أنه على صواب، متسائلين: فهل سيتحمل المستشار طلعت عبد الله العاقبة».

إلى ذلك، دعا الدكتور أحمد عارف، المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمين، كل القوى السياسية لـ«إدانة أعمال العنف والحرق والسرقة والتخريب والترويع التي يمارسها البلطجية والمأجورون ضد مؤسسات الدولة وعلى الممتلكات الخاصة والعامة وسلب ونهب تراث مصر».

وقال عارف في بيان له إن «هذه الإدانة والاستنكار يقتضيان التوقف هذه الفترة عن التظاهر حتى يتميز الوطنيون المخلصون وشباب الثورة الصادق، وأصحاب المطالب المشروعة عن المخربين المفسدين، فينكشف الغطاء عنهم ويمكن لرجال الشرطة أن يتعاملوا معهم بما يوجب عليهم القانون»، مؤكدا أن الإخوان المسلمين يؤمنون بأن توفير الأمن في البلاد إنما هو مسؤولية رجال الشرطة.