مؤتمر بغداد للوعي القانوني: غياب القانون والانفلات الأمني يهددان «الربيع العربي»

تحذير من شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»

TT

شهد المؤتمر العربي الأول لتنمية ثقافة الوعي بالقانون في بغداد مناقشات موسعة حول ظاهرة الانفلات الأمني وغياب القانون في دول الربيع العربي، وشدد المشاركون على ضرورة استعادة الوعي بالقانون، محذرين من التداعيات السلبية التي يمكن أن تنتج عن ذلك، ومشيرين إلى أن بعض هذه التداعيات أخذت تظهر بالفعل في أغلب هذه الدول.

وفي هذا السياق حذر الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري الأسبق من غياب القانون وعدم احترام محدداته الأساسية، وقال: «من دون ذلك لن يكون بالإمكان التفريق بين الظالم والمظلوم والمعتدي والضحية وتحقيق العدل»، لافتا إلى أن ما تشهده مصر وبعض البلدان العربية الأخرى على هذا الصعيد نتيجة طبيعية لتوابع الثورات، مؤكدا على ضرورة الإيمان بالآخر وعدم تهميشه أو إقصائه من العملية السياسية. وأكد شرف على أهمية أن يكون التغيير ضمن الأطر القانونية التي من خلالها تتعاظم القدرة والرغبة والفهم لتحقيق أهداف الثورات العربية مع الاستغلال الأمثل للزمن في تحقيق التقدم المطلوب، ولفت إلى أنه رفض أداء اليمين القانونية كرئيس لوزراء مصر عقب ثورة 25 يناير في ميدان التحرير وتمسك بأدائه أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة احتراما للقانون والدستور. وشدد شرف في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون الدستور معبرا عن الرأي الجمعي حتى لا يؤدي عكس ذلك إلى تفاقم الانقسام السياسي في المجتمع.

من جهته، قال إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي الأسبق ورئيس التحالف الوطني العراقي إن ما طرأ على السطح في دول الربيع العربي من انفلات أمني وغياب القانون يهدد ثوراتها، وأضاف: «ينبغي أن نعير اهتماما لأصوات الساكتين في البيوت وليس لأصوات المتظاهرين في الشوارع فحسب»، وندد بطرح شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» الذي بات يتردد في الوقت الحالي ورأي أنه لا يعني بالضرورة إسقاط الدولة لأنه في حال سقوطها ستتحول البلاد إلى ساحة من الفوضى وقانون الغاب، ونبه قائلا: «إذا خيرنا بين الفوضى واستمرار النظم الفاسدة سوف نختار الأخيرة لأن نتائج الفوضى خطيرة للغاية على الدولة وعلى الشعب». وخرج المؤتمر في ختام أعماله أمس بجملة من التوصيات منها «تنمية ثقافة الوعي القانوني والوطني على المستويين الوطني والعربي باعتبارها من المطالب الملحة للشعوب العربية». واعتبر أن «نشر ثقافة الوعي بالقانون هو مطلب ملح وهو أمر واجب على الجميع في ظل استشراء الفساد وهدر المال العام وفي ظل ممارسة بعض السلطات السياسية لأبشع أساليب التعسف ضد مواطنيها، والعمل على إفقارهم وسرقتهم وهذا ما كان حتما سببا مباشرا في نشوب ثورات ما تسمى بالربيع العربي في بعض الدول العربية». ودعا إلى «ضرورة مضاعفة الجهود لنشر الوعي القانوني والوطني في ظل الظروف الراهنة التي ازدادت فيها الإشكاليات الارتدادية لدى شعوب تلك الثورات العربية من حالة عدم الاستقرار وانتشار الفوضى وسرقة نتائج ثورات الشباب فيها رغم انقضاء أكثر من سنتين على نجاح ثوراتها البطولية فيه». وطالب المؤتمر بـ«تطبيق آليات العدالة الانتقالية بطريقة شمولية في بلدان الربيع العربي من أجل بناء المجتمع ضمن إطار تشريعي وقضائي، لمواجهة تجاوزات الماضي بطريقة جذرية وإصلاح المؤسسات المتورطة منها ومعرفة حقيقة ما جرى وما يجري من أحداث جسام ترتب عليها مقتل الكثير من المواطنين وإصابة غيرهم بأضرار جسيمة فضلا عما لحق بالكثير من مؤسسات الدولة من خسائر فادحة وعلى ضرورة الاعتراف بتلك الجرائم واعتذار المسؤولين عنها وتعويض الضحايا».

كما شدد المؤتمر على أن «مفهوم المواطنة هو مسؤولية تقع على الكافة سواء المواطن أو الدولة»، محذرا من أن «عدم مراعاة حقوق الإنسان يفتح أبواب الفتن والحروب الأهلية وأن الاعتراف بهذه الحقوق يولد الانتماء والترابط والاندماج معا داخل بوتقة المجتمع لأن المواطنة حق لكل مواطن في المجتمع على اختلاف وتباين الانتماءات العرقية والدينية والطائفية».