غموض حول مصير مخطوفين لبنانيين في نيجيريا من قبل «أنصار المسلمين»

وزير الخارجية اللبناني: لا دليل على قتلهما والتواصل مستمر لجلاء مصيرهما > جماعة إسلامية متشددة تنشر فيديو لجثث رهائنها

TT

لولا إعلان جماعة «أنصار المسلمين في بلاد السودان»، يوم السبت الماضي، قتلها سبعة رهائن أجانب كانت قد خطفتهم منتصف شهر فبراير (شباط) من ورشة للأشغال العامة تنجزها شركة «سيتراكو» اللبنانية في قرية جماري في ولاية بوشي شمال نيجيريا، لما أولى اللبنانيون اهتماما بمتابعة قضية وجود شابين لبنانيين هما كارلوس أبو عزيز وعماد العنداري في عداد المخطوفين السبعة، إلى جانب سوري وزوجته ويوناني وإيطالي وبريطاني. ورغم أن وسائل الإعلام اللبنانية كانت قد لحظت خبر خطف المجموعة الشهر الماضي، لكن الحكومة اللبنانية من خلال وزارة الخارجية والمغتربين لم تصدر أي موقف رسمي ولم تعلن عن أي إجراءات تقوم بها في هذا الصدد طيلة الأسابيع الأخيرة.

وفي حين كانت عائلتا المخطوفين العنداري (دير بعشتار، شمال لبنان) وأبو عزيز (درب السيم، جنوب لبنان) تعيشان لحظات صعبة، في ظل التضارب في المعلومات حول مصير ابنيهما وكان تواصلهما مقتصرا على شركة «سيتراكو» اللبنانية في نيجيريا، فإن الإعلان عن مقتل المخطوفين السبعة دفع وزارة الخارجية اللبنانية إلى تكثيف اتصالاتها مع البعثة اللبنانية الموجودة في أبوجا من أجل جلاء مصير المخطوفين اللبنانيين. وأعلن وزير الخارجية عدنان منصور أمس أن الصور التي نشرها الخاطفون على الإنترنت «ليس فيها أحد من اللبنانيين». وقال إن الخاطفين «تعمدوا فرز المخطوفين السبعة إلى مجموعتين، حيث إن اللبنانيين والسوريين كانوا في مجموعة منفصلة عن الأجانب الثلاثة، الأمر الذي يشير إلى أنهم ما زالوا على قيد الحياة». وأظهر شريط فيديو مرفق ببيان جماعة «أنصار المسلمين» يوم السبت الماضي، نشر على موقع «يوتيوب»، مسلحا ببندقيته يقف أمام أربع جثث ممددة على الأرض ومضرجة بدمائها وسط ضوء خفيف. وتضمن الفيديو لقطات قريبة لوجوه القتلى التقطت وسط ظلام دامس، حيث استعان مصور الفيديو بمصباح صغير وجهه على وجوههم. لكن السلطات النيجيرية، بحسب ما أبلغه القائم بالأعمال اللبناني في أبوجا وسيم إبراهيم لوزير الخارجية اللبناني، لم تصدر أي موقف بشأن مقتل المخطوفين. وذكر أن أي عملية عسكرية لم تحصل ولم يحصل أي إطلاق نار في مكان وجود الخاطفين، الأمر الذي يبشر ببوادر إيجابية قد تظهر عن مصير اللبنانيين، على حد تعبيره. وطمأن وزير الخارجية عدنان منصور ذويهم في اتصالين هاتفيين بأنه «لا دليل على قتلهما والتواصل مستمر بين السفارة والجهات الرسمية في نيجيريا والجهات الدولية لجلاء مصيرهما وتحديد مكانهما».

في موازاة ذلك، تعيش عائلتا أبو عزيز والعنداري لحظات من الترقب والقلق، خصوصا بعد تضارب المعلومات والأنباء عن مصير ابنيهما. وفي حين تمتنع عائلة العنداري عن التصريح، أوضح رئيس بلدية دير بعشتار الواقعة في منطقة الكورة شمال لبنان غاوي شحادي ديب الغاوي لـ«الشرق الأوسط» أن عائلة العنداري متمسكة بأن ابنها لا يزال على قيد الحياة وليس من بين المخطوفين الذين قتلوا. ولفت إلى أن عماد يعمل في نيجيريا منذ أكثر من عامين، وتردد خلال السنتين الأخيرتين أكثر من مرة إلى لبنان، وتنتظر زوجته في لبنان مولودهما الثاني خلال شهرين. ولا تختلف حال عائلة أبو عزيز في درب السيم في منطقة صيدا، جنوب لبنان، عن عائلة العنداري. يقول رئيس بلديتها مارون جحا لـ«الشرق الأوسط» إن كارلوس يعمل في نيجيريا منذ خمس سنوات، وزار لبنان منذ أقل من خمسة أشهر. وأكد أنه لا معلومات رسمية موثوقة لدى عائلته حول مصيره وهم ما زالوا يأملون خيرا ويتمنون أن تكون معلومات وزير الخارجية مستندة إلى معطيات ومعلومات أكيدة وليس مجرد تحليلات أو تصريحات صحافية. ويوضح جحا أن عائلة أبو عزيز كانت خلال الأسابيع الأخيرة على تواصل مع غدارة شركة «سيتراكو» في نيجيريا، التي كررت لها أن القضية بصدد الحل وأنها جاهزة لدفع فدية مالية طلبها الخاطفون. وامتنعت شركة «سيتراكو» اللبنانية عن التعليق على الموضوع لـ«الشرق الأوسط»، مكتفية بالإشارة إلى أن «الملف قيد المتابعة من قبل وزارة الخارجية اللبنانية». ويعمل المخطوفون السبعة في شركة «سيتراكو نيجيريا ليمتد» للبناء والهندسة المدنية، وهي تعد من أكبر شركات المقاولات العاملة في نيجيريا منذ عام 1977، وتتبع لمجموعة «سيتراكو» اللبنانية. وتعمل على مشاريع مختلفة تتعلق بالبنى التحتية والبناء أبرزها حاليا بناء طريق بطول 600 كلم بين كانو ومايدوغوري شمال نيجيريا.

تجدر الإشارة إلى أن الجهة الخاطفة كانت قد أعلنت أن تصفية الرهائن السبعة جاء إثر «محاولات الحكومتين البريطانية والنيجيرية تحريرهم وبسبب ما قامتا به من عمليات اعتقال وقتل». وتعتبر جماعة «أنصار المسلمين» فصيلا من جماعة «بوكو حرام» النيجيرية المسؤولة عن مقتل مئات الأشخاص في هجمات ينفذها عناصرها في شمال ووسط نيجيريا منذ عام 2009.