على الرغم من أن المسافة بين مخيم المغازي للاجئين، وسط القطاع، ومدينة غزة لا تتجاوز 12 كيلومترا، فإن إيناس حسين، 19 عاما، أمضت نحو نصف ساعة في سيارة الأجرة التي كانت تقلها من المخيم إلى المدينة، حيث تدرس في إحدى الجامعات هناك، ودخلت قاعة المحاضرات بعد مضي عشر دقائق على بدئها.
باتت الاختناقات المرورية في مدينة غزة تشكل عائقا حقيقيا أمام قدرة الناس في غزة على أداء مهامهم والوفاء بالتزاماتهم. فمنظومة الطرق في القطاع، وتحديدا المؤدية إلى مدينة غزة، لا تسمح بانسياب حركة المواصلات المتجهة إلى المدينة والخارجة منها، لا سيما في ظل وجود عدد كبير من المركبات، وبسبب تركز معظم المؤسسات والمرافق التي يحتاج إليها المواطنون الفلسطينيين في المدينة، من جامعات وإدارات حكومية ومستشفيات. ومما زاد الأمور تعقيدا وجود بعض أعمال البنى التحتية التي تتم على جنبات الطرق، مما يفاقم الأزمة.
وأثرت الأزمة على ظروف العمل وأنماط الحياة للأهالي في القطاع. ويحاول أسامة الحسن (49 عاما)، الذي يقطن في المنطقة الوسطى من القطاع ويعمل مدرسا في مدينة غزة، العثور على سيارة أجرة تقله إلى مكان عمله قبل ساعة من موعد الدراسة، حتى لا يتأخر. وقال أسامة لـ«الشرق الأوسط» إن ساعتين من الوقت تذهبان هدرا بسبب الاختناقات المرورية الكبيرة، لا سيما في منطقة قلب مدينة غزة، وحي الشجاعية.
وهناك الكثير من أهالي من القطاع الذين يعيشون خارج المدينة ويضطرون في الكثير من الأحيان إلى تأجيل تنفيذ التزاماتهم التي تتطلب وجودهم في المدينة، ويقومون بتجميعها لأدائها مرة واحدة في يوم واحد.
أحد هؤلاء هو غسان أبو سمحة، 49 عاما، الذي يؤجل أي التزام له لليوم الذي يضطر فيه إلى التوجه للحصول على راتبه من البنك، فيستغل ذلك في شراء ما تحتاج إليه عائلته، وزيارة بعض أصدقائه في المدينة.
وبسبب حدة الاختناقات المرورية فإن حكومة غزة تدرس تشغيل خط بحري لنقل المواطنين في محاولة للتخفيف من الازدحام، وكشف وزير النقل والمواصلات في الحكومة المقالة أسامة العيسوي أن وزارته تعكف على دراسة عدة أفكار للتخفيف من الازدحام المروري، من بينها تشغيل خط عبر البحر. وأوضح العيسوي خلال لقائه وفدا من جمعية الصيد البحري برئاسة محفوظ الكباريتي أن فكرة النقل البحري «ستتم عبر استخدام وسائل النقل الآمنة».
وتراهن الوزارة على أن يسهم النقل البحري في تشجيع السياحة البحرية، ولكن تحويل هذه الفكرة إلى التطبيق العملي يتطلب أولا إيجاد ميناء يسمح برسو السفن واستقبال الركاب، بالإضافة إلى ضرورة توفر قوارب قادرة على نقل الركاب بأكبر قدر ممكن من الأمن.