تأجيل الاجتماع الثاني لبارزاني بالوزراء والنواب الكرد.. وتقارير عن وساطة إيرانية

نائب في المعارضة الكردية: رئيس الإقليم هو المسؤول الأول عن المشكلة الحالية مع بغداد

TT

تأجل الاجتماع الذي كان مقررا أمس بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والوزراء والنواب الكرد في بغداد والذي أشارت توقعات القيادات الكردية إلى أنه سيكون «اجتماع الحسم» لتقرير مصير المشاركة الكردية في العملية السياسية بالعراق على إثر تفاقم الخلافات بين التحالفين الكردستاني والوطني الشيعي جراء تمرير الموازنة الاتحادية.

وأكد مصدر مقرب من رئاسة الإقليم لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع تأجل بسبب توافد الوفود العراقية والعربية والأجنبية المشاركة بمهرجان الذكرى السنوية للقصف الكيماوي لمدينة حلبجة الكردية والذي سينطلق بعد غد.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد أكد أول من أمس في تصريحات صحافية على هامش مشاركته بملتقى السليمانية السياسي لبحث أوضاع المنطقة وتداعيات الربيع العربي أن الكتلة الوزارية تنتظر صدور قرار من رئاسة الإقليم حول الموقف من الانسحاب أو البقاء ضمن التشكيلة الحالية للحكومة الاتحادية، منوها بـأن «الاجتماع الثاني لرئاسة الإقليم والكتلتين الوزارية والبرلمانية سيعقد الأربعاء (أمس) لإصدار الموقف النهائي بهذا الشأن».

لكن مصدرا مطلعا بديوان رئاسة الإقليم أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع «تأجل إلى إشعار آخر بسبب انشغال رئاسة الإقليم بالمهرجان السنوي لحلبجة، حيث هناك كثير من الوفود العراقية والأجنبية المشاركة بذلك المهرجان حجزت مواعيد للقاء رئيس الإقليم، وبالطبع ستكون المباحثات حول الأزمة السياسية الحالية محل نظر واهتمام تلك الوفود أثناء لقائها برئيس الإقليم».

وبسؤاله عن الأنباء التي تحدثت عن وجود وساطة إيرانية لحل الأزمة الناشبة بين التحالفين الكردستاني والوطني الشيعي حول الموازنة الاتحادية أكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن هناك وساطة إيرانية بهذا الصدد، ولكنها ليست الجهة الوحيدة التي تبذل مساعيها لتقريب التحالفين الكردي والشيعي، بل هناك جهود تبذل من قبل كثير من الزعامات والأطراف العراقية لحل الخلافات الناجمة عن إقرار الموازنة الاتحادية للحيلولة دون اللجوء إلى الخيار الأصعب وهو الانسحاب من الحكومة والبرلمان ومن العملية السياسية برمتها، فهناك جهود تبذل حاليا من قبل المجلس الإسلامي الأعلى ومن السيد أحمد الجلبي وحتى من قبل قيادات داخل حزب الدعوة التي أبلغتنا باستعداد الحزب لحل المشكلة عبر تعديل قانون الموازنة أو إصدار ملحق به».

وأكد المصدر: «نحن نكرر هنا أن الأزمة ليست محصورة فقط بالموازنة الاتحادية، فالمشكلة أكبر من ذلك، وكل هذه المسائل متفرعة من أصل الأزمة الأساسية التي تعصف بالعراق، وهي أزمة الحكم، ومحاولات رئيس الوزراء الاتحادي نوري المالكي بتهميش الآخرين والاستئثار بالسلطة وعدم الاستجابة لمطالب الأطراف السياسية، وهذه بمجملها أمور خطيرة تهدد العملية السياسية بالعراق».

واستطلعت «الشرق الأوسط» آراء عدد من القيادات السياسية في كردستان حول احتمال انسحاب الكتلتين الوزارية والبرلمانية من بغداد، فأجمعت الآراء على أن ذلك لن يحدث، وأن ما يجري اليوم لا يعدو سوى ضغوطات كردية للحصول من الحكومة الاتحادية على بعض التنازلات والمكاسب وخصوصا ما يتعلق بالموازنة.

الجدير بالملاحظة أن جميع من استطلعت آراؤهم حول هذا الخيار رفضوا الإفصاح عن أسمائهم لحساسية الموضوع وخصوصا في الظرف الراهن.

وكان الدكتور محمود عثمان، النائب الكردي المستقل في مجلس النواب العراقي قد أعرب عن استغرابه من إمكانية إدارة شؤون الدولة في حال انسحبت الكتلة الكردية من بغداد. وقال في تصريحات نقلتها صحيفة «آوينة» الكردية المحلية إن «الكتلة الكردية تدرس حاليا أوضاعها في بغداد، فإذا تبين أن الكرد لم يعد لهم أهمية بالحكومة التي يرأسها نوري المالكي، عندها ستنسحب الكتلة الوزارية من الحكومة، وبالنتيجة فإن هذه الحكومة ستتعرض إلى الفشل». وأضاف: «إذا لم يكن الكرد والسنة والتيار الصدري مع حكومة المالكي، فكيف سيدير المالكي هذا البلد؟».

في غضون ذلك فشلت محاولة بذلتها كتلة المعارضة بالبرلمان الكردستاني لاستدعاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني لسؤاله عن تطورات الأزمة السياسة الحالية بالعراق.بعد أن أعلنت رئاسة البرلمان أنها ستستضيف نائب رئيس الحكومة عماد أحمد لمناقشته حول تلك التطورات. وقال النائب عبد الله الملا نوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن رئاسة البرلمان أخطأت بإعلان استضافتها لنائب رئيس الحكومة بهذا الشأن، لذلك تراجعت عن تلك الاستضافة أخيرا، وكان الأحرى برئاسة البرلمان أن تستدعي رئيس الإقليم للتباحث معه حول هذه الأمور لكثير من الاعتبارات الأساسية، في مقدمتها أن رئيس الإقليم يعتبر أعلى سلطة تمثل الشعب في إقليم كردستان، وهو الذي يمثل هذا الشعب بالمركز، وكذلك لأنه هو المخول باستدعاء الوزراء والبرلمانيين من بغداد، والأهم من كل ذلك أنه هو بالذات كان وراء تعيين المالكي رئيسا للوزراء وفقا لمبادرته باتفاقية أربيل، وهذا يعني بأنه مسؤول من الناحية القانونية عن جميع هذه المشكلات التي تحدث اليوم، ولذلك طلبنا استضافته بدل نائب رئيس الحكومة الذي لا يملك تلك الصلاحيات.

وبسؤاله عما إذا كان القانون سيجيز ذلك، أكد النائب البرلماني «بالطبع من الناحية القانونية يحق للبرلمان الاستضافة والاستدعاء، ولكن يبدو أن رئاسة البرلمان لم تتجرأ بتوجيه مثل هذا الطلب إلى رئيس الإقليم». وأشار النائب عن كتلة التغيير التي تقود جبهة المعارضة بكردستان إلى أن «قضايانا الخلافية مع بغداد والحكومة الاتحادية بالتحديد لا تنحصر ببعض العوائد أو الاستحقاقات النفطية، بل إن نزاعنا الأكبر هو حول الأرض، أي المادة 140 من الدستور والقضايا المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، وهي بمجملها مناطق مستقطعة من إقليم كردستان، يفترض أن تدور مشكلاتنا مع المركز حول هذه الأمور وليس النفط فقط، وهي المسألة التي تتصارع السلطة بكردستان من أجله مع المركز على حساب بقية المطالب الوطنية والقومية».