مسؤول مغربي: الدولة دفعت تعويضات تجاوزت 200 مليون دولار لمعتقلين سياسيين سابقين

الصبار: علاقة «مجلس حقوق الإنسان» مع معتقلي «السلفية الجهادية» تنحصر حاليا في تحسين ظروف سجنهم

TT

وصف مسؤول مغربي تقرير خوان منديز، المقرر الأممي لمناهضة التعذيب، حول ممارسة التعذيب في المغرب، بأنه «متوازن» لأنه نفى ممارسة الدولة التعذيب «الممنهج»، وتطرق المسؤول نفسه إلى موضوع سجناء «السلفية الجهادية» والتعويضات التي دفعتها الدولة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات مضت.

وكان المندوب الأممي منديز قد زار المغرب بدعوة من الحكومة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقدم تقريره النهائي في الرابع من مارس (آذار) الحالي أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وأكد فيه استمرار ممارسة التعذيب في البلاد خصوصا في ما يتعلق بقضايا الأمن القومي والإرهاب، كما انتقد عدم محاكمة أي من المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إبان سنوات الاحتقان السياسي. وقال محمد الصبار، أمين عام «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» (هيئة رسمية تتمتع باستقلالية) إن تقرير منديز كان «متوازنا». وأشار الصبار الذي كان يتحدث أمس (الثلاثاء) خلال ملتقى نظمته وكالة الأنباء المغربية، حول مساهمة المجلس في إصلاح القضاء، إلى أن المغرب من البلدان النامية القليلة في العالم التي فتحت أبوابها أمام الهيئات الحقوقية الدولية، وأضاف أن منديز زار بكل حرية مخافر الشرطة والسجون ومستشفيات الأمراض العقلية، كما زار المجلس وأشاد بمهنيته، واستمع كذلك إلى عدد من الضحايا الذين ادعوا تعرضهم للتعذيب، وخلص إلى أن التعذيب لا يمارس بشكل ممنهج من قبل الدولة، مشيرا إلى أن العرض الذي تقدم به المغرب أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف قبل أسبوع كان موفقا خلافا لما ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام المحلية. وأقر الصبار في المقابل بممارسة التعذيب في البلاد، واعتبره «أمرا عاديا وطبيعيا، لكن الأمر غير العادي هو عدم التصدي لهذه الانتهاكات»، مشيرا إلى أن القضاء على هذا النوع من الممارسات «يحتاج إلى وقت لأن الأمر يتعلق بعقليات، فمن تعود على الصفع لا يمكن أن يغير سلوكه في 24 ساعة»، على حد تعبيره. وأوضح أن المغرب قطع بشكل نهائي مع بعض الممارسات من قبل الاختطاف، «حيث لم تسجل خلال السنتين الماضيتين أي عملية اختطاف، كما لم تسجل أية حالة تعذيب أفضت إلى الموت أو تسببت في عاهة مستديمة، كما لا يوجد أي معتقلين سجنوا بسبب آرائهم». وأقر الصبار كذلك بوجود فجوة بين النصوص التشريعية والواقع، مشيرا إلى أن مجال عمل المجلس هو القضاء على هذه الفجوات، وأن «المغرب يمثل نقطة مضيئة في بلدان شمال أفريقيا بالنظر إلى المجهود الجبار الذي بذل في مجال النهوض بحقوق الإنسان، ومصادقته على الاتفاقيات الدولية المعنية». وردا على سؤال حول دوافع إصدار المجلس تقاريره حول إصلاح القضاء في هذه الفترة بالتزامن مع انتهاء ندوات الحوار حول إصلاح العدالة حيث تعكف وزارة العدل على إعداد «الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة» المقرر الإعلان عنه قبل نهاية الشهر الحالي، وما إذا كان المجلس ينافس الحكومة، قال المسؤول المغربي إن «المنافسة مستحبة إذا كانت في صالح المجتمع، وأي إسهام من أي جهة أمر جميل، لكن ما لا يمكن القبول به هو التطاول على اختصاصات الجهاز التنفيذي أو البرلمان أو القضاء». ونفى الصبار وجود ازدواجية بين عمل المجلس من جهة، ومبادرات الحكومة والبرلمان، من جهة أخرى، وقال إن المجلس من المؤسسات المستقلة، وزاد قائلا: «المهم هو أن لا تكون هناك ازدواجية في صنع القرار».

وكان المجلس قد قدم الأسبوع الماضي أربع تقارير إلى الملك محمد السادس تخص إصلاح المحكمة العسكرية، وإنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمحكمة الدستورية، و«الدفع بعدم الدستورية»، الذي يتيح لشخص طرف في نزاع معروض على القضاء أن يثير عدم دستورية قانون معين. وأشاد الملك محمد السادس بتقارير المجلس، واعتبر الصبار تنويه الديوان الملكي بتقاريره «تحفيزا» له من أجل الرقي بأوضاع حقوق الإنسان في البلاد. وردا على سؤال حول توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بتعويض الضحايا عن الانتهاكات الجسيمة الذين تعرضوا لها إبان سنوات الاحتقان السياسي، قال الصبار إن عملية جبر الضرر كلفت ملياري درهم (235 مليون دولار)، واعتبرها «تجربة إنسانية وسياسية رائدة»، مشيرا إلى أن ملف الانتهاكات الجسيمة «فتح لكي يطوى بشكل نهائي، على أسس معيارية ترضي غالبية ضحايا (الاعتقالات السياسية)»، بيد أنه لم يتم تقدير هذه المبادرة بالشكل المطلوب، من وجهة نظره. وبخصوص ملف سجناء «السلفية الجهادية»، قال الصبار إن علاقة المجلس بهذا الملف تقتصر على تحسين ظروف السجن لا غير، وإنه لم يبدأ بعد أي مبادرة تتعلق بالملف ككل لأنه يتعين على المجلس الاطلاع على ألف ملف قضائي.