الأمم المتحدة تتهم دمشق باستخدام «اللجان الشعبية» لارتكاب «جرائم قتل جماعي»

أنباء عن تسليح العشائر في الرقة.. و«الوطني» يحذر من «استدعاء المرتزقة»

TT

اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة، تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان بسوريا، أمس، حكومة دمشق باستخدام «ميليشيات» محلية تعرف باللجان الشعبية لارتكاب «جرائم قتل جماعي» ذات طبيعة طائفية في بعض الأوقات.

وتزامن التقرير مع إعلان صحيفة «الوطن» السورية عدم وجود «ضرورة ملحة لدخول الجيش إلى مدينة الرقة»، بعد إعلان مقاتلي المعارضة السيطرة شبه الكاملة عليها، مشيرة إلى أن القوات النظامية قدمت السلاح للعشائر في المحافظة للدفاع عنها، داعية الجيش لعدم اقتحام أي مدينة إلا في حال استنجد أهلها وباتوا عاجزين عن الدفاع عنها.

وطالب محققو لجنة الأمم المتحدة بتقديم تقريرهم إلى مجلس الأمن ليرفع بدوره الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال التايلاندي فيتيت مونتربورن أحد المحققين الأربعة في اللجنة «نود التوجه مباشرة إلى مجلس الأمن والجمعية العامة».

وقال محققو اللجنة الدولية التي يرأسها البرازيلي باولو بينييرو في أحدث تقاريرها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف «اتخذ القتل الجماعي الذي يزعم أن اللجان الشعبية ترتكبه منحى طائفيا في بعض الأوقات في اتجاه مزعج وخطير».

وأشار التقرير إلى أن القوات الحكومية تستهدف المدنيين في الطوابير أمام المخابز ومواكب الجنازات، في حين تواصل القوات المناهضة للحكومة استخدام الأماكن التي تحظى بحماية، مثل المساجد، كقواعد لشن الهجمات أو كمستودعات لتخزين الأسلحة. وأضاف المحققون أن جانبي الصراع ارتكبا انتهاكات ضد المدنيين، مشيرين إلى أن جثث الذين قتلوا في مذابح «كانت تحرق أو تلقى في الأنهار». وجاء في التقرير أن مقاتلي المعارضة يعدمون بشكل منتظم الجنود السوريين وأفراد الميليشيات الذين يحتجزونهم وأقاموا مراكز احتجاز في حمص وحلب.

واعترضت دمشق على مضمون التقرير، إذ وصف السفير السوري فيصل خبار حموي، التقرير أمام مجلس حقوق الإنسان بأنه «يستند إلى معلومات جزئية من مصادر غير موثوق بها»، متهما قطر وتركيا بدعم «الإرهاب» في بلاده.

ويأتي التقرير في وقت يحذر فيه المعارضون من أن حكومة دمشق تستعين بمقاتلين مدنيين، أطلقت عليهم اسم «اللجان الشعبية»، وهي، بحسب معارضين، «تتشكل من البعثيين». وقال مصدر في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» إن اللجان «يتوزعون في محافظات الساحل مثل اللاذقية وحمص ودمشق، وهي المدن التي تتداخل فيها الأحياء، وتتنوع طائفيا». غير أن النظام، يعتبر أنهم مساعدون شعبيون للقوات الأمنية التي لا تستطيع ضبط الوضع بمعزل عن مساعدة الشعب نفسه.

ويشير ناشط من حي جوبر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المهمة المعلنة لهؤلاء، تتلخص بإحصاء عدد القتلى والجرحى ورصد الأضرار، فضلا عن حماية الأحياء وإقامة حواجز للتدقيق بالمارة»، فيما يتهم الجيش الحر هؤلاء بأنهم «يحصلون على المعلومات الأمنية، ويرصدون ناشطين وإعلاميين ويقدمون المعلومات لأجهزة الاستخبارات».

ووثقت شبكات إخبارية معارضة، منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، مقتل الكثير من المعارضين بطريقة الإعدام الميداني، أكثرهم عددا في مجزرة حي دير بعلبة في حمص نهاية ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، فضلا عن عشرات أعدموا ميدانيا في أحياء دمشق التي تسيطر عليها القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ولجان التنسيق المحلية.

وبحكم التداخل الجغرافي بين أحياء متنوعة طائفيا في دمشق وريفها وحمص، «اتخذت عمليات القتل طابعا طائفيا بين الطرفين، الموالين غير المنتظمين في الجيش النظامي، والمعارضين، رغم أن أصل الخلاف سياسي»، بحسب ناشط من دمشق، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجان الشعبية تتولى إقامة الحواجز وتفتيش المارة وتسليم المطلوبين».

وتتوزع اللجان الشعبية في معظم أحياء دمشق، لكنها تتركز في الأحياء التي لا تزال خارج سيطرة المعارضة، مثل حي مزة 86، وأحياء عش الورور، المساكن، جرمانة، قصاع وغيرها، وهي أحياء يغلب على سكانها طابع التنوع الطائفي غير الإسلامي السني.

أما في حمص، فتتركز اللجان الشعبية في أحياء الزاهرة والعباسية والأرمن التي يغلب على سكانها الطابع العلوي. ولا يميز المعارضون في تلك المنطقة بين اللجان الشعبية، وما يعرف بـ«الشبيحة» الذين اتهموا بارتكاب مجازر كبيرة، مثل مجزرة الحولة في حمص، ومجزرة القبير في حماه.

في غضون ذلك، أكدت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام السوري أمس جانبا مما ورد في التقرير، بإعلانها أن «عشائر الرقة كانت ومنذ أشهر تطالب بالسلاح لحماية مناطقها ومدنها وحصلت عليه، وهي قادرة بالتالي على الدفاع عن الرقة وغير الرقة من دون أي تدخل عسكري من الجيش العربي السوري». ودعت الصحيفة الجيش النظامي لعدم اقتحام أي مدينة إلا في حال استنجد أهلها وباتوا عاجزين عن الدفاع عنها. وأضافت: «هذا ليس حال الرقة التي فيها ما يكفي من الرجال والنساء لدحر الإرهابيين وطردهم من حيث أتوا».