بيونغ يانغ تنتقل من التهديد إلى تكثيف الطلعات الجوية

كوريا الشمالية تؤكد إلغاء الهدنة.. وتزايد قلق السكان في الجنوب

TT

أكدت كوريا الشمالية أمس أنها ألغت معاهدة الهدنة التي أنهت الحرب الكورية عام 1953 محذرة من أن الخطوة المقبلة ستكون ردا عسكريا «لا هوادة فيه» ضد أعدائها. وفيما تزايد قلق السكان في الجنوب، خشية إقدام الشمال على تنفيذ تهديداته، قالت مصادر كورية جنوبية غير رسمية أمس إن الشمال كثف الطلعات الجوية في المنطقة، تزامنا مع انطلاق التدريبات العسكرية بين القوات الكورية الجنوبية ونظيرتها الأميركية يوم الاثنين.

وأصدرت وزارة القوات المسلحة الكورية الشمالية أمس بيانا مطولا تضمن تهديدات إضافية بعد تلك التي وجهتها بيونغ يانغ في الأيام الماضية ما رفع التوتر في شبه الجزيرة الكورية إلى أعلى مستوياته منذ سنوات. وقال البيان إن «تهديدات الحرب» الفعلية صادرة من الولايات المتحدة والنظام «الدمية» في سيول. وقال متحدث باسم الوزارة «يجب أن يعلموا جميعا أن معاهدة الهدنة لم تعد سارية وأن (كوريا الشمالية) لم تعد ملتزمة بإعلان عدم الاعتداء بين الشمال والجنوب» و«ما يتبقى الآن للقيام به هو تحرك عادل ورد لا هوادة فيه من جيش وشعب كوريا الشمالية».

وكانت كوريا الشمالية أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستلغي معاهدة الهدنة واتفاقيات السلام الموقعة مع سيول احتجاجا على المناورات المشتركة الكورية الجنوبية والأميركية التي بدأت الاثنين. ونظرا لأن الحرب الكورية انتهت عام 1953 باتفاقية هدنة وليس معاهدة سلام فإن الكوريتين لا تزالان تقنيا في حالة حرب.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت على الهدنة فيما نددت الأمم المتحدة وكوريا الجنوبية بانسحاب كوريا الشمالية الأحادي منها. وقال الناطق باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن «بنود اتفاقية الهدنة لا تسمح لأي من الطرفين أن يعفوا أنفسهم منها من جانب واحد».

وكانت كوريا الشمالية هددت أيضا بشن ضربة نووية ضد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ردا على العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن الدولي بعدما أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية الثالثة.

وفيما قلل خبراء من أهمية التهديدات فإن هناك مخاوف شديدة من أن تحاول كوريا الشمالية القيام بنوع من استفزاز عسكري في الأسابيع المقبلة. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» أمس عن مصدر عسكري قوله: إن المقاتلات الكورية الشمالية قامت في الأيام الماضية بعدد «لا سابق له» من الطلعات الجوية في رد محتمل على المناورات العسكرية المشتركة الأميركية - الكورية الجنوبية في جنوب شبه الجزيرة. وقال مصدر عسكري في سيول للوكالة إن عدد الطلعات «بلغ مستوى لا سابق له». وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أن عدد الطلعات التي قامت بها المقاتلات الكورية الشمالية ومروحيات عسكرية بلغ 700 الاثنين في اليوم الأول من المناورات المشتركة في الجنوب. ورفضت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية تأكيد هذه المعلومات لكنها كررت القول: إن بيونغ يانغ تقوم بتدريبات عسكرية قبل إطلاق مناورات على كل أراضيها.

وبدأت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة (التي تنشر 28500 جندي في أراضي كوريا الجنوبية) الاثنين أسبوعين من المناورات التي أطلق عليها اسم «كي ريزولف». وهي مناورات فرضية في القسم الأكبر منها، لكنها تعبئ آلاف الجنود (عشرة آلاف جندي كوري جنوبي و3500 أميركي).

وأفاد مركز دراسات «آيجان إنستيتوت» الذي يجري كل سنة استطلاعات الرأي العام الوطني أن نسبة الكوريين الجنوبيين الذين يظنون أن حربا كوريا ثانية محتملة ارتفعت من 40% في عام 2010 إلى 59% خلال عام 2012. وقال كارل فيدهوف المحلل في هذا المعهد «ربما ليست الردود ظاهرة لكن الخوف من الخطر الكوري الشمالي حقيقي ومتزايد». وكان 7.8% من سكان الجنوب يضعون العلاقات بين البلدين الشقيقين العدوين في مقدمة اهتماماتهم في يناير (كانون الثاني). لكن هذه النسبة بلغت الضعف أي 15.4% بعد التجربة النووية الثالثة في 12 فبراير (شباط) الماضي.

وقالت بارك سو - مي، 38 سنة، الموظفة في مكتب محاماة في سيول «لم أكن قلقة حقا حتى الآن، لكن الناس ما انفكوا يقولون: إن هذه المرة تختلف، حتى أن أحد أصدقائي يظن أن علينا أن نسحب أموالا من المصارف نقدا تحسبا لهجوم من الشمال». وأضافت أن «أمي التي تسكن في كندا تتصل بي يوميا وتسأل عن حالي».

وينتاب القلق خصوصا سكان الجزر الخمس الواقعة عند الخط البحري الفاصل بين البلدين الذي تطعن فيه بيونغ يانغ، والتي نشرت سيول في كل منها قوات عسكرية وبنت ملاجئ محصنة للمدنيين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 قصفت بيونغ يانغ جزيرة يونبيونغ القريبة من الحدود البحرية ما أسفر عن مقتل مدنيين وجنديين. وأشار قائد كوريا الشمالية الشاب كيم جونغ إيل أول من أمس إلى جزيرة باينغنيونغ الصغيرة مؤكدا أنها ستكون أول أهدافه إذا اندلع النزاع. وفي الجزيرة نحو خمسة آلاف مدني والكثير من الوحدات العسكرية.