بدء عملية اختيار البابا الجديد.. وتوقع دخان أبيض بين يومين و4 أيام

عمليات اقتراع كثيرة يجريها 115 كاردينالا.. وتداول نحو 10 أسماء لخلافة بنديكتوس

أشخاص يشاهدون تجمع الكرادلة قبل بدء واحد من اجتماعاتهم المغلقة لاختيار البابا الجديد في الفاتيكان، أمس (أ.ب)
TT

بدأ مجمع كرادلة الكنيسة الكاثوليكية المغلق، أمس، عملية انتخاب البابا الجديد خلفا للبابا بنديكتوس السادس عشر الذي تنحى الشهر الماضي.

وانتقل 115 كاردينالا، تقل أعمارهم عن 80 عاما يشاركون في انتخاب البابا، صباح أمس، من مقار إقامتهم في روما إلى فندق «سانتا مارتا» في الفاتيكان، حيث يمكثون طيلة فترة انعقاد المجمع.

وفي عملية تصويت يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، يغلق أمراء الكنيسة من 48 دولة أبواب كنيسة سيستين في الفاتيكان، ويختارون بداخلها، عن طريق الاقتراع، البابا الجديد. ويجري نقلهم بين الفندق والكنيسة داخل مقر الفاتيكان بطريقة تمنع أي اتصال بينهم وبين العالم الخارجي.

وحضر جميع الكرادلة، بمن فيهم أولئك الذين تزيد أعمارهم على 80 عاما ولا يشاركون في الاقتراع، صباح أمس، قداسا في كنيسة القديس بطرس للصلاة من أجل انتخاب البابا الجديد، خلفا لبنديكتوس السادس عشر، الذي تنحى الشهر الماضي قائلا إنه ليس بالقوة الكافية لمواجهة محن الكنيسة. وبعد القداس الذي استغرق ساعتين، عاد الكرادلة إلى الفندق، ثم صلوا مجددا في كنيسة سيستين، وبعدها خرج كل من لا يشارك في الاقتراع من الكنيسة التي تغلق أبوابها الضخمة.

وقال قس أميركي يدعى جيمس بلاجنس: «أرى في هذا مثالا على استمرار الكنيسة في تجديد نفسها واستمرارها في دفع نفسها للأمام بهدف التجديد. إنه مثال رائع على إيماننا بأن الروح القدس يقف مع الكنيسة، خاصة عندما يجتمع قادة الكنيسة مثلما هم يجتمعون الآن». وقال جواكيم ماتياس وهو قس أنغولي: «ليس لدينا تفضيل خاص. نحن هنا تملؤنا روح الكنيسة. روح تجعلنا نقبل بسعادة شديدة أي شخص يختاره الكرادلة ليكون زعيمنا. البابا هو راعي الكنيسة العالمية، ونحن مخلصون لهذا، ومستعدون لقبول أي شخص يختاره الروح القدس».

ولا يحق للكرادلة أن يصوتوا لأنفسهم، وعليهم أن يؤدوا قسم اليمين، كل بدوره، باحترام سرية التصويت والقبول بالنتيجة. كما يقسمون أيضا بألا يتراجع من ينتخب من بينهم مطلقا عن المطالبة بكامل حقوق الحبر الأعظم. ويرتقب حصول أربع عمليات اقتراع يوميا، اثنتان صباحا واثنتان مساء. وفي نهاية النهار، تُحرق كل بطاقات الاقتراع لمحو أي أثر للتصويت السري، الذي لا يمكن للكرادلة الحديث عنه حتى بعد فترة طويلة من انعقاد المجمع. وسيعني ظهور دخان أبيض من الكنيسة أنه تم انتخاب البابا الجديد، أما الدخان الأسود فمعناه أن الاقتراع لم يكن حاسما. وبحسب الخبراء في شؤون الفاتيكان، وفي حال عدم حصول مفاجآت، فإنه يرتقب أن تكون مدة المجمع قصيرة، يومان إلى أربعة أيام كحد أقصى.

ومن بين الكرادلة الناخبين، البالغ عددهم 115 كاردينالا وكلهم عينوا خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أو المستقيل بنديكتوس السادس عشر، هناك نحو عشرة أسماء تم تداولها في الأيام الماضية كمرشحين لترؤس الكنيسة الكاثوليكية. وتناقلت وسائل الإعلام أسماء الإيطالي أنجيلو سكولا، أو الكندي مارك أويليه، والبرازيلي أوديلو شيرر، أو النمساوي يوزف شونبورين، أو المجري بيتر أردو، أو الأميركيين تيموثي دولان وشون أومالي، وجميعهم لديهم نقاط مشتركة كثيرة مع يوحنا بولس الثاني أو بنديكتوس السادس عشر. وجميعهم محافظون وحريصون على منع ذوبان الدين أكثر من الإصلاحات التي ينتظرها كثيرون، لا سيما في الغرب.

وسيكون على الكرادلة اختيار من سيواجه الأزمة العميقة التي تجتازها الكنيسة الكاثوليكية والتي شهدت في الآونة الأخيرة فضيحة فاتيليكس وفضائح التحرش الجنسي. وهناك تحديات ثقيلة تنتظر خليفة بنديكتوس السادس عشر من احتجاجات داخلية، إلى اضطهاد للمسيحيين حول العالم، إلى قضايا أخلاقية وتجاوزات أخرى تشهدها الكنيسة.

ومع انتخاب البابا الجديد، ينتهي شهر صعب بدأ في 11 فبراير (شباط) الماضي مع إعلان بنديكتوس السادس عشر استقالته بشكل مفاجئ وهو في سن الخامسة والثمانين. وسيكون أول بابا على قيد الحياة يشهد انتخاب خلف له. وسيراقب يوزف راتسينغر هذه العملية عن بعد من مقر كاستيل غاندوفلو على بعد 30 كلم من الفاتيكان حيث أصبح مقر إقامته. وقال بعد إعلان استقالته إنه اتخذ هذا القرار «من أجل خير الكنيسة» التي انتقد الانقسامات فيها. والبابا ينتخب بأكثرية الثلثين من أصوات الكرادلة.

وحتى قبل خروج الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين وانطلاق العنان لأجراس كاتدرائية القديس بطرس، سيكون الكاردينال الإيطالي جيوفاني باتيستا ري، أول الكرادلة الأساقفة، قد طرح على البابا المنتخب السؤال الآتي: «هل تقبل بانتخابك القانوني حبرا أعظم؟»، وسيجيب بنعم، ويختار اسمه الجديد، الذي قد يكون بولس أو يوحنا أو يوحنا بولس أو بيوس أو بنديكتوس...

وبعد ثمان وأربعين دقيقة، وهي الفترة التي يقسم خلالها الكرادلة يمين الولاء ويرتدي البابا الجديد ثيابه الجديدة، سيحصل الكاردينال الفرنسي جان لوي توران على شرف الإعلان باللغة اللاتينية أمام الجموع المحتشدة في ساحة القديس بطرس «هابيموس بابام» (لدينا بابا) ويكشف عن اسمه. ثم يكشف البابا الجديد الذي يضع نجمة حمراء على كتفيه، وجهه للعالم أجمع. وعندئذ، تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ المسيحية الذي بدأ قبل ألفي سنة.