حكومة المالكي تجتمع لأول مرة في غياب الوزراء الكرد.. وزيباري: مستعدون للانسحاب

برهم صالح يؤكد أن «الخيارات باتت مفتوحة برمتها».. وائتلاف دولة القانون يعتبر الغياب «مؤشرا خطيرا»

TT

وصف الدكتور برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني الوضع السياسي الحالي في العراق في ظل تفاقم الأزمة بين بغداد وأربيل بأنه «لم يعد قابلا للقبول، وأن استمرار حالة التهميش والإقصاء سيكون له تداعيات في غاية الخطورة على مستقبل العراق وسلامة عمليته السياسية»، مشيرا إلى «أن قيادة كردستان ستواصل مشاوراتها خلال الأيام القليلة القادمة لحسم الأمور، وأن جميع الخيارات باتت مفتوحة الآن».

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها صالح على هامش رعايته للملتقى السياسي الأول المنعقد بالجامعة الأميركية في السليمانية أمس وحضرته «الشرق الأوسط»، حيث أكد نائب طالباني «نحن لدينا مشكلة كبيرة مع بغداد، وهذه المشكلة ليست محصورة بين قيادة كردستان والحكومة الاتحادية فحسب، بل أصبحت مشكلة نظام الحكم برمته، فبعد عشر سنوات من سقوط النظام الديكتاتوري السابق يواجه العراق أحد أهم وأكبر الأزمات السياسية التي لا يمكن لأي طرف سياسي أن يسكت عنها، فاستمرار حالة التهميش والإقصاء للمكونات بما فيها المكون الكردي لم يعد قابلا للتحمل، وأن الشعب الكردي بعد كل هذه المعاناة والتضحيات الكبيرة التي قدمها من أجل بناء العراق الجديد القائم على الشراكة الوطنية والتوافق السياسي سوف لن يقبل باستمرار هذا الوضع الخطير وتهديد العملية الديمقراطية في العراق الجديد الذي قدم العراقيون والشعب الكردي دماء غزيرة لبنائه على أنقاض الديكتاتورية».

وأضاف صالح «نحن الآن في القيادة الكردية في طور التشاور مع الأطراف السياسية العراقية الأخرى، بعد أن استكملنا مشاوراتنا مع الكتل الكردستانية وممثلينا في بغداد من الوزراء وأعضاء البرلمان، وسنبحث مع حلفائنا في الأطراف الأخرى جميع الخيارات لتي أصبحت برمتها مفتوحة أمامنا بعد التصعيدات الأخيرة من قبل الحكومة الاتحادية، وسنعمل معا من أجل البحث عن الموقف اللازم للتعامل مع هذه التهديدات التي تستهدف التجربة الديمقراطية في العراق». وحول الموقف الكردي وما إذا كان يساعد على مواجهة كل الاحتمالات في المواجهة مع بغداد، قال صالح «نحن في كردستان لدينا موقف موحد إزاء التطورات الأخيرة، لا والكل هنا متفقون على ضرورة التعامل بحزم مع تلك التهديدات، والآن جاء الوقت لنتشاور مع الأطراف السياسية الأخرى حول الموقف المطلوب لأن تلك التهديدات لا تستهدفنا نحن فقط بل جميع المكونات والقوى السياسية بالعراق».

من جانبه أكد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي العائد مع بقية زملائه من الوزراء الكرد إلى إقليم كردستان أن قيادة الإقليم ستعقد اليوم اجتماعا آخر لتدارس الموقف «وستدخل في مرحلة قريبة بمشاورات أخرى مع الكتل والأطراف العراقية الأخرى لبحث المشكلة العراقية، ونحن الوزراء استدعينا إلى كردستان للتشاور فحسب، وليس هناك أي قرار حاليا بالانسحاب أو تجميد نشاطاتنا في بغداد». وأضاف زيباري «نحن على استعداد للانسحاب من بغداد إذا صدرت الأوامر من قيادة الإقليم بهذا الشأن».

لأول مرة منذ بدء العملية السياسية الحالية في العراق بعد عام 2003 والتي بنيت على أساس مفهوم «التحالف الاستراتيجي» بين الكرد والشيعة انعقد مجلس الوزراء العراقي أمس في غياب تام للوزراء الكرد.

وفيما سبق للقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أن انسحبت من الحكومة أو علقت عضويتها فيها فضلا عن عدم وجود إجماع داخل القائمة على الالتزام بقرارات الانسحاب والتعليق مثلما هو حاصل الآن والمتمثل بعودة وزيري الكهرباء عبد الكريم عفتان والدولة لشؤون المحافظات طورهان المفتي الذي يدير وكالة وزارة الاتصالات بعد استقالة وزيرها محمد علاوي، فإن غياب الوزراء الكرد مع اقتراب الذكرى العاشرة للغزو الأميركي للعراق الذي كان بداية شهر العسل الطويل بين التحالفين الكردستاني والشيعي بمسمياته المختلفة (الائتلاف العراقي الموحد قبل عام 2010 والتحالف الوطني اليوم) إنما يعد من وجهة نظر ائتلاف دولة القانون «مؤشرا خطيرا تجاه الديمقراطية في العراق». وقال شاكر الدراجي، عضو البرلمان العراقي عن الائتلاف وعضو الهيئة السياسية للتحالف الوطني، إن «هذا الأمر يعد من وجهة نظرنا سابقة يجب التوقف عندها حيث إنه لا ينبغي أن لا تكون ردود الفعل بهذه الطريقة مع أن الاعتراض على الموازنة أمر غير مبرر طالما أنه جرى بطريقة ديمقراطية». من جهته أكد الدكتور فاضل محمد علي المستشار القانوني لرئيس الوزراء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماع مجلس الوزراء عقد بنصاب كامل حتى مع انسحاب الكرد والعراقية برغم أن هناك وزيرين من العراقية كانا موجودين وهما وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان ووزير الدولة لشؤون المحافظات طورهان المفتي فضلا عن وزير الدفاع وكالة ووزير الثقافة سعدون الدليمي». وأضاف محمد علي أن «الحكومة اتخذت القرارات المناسبة طبقا لجدول الأعمال الرسمي الأسبوعي».

لكن التحالف الكردستاني له رأي مختلف وذلك طبقا لما أعلنه المتحدث الرسمي باسم كتلته البرلمانية مؤيد طيب الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تفسيرا غريبا يجري تداوله الآن في العراق بشأن الأقلية والأكثرية حيث إنه من المعروف أن هذا المفهوم ينسحب على الأحزاب والقوى بحيث نقول: إن هناك أغلبية سياسية أو أقلية سياسية ولا علاقة للمكونات بذلك». وأضاف طيب أن «لدينا شعورا بأن هناك توجها نحو الانفراد والاستئثار بالسلطة تحت ذريعة الأغلبية السياسية التي تعني من وجهة نظرنا تهميش وإقصاء المكون الكردي وبالتالي فإنه عندما يحصل ذلك فإن هناك تجاوزا خطيرا على الدستور وعلى أصل مفهوم الشراكة لأن الكرد مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي وأن الشراكة طبقا هنا لا تقاس بالحجوم».