استنفار بعد توقيف أحد أنصار الأسير.. وتحذير من التعرض للعلويين

بري: تردي الأوضاع الأمنية يترك انعكاسات كبيرة في كل المجالات والاستحقاقات

TT

«طرق مقطوعة بالإطارات المشتعلة في بيروت وصيدا»، «استنفار حزبي داخل أحياء بيروت» و«انتشار مسلح».. لا تستعيد العبارات السابقة مشهدا بات لبنانيا بامتياز، خلال محطات أمنية سابقة، بل هو اختصار لمشهد عاشه لبنان الليلة قبل الماضية، إثر نداء وجهه إمام مسجد بلال بن رباح، الشيخ أحمد الأسير، لـ«مناصرتنا ودفع المجزرة التي يريدها (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله»، وذلك بعد توقيف الجيش اللبناني أحد أنصار الأسير بسبب عدم حيازته أوراقا رسمية لسيارته في محيط المسجد.

وفي حين كانت ذيول الاستنفار «الأسيري» تلف مدينة صيدا أمس، التي شهدت تحركا احتجاجيا لأنصار الأسير احتجاجا على إجراءات يتخذها الجيش اللبناني في محيط المسجد في منطقة عبرا، قرب صيدا، جنوب لبنان، أطل مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد من جبل محسن، محذرا «مما تتعرض له الطائفة العلوية في طرابلس»، ومهددا أنه «في حال حصل شيء، تأكدوا أني سأجعلكم تنسون شيئا اسمه جبل محسن». وأسهب القيادي العلوي في الحديث عن «تهريب السلاح والمقاتلين إلى سوريا»، قائلا: «في كل يوم نرى استباحة من الأراضي اللبنانية على الأراضي السورية». واعتبر أنه «صنعنا حاضنة لجبهة النصرة والجيش السوري الحر ليضروا لبنان». وبارك عيد «للجميع بالفتنة التي أوصلونا إليها خصوصا في شمال لبنان وعرسال وعبرا (معقل الأسير)، وللشعب اللبناني بقائد الجيش السوري الحر (رياض الأسعد) الذي ينزل في فندق «كوالتي إن» في غرفة (رئيس الحكومة السابق) سعد الحريري.

يظهر «الأمن الهش» في لبنان، جراء الرصد اليومي لتحركات وخطابات مماثلة ومتابعة الصفحات الأمنية في الصحف والمواقع الإلكترونية اللبنانية، حيث بات قطع الطريق وإشعال الإطارات والاستنفار الحزبي والظهور المسلح والتهديد العلني من لزوم «عدة الشغل» عند كل محطة، في ما الأجهزة الأمنية والعسكرية عاجزة عن الضرب بيد من حديد، نتيجة غياب الغطاء السياسي حينا، وخشية من تهديد «السلم الأهلي» أحيانا أخرى.

الواقع الأمني القائم دفع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس إلى التحذير من «هذا الوضع الأمني المتفاقم، ومن بعض المظاهر الخطيرة التي من شأنها أن تمس الاستقرار العام في البلاد». وشدد، وفق ما نقله عنه النواب في لقاء الأربعاء النيابي، على أن «الاستقرار يجب أن يبقى على رأس أولويات اهتمامات المسؤولين»، مشيرا إلى أن «تردي الأوضاع الأمنية يترك انعكاسات كبيرة في كل المجالات والاستحقاقات».

وقال النائب في «كتلة المستقبل» جمال الجراح لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «المشهد الأمني الذي نراه اليوم ناتج عن غياب منطق الدولة وإسقاط هيبتها، لا سيما الأمنية»، مبديا تخوفه من أن «الوضع من الخطورة بمكان، بحيث إذا استمر على حاله سيؤدي إلى إسقاط الدولة بشكل نهائي وتحول البلد إلى مجموعات مسلحة». ورأى أن الحكومة اللبنانية تقف اليوم عاجزة، إذ إنها عبارة عن حكومات، وكل وزير «يفتح على حسابه»، مشددا على أن «الأطراف المشاركة في الحكومة يقف عناصرها ومقاتلوها ضد الأجهزة الأمنية ولولا الغطاء الذي يوفره السلاح لما استطاعوا التصدي للأجهزة الأمنية».

وحمل «حزب الله» مسؤولية «الانفلات الحاصل في البلد، بسبب حيازته السلاح على المناطق اللبنانية كافة واستعماله في الداخل اللبناني». ورأى أنه «إذا استعرضنا الأحداث الأمنية الكبرى، من إسقاط طائرة النقيب سامر حنا، مرورا بأحداث 7 مايو (أيار) ومقتل العسكريين في البقاع إلى الكبتاغون والأدوية الفاسدة والخطف مقابل الفدية، نجد أن كل هذه المحطات أسهمت في إسقاط سلطة الدولة، ولذا نرى ما نراه اليوم جنوبا وشمالا وبقاعا».

وأعرب الجراح عن اعتقاده بأن حالة التسيب الحاصلة مرتبطة بانتشار السلاح تحت عناوين عدة، أبرزها المقاومة، وعدم ملاحقة المجرمين، خصوصا أن المتهمين باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري يسرحون ويمرحون تحت سطوة السلاح.

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد نقلت عن مصادر أمنية قولها أمس إن «شبانا قطعوا بعض الطرق في بيروت ومناطق أخرى في شمال لبنان قبل منتصف الليلة قبل الماضية تضامنا مع الشيخ أحمد الأسير». في حين أوردت صفحة الأسير الرسمية على موقع «فيس بوك» إن «اللواء الثامن من الجيش اللبناني الذي طوق مسجد بلال بن رباح، وأقام ثكنة عسكرية حوله، قرر الآن حسب ما هددنا اقتحام المسجد بحجة سحب الشيخ عاصم محرم العارفي الذي ارتكب مخالفة سير». وأضافت الصفحة: «الوضع متوتر جدا الآن والشيخ الأسير يدعو جميع الشرفاء في لبنان لمناصرتنا ودفع المجزرة التي يريدها (الأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصر الله أن تحدث في بيت الله الآن».

وأشار المصدر الأمني إلى أن توقيف العارفي جاء بسبب قيادته سيارة تحمل رقما مزورا، وخلال التحقيق معه، استنفر أنصار الأسير في المسجد القريب من المكان وتجمعوا حول حاجز الجيش وسحبوا الشاب إلى داخل المسجد. وذكر أن الجيش طالب المتجمعين داخل المسجد بتسليم العارفي لاستكمال التحقيق، فيما بثت صفحة الأسير الخبر على «فيس بوك».

في المقابل، قال مدير مكتب الأسير، الشيخ أحمد الحريري، إن الأسير دعا اللبنانيين للتظاهر «بسبب الحصار الأمني المطبق من قبل الجيش اللبناني على مداخل المسجد»، لافتا إلى أن «هذا الحصار لم يحدث في تاريخ مساجد السنة في لبنان حتى أيام الاحتلال الإسرائيلي».