فوكلاند تختار البقاء بريطانية

كاميرون يدعو لاحترام رغبة السكان.. والأرجنتين ترفض الاستفتاء «غير الشرعي»

TT

صوت سكان جزر فوكلاند بأغلبية ساحقة (99.8 في المائة) لصالح البقاء ضمن السيادة البريطانية في استفتاء أجري على مدى يومين، على الرغم من اعتراض الأرجنتين التي اعتبرته غير شرعي. وبلغت نسبة الإقبال على المشاركة في الاستفتاء الذي نظم الأحد والاثنين 92 في المائة من بين عدد من يحق لهم المشاركة فيه ممن ولدوا في الجزر أو عاشوا فيها لمدة طويلة. ولم يصوت سوى ثلاثة أشخاص ضد إبقاء الجزر تحت سلطة بريطانيا، من بين 1649 شخصا، هم عدد من يحق لهم التصويت. ويبلغ عدد سكان الجزر 2563 شخصا.

وأُعلنت نتيجة الاستفتاء مساء أول من أمس في الأرخبيل دون تسجيل أي اعتراض، ووسط ترحيب السكان في العاصمة ستانلي. وصرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس بأن «سكان فوكلاند لا يمكن أن تكون رسالتهم أوضح. إنهم يريدون البقاء بريطانيين، وهذا الأمر يجب أن يحترمه كل العالم، وخصوصا الأرجنتين». وأضاف كاميرون أمام وسائل الإعلام: «مع أنها على بعد آلاف الأميال من هنا، فإن جزر فوكلاند بريطانية تماما، وتريد البقاء كذلك. وعلى السكان أن يعلموا أننا مستعدون دائما للدفاع عنهم». كما رحب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ بنتيجة الاستفتاء وأعلن أنه «بات من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن سكان فوكلاند يرغبون في البقاء ضمن السيادة البريطانية».

وصرح هيغ في بيان: «لقد قلنا دائما بوضوح إننا نؤمن بحق سكان فوكلاند في تقرير مصيرهم والاتجاه الذين يريدون السير فيه». وأضاف: «على كل الدول تقبل نتائج هذا الاستفتاء».

وإذا كانت غالبية الناخبين تعيش في العاصمة ستانلي، فإن سكان المناطق النائية يمكنهم التصويت بفضل مكاتب اقتراع نقالة على متن سيارات رباعية الدفع أو عبر طائرة. وبدأت الاحتفالات بعد إعلان النتائج، وقال باري ايلسبي أحد النواب المحليين: «هناك احتفالات ضخمة هنا. لقد تجمع مئات الأشخاص أمام الكاتدرائية وهم يغنون ويلوحون بالإعلام».

ورحبت الحكومة المحلية الأحد بنسبة المشاركة الكثيفة في اليوم الأول من الاقتراع الذي لم يكن هناك من شك في أن مؤيدي البقاء ضمن السيادة البريطانية سيفوزون فيه. لكن الاستفتاء لم يثر اهتماما إعلاميا في بريطانيا، حيث خصصت الصحف مقالات مقتضبة فقط في صفحاتها الداخلية لهذا الاستفتاء الذي جرى على بعد نحو 13 ألف كيلومتر من سواحلها.

وجرى الاقتراع بمباركة الحكومة البريطانية التي تسيطر على الأرخبيل منذ عام 1833، وترفض أن تأخذ في الاعتبار مطالب الأرجنتين التي تدين الأهداف الاستعمارية للندن.

وأكدت الأرجنتين التي تشدد على حقها التاريخي في الجزر التي تبعد 400 كيلومتر عن سواحلها مسبقا أنها ستتجاهل نتائج استفتاء «غير شرعي». وهي تؤكد أن سكان الجزر هم «أشخاص تم توطينهم» من قبل البريطانيين، وبالتالي لا يمكنهم المطالبة بحق تقرير المصير.

إلا أن ايلسبي اعتبر أن «الهدف من الاستفتاء هو أن ننقل للعالم آراء الناس، ولا يهمنا ما تعتقده الأرجنتين، لأن بقية الدول لن تتجاهل هذا الأمر». وأضاف هذا الطبيب البالغ 57 عاما، الذي جاء إلى فوكلاند في عام 1990: «أنا فخور جدا بما نقوم به اليوم».

وفي الوقت الذي تطالب فيه اللجنة الخاصة للأمم المتحدة من أجل إلغاء الاستعمار باستئناف المفاوضات بين بريطانيا والأرجنتين لتسوية الخلاف بينهما، يأمل سكان الأرخبيل بأن يساهم الاستفتاء في دعم قضيتهم.

وتجنبت الولايات المتحدة، مثلا، تأييد أي من الجانبين في الخلاف على الرغم من علاقاتها المقربة مع بريطانيا.

وفي العاصمة ستانلي، رفعت أعلام بريطانيا وفوكلاند فوق المنازل، بينما بدأ ناشطون أرجنتينيون بعد ظهر الاثنين بمحاولة جمع مليون توقيع على عريضة تطالب ببدء حوار بين بيونس آيرس ولندن حول فوكلاند.

وفي عام 2012، أثارت الذكرى السنوية الـ30 للحرب بين بريطانيا والأرجنتين حول الأرخبيل، التي أوقعت أكثر من 900 قتيل، توترا جديدا بين البلدين. وشكل اكتشاف حقول للنفط في أواخر تسعينات القرن الماضي عاملا زاد من الاهتمام بهذا الأرخبيل البالغ عدد سكانه 2500 نسمة، وحيث ينتشر 1300 جندي.

وأشرف مراقبون دوليون خصوصا من أميركا اللاتينية على مراقبة حسن سير الاستفتاء، واعتبروا أنه كان «حرا ومنصفا». إلا أن الأرجنتين بقيت على موقفها بأن الاستفتاء غير شرعي. وقالت سفيرة الأرجنتين في لندن اليسيا كاسترو: «إنها مناورة لا قيمة شرعية لها.. لم توجه الأمم المتحدة دعوة إليها». وتابعت أمام وسائل إعلام أرجنتينية: «نحن نحترم أسلوبهم في العيش وهويتهم وأنهم يريدون البقاء رعايا بريطانيين، لكن الأرض التي يقيمون عليها ليست بريطانية». وكانت ممثلة الحكومة البريطانية في فوكلاند سوكي كاميرون لمحت إلى إمكانية أن يصبح الأرخبيل مستقلا في أحد الأيام. وقالت سوكي كاميرون الأحد لشبكة «سكاي نيوز»: «يمكن أن يتم ذلك في غضون 50 أو 70 أو 100 عام، لكننا في الوقت الحالي راضون تماما عن علاقتنا مع بريطانيا».