الحكومة المغربية تطلق أول مبادرة لمنح المجتمع المدني الحق في الرقابة والتشريع

ابن كيران: منطق الصراع والتنازع بين الإدارة والمواطن انتهى

TT

أطلقت الحكومة المغربية أمس (الأربعاء) حوارا موسعا حول دور المجتمع المدني، وهو أول مبادرة من نوعها تهدف إلى تمكين الجمعيات والمنظمات غير الحكومية من المساهمة في مراقبة وتقييم السياسات العامة وكذا منحها الحق في اقتراح قوانين على البرلمان، وتقديم العرائض الشعبية.

وأسندت رئاسة لجنة «الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية» الذي تشرف عليه الوزارة المكلفة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إلى مولاي إسماعيل العلوي، وزير التعليم والفلاحة الأسبق، والأمين العام الأسبق لحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة. وستستمر اللجنة في عملها على مدى عام تنظم خلاله ندوات محلية، ثم ندوة دولية وجلسات استماع للجمعيات واستقبال مذكراتها لتسدل الستار بمناظرة حول الموضوع.

وفي هذا السياق، قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية خلال الجلسة الافتتاحية لإطلاق الحوار التي حضرها جل أعضاء الحكومة، إن الهدف من الحوار هو منح دور أكبر للمجتمع المدني، وتوسيع التشاور مع المواطنين، تنفيذا لما نص عليه الدستور الجديد الذي جاء في سياق الحراك الاجتماعي الذي عرفته البلاد، مشيرا إلى وجود اختلالات في علاقة الإدارة بالمواطن تجعل بينهما فراغا يتسبب في إفشال كثير من السياسات العامة للحكومة في ظل غياب الدور الرقابي للمواطنين.

وقال ابن كيران «إن منطق الصراع والتنازع بين الإدارة والمواطن انتهى»، مشددا على أهمية بناء وتجديد الثقة بين المؤسسات والمواطنين.

من جهته، دعا كريم غلاب، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إلى إعادة النظر في علاقة المجتمع المدني بالمؤسسات المنتخبة من علاقة تقليدية تنحصر في دعوة الجمعيات إلى الندوات واللقاءات، إلى علاقة مهنية منتظمة حتى يتسنى للمجتمع المدني أن يقوم بأدواره الجديدة في مجال التشريع والمراقبة والدبلوماسية الموازية، بيد أن غلاب نبه إلى أنه على قدر أهمية إشراك الجمعيات في التعبير عن مواقفها وتقديم اقتراحات بشأن السياسات العامة، إلا أن سلطة القرار تظل في يد الحكومة والبرلمان.

وأوضح غلاب أنه «مضى الزمن الذي كان ينظر فيه إلى المواطن على أنه متفرج أو متلق صامت، أو مجرد صوت انتخابي».

واعتبر الحبيب الشوباني، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الجمعيات والمنظمات المدنية «ثروة من أهم ثروات البلاد»، مشيرا إلى أن عدد الجمعيات في المغرب يصل إلى نحو 93 ألفا، ويزداد عددها بمعدل 10 في المائة سنويا. وهذه الجمعيات في حاجة إلى تأهيل وتثمين شامل لدورها.

وقال الشوباني إن الحوار الوطني سيتناول أيضا موضوع الحكامة والديمقراطية داخل هذه الجمعيات ووضعية العاملين بها، والدعم المالي المقدم لها سواء من الداخل أو الخارج.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الحالية تعهدت بإعادة النظر في طريقة منح الدعم المالي الذي تتلقاه الجمعيات العاملة في مختلف المجالات، حيث أصبح الدعم مشروطا بما تحققه الجمعيات من إنجازات على أرض الواقع، كما أن طرق صرف الأموال من قبل الجمعيات أصبحت تخضع للمحاسبة خلافا لما كان عليه الأمر في السابق.ولوحظ أيضا أن عددا محدودا من الجمعيات كانت تستفيد من النسبة الأكبر من الموارد المالية على حساب جمعيات أخرى. وفي المقابل اعتبر البعض أن مبادرة الحكومة لتقنين عمل الجمعيات هدفه بسط هيمنتها عليها ومراقبتها، الأمر الذي قد يهدد استقلاليتها، وهو ما تنفيه الحكومة.

وستشارك في هذا الحوار أيضا جمعيات المهاجرين المغاربة في الخارج، وباحثون وأكاديميون، كما ستتم الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال تقديم الملتمسات التشريعية والعرائض الشعبية من قبل المنظمات غير الحكومية.