إسرائيل تسعى لإسقاط صفة «لاجئ» عن أبناء وأحفاد اللاجئين

الفلسطينيون يرفضون محاولاتها.. وعريقات يندد وحماس تهدد

TT

رفض رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، محاولات الحكومة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة، لإسقاط صفة «لاجئ» عن أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من وطنهم عام 1948. وقال عريقات، في تصريحات لوسائل الإعلام الفلسطينية، أمس، إن قضية اللاجئين الفلسطينيين واحدة من أهم قضايا الوضع النهائي، ولا يمكن التوصل إلى سلام نهائي من دون حل عادل لها مثل بقية القضايا. وأضاف أن «إسرائيل سبق أن وقعت على الالتزام بأن قضية اللاجئين هي من قضايا الوضع النهائي، ومساعيها لإسقاط هذا الحق الفلسطيني لا يمكن أن تنجح، ولا يمكن أن يقبل بها الجانب الفلسطيني».

وأشار عريقات، إلى أن إسرائيل بدأت هذه المحاولات منذ فترة طويلة، ولكن السلطة الفلسطينية تصدت لها ونجحت في إفشالها حتى أمام الكونغرس الأميركي. وأضاف أن المشروع الذي قدم إلى الكونغرس بدعم من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لإسقاط صفة لاجئ عن أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين في يونيو (حزيران)، كان عبارة عن تمهيد لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين. وقال: «لا أحد يمكنه انتقاص صفة اللاجئ الفلسطيني وشطب حقوقه، وستبقى هذه القضية واحدة من قضايا الوضع النهائي التي لا يمكن التوصل إلى سلام حقيقي في المنطقة من دون حلها جميعها».

وكانت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، قد نقلت، أول من أمس، عن ممثل إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، رون بريسؤور، قوله إن حكومته تسعى لتغيير الصبغة القانونية الخاصة بتعريف اللاجئين الفلسطينيين، لإسقاط هذه الصفة عن ذرية الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948، وإنه قال أيضا: «إن العقبة الرئيسية في وجه عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين هي حق العودة للاجئين الفلسطينيين وليس قضية المستوطنات». واعتبر بريسؤور، وفقا للصحيفة، أن نقل صفة لاجئ لأبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا قراهم ومدنهم في فلسطين بعد إقامة إسرائيل - أمر مضلل.

وكان بيسؤور قد تكلم خلال ندوة في نادي «هارفارد» بمانهاتن في الولايات المتحدة، في نهاية الأسبوع، شاركت فيها شخصيات وخبراء أميركيون، مستبقا المؤتمر الصحافي الذي عقده المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيبلو غراندي، أمس، وأعلن فيه أن «اللاجئين الفلسطينيين أصبحوا سكانا منسيين في منطقة مضطربة على نحو متزايد». وقد تكلم إلى جانب بريسؤور، الدكتور دانييل بابيس، وهو خبير دولي في قضايا الشرق الأوسط،، فقال إن «وضع اللاجئين الفلسطينيين مرض، ويمكن أن يضر بجميع الأطراف ذات العلاقة به». وجاءت أقواله من منطلق عدائي، إذ اعتبر النهج الحالي الذي تتبعه «الأونروا» في اعترافها المتواصل بقضية اللاجئين، تشجيعا لتكريسها ومنع نسيانها، مشيرا إلى «إنه يعزز شعور الضحية عندهم، كما أنه يدفع بهؤلاء نحو التطرف».

وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن منتدى الشرق الأوسط في فيلادلفيا، الذي عمل بابيس رئيسا له، هو الذي نظم هذه الندوة، التي جاءت تحت عنوان «تغيير سياسة الولايات المتحدة نحو (الأونروا) وقضية اللاجئين الفلسطينيين»، إذ جاءت هذه الندوة، بحسب الصحيفة، تمهيدا لصياغة تشريعات في الولايات المتحدة الأميركية، تهدف إلى إنهاء عملية النقل الأوتوماتيكية لصفة لاجئ، التي تطلق الآن على أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، وهو الأمر الذي يجري منذ عام 1948.

ومن جهته، اعتبر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، بريسؤور، أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ستدمر إسرائيل. وقال إنه في عام 1950، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى 700 ألف، وأصبح عددهم اليوم خمسة ملايين ومائة ألف لاجئ، مشيرا إلى أن الأمر يعتمد على كيفية وأسس تعدادهم. وزعم أنه عبر التاريخ تغير وضع اللاجئين القانوني عندما أصبحوا مواطنين في أقطار أخرى وفقدوا صفتهم الأصلية، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين تعيش الآن في الأردن وسوريا، وتمر الآن بأزمة لجوء جديدة. وانتقد بريسؤور سياسة «الأونروا» التي تسمح للاجئين الفلسطينيين بنقل هذه الصفة لأطفالهم، معتبرا أن ما تقوم به الأخيرة في هذا الشأن مضلل. وقال إن إسرائيل تعارض بشدة جدول الأعمال السياسي الخاص بـ«الأونروا»، غير أنها تؤيد جدول أعمالها السياسي المدعوم من دول غربية هي المانحة لبرامج «الأونروا».

وقد ندد كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، بهذه المساعي الإسرائيلية، كما عبرت حركة «حماس» عن رفضها. وقالت دائرة شؤون اللاجئين في الحركة، في بيان، إنها «لن تسمح بأي تلاعب يمس اسم اللاجئ الفلسطيني وتعريفه في المواثيق الدولية». وأضافت: «إن المسعى الإسرائيلي سبق أن عرض عبر عضو كونغرس أميركي لإنهاء عملية النقل الأوتوماتيكية لصفة لاجئ التي تطلق الآن على أحفاد اللاجئين الفلسطينيين». وشددت على أن «توارث الصفة من جيل إلى آخر أمر طبيعي»، محذرة من أن «أي تلاعب في وضع اللاجئين ومستقبلهم وحقوقهم يعني إرباك المنطقة والعالم، ولن يسمح اللاجئون الفلسطينيون بمرور هذه المؤامرات مرور الكرام». وأضافت أن إسرائيل «ستدفع من أمنها ثمنا لهذا التلاعب، وسيطال الأمر كل من يقف إلى جانبها في هذه الحماقات». ودعت «حماس» الأمم المتحدة ووكالة «الأونروا» إلى «عدم التعاطي مع هذه المطالب غير المسؤولة »، مشددة على أن «الحركة وكل حركات شعبنا الفلسطيني المقاومة، لن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى أهم ثوابت الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، يتصرف فيها الصهاينة وحلفاؤهم». وحذرت من أن إسرائيل «بمسعاها هذا ستدفع لتوتير المنطقة ككل».